أوضح التقرير الاسبوعي لبنك الكويت الوطني حول أسواق النقد ان البيانات الاقتصادية الأخيرة وضعت مجلس الاحتياط الفدرالي في حيرة حيث أظهر بعضها تباطؤاً في الاقتصاد وأظهر البعض الآخر ان الضغوط التضخمية تتزايد.
وأشار التقرير الى أن مجلس الاحتياطي قد يميل نحو رفع الفائدة بوتيرة أسرع.
وأشار التقرير الى عدم احتمال رفع "المركزي" الأوروبي لأسعار الفائدة هذا الصيف كما اشار الى ارتفاع التضخم بحدة في المملكة المتحدة. وتالياً التقرير.
الولايات المتحدة
وضعت البيانات الاقتصادية الأخيرة مجلس الاحتياط الفدرالي في حيرة. فمن ناحية، أظهرت بعض البيانات بوضوح أن الاقتصاد يتباطأ. ومن ناحية أخرى، كانت الضغوطات التضخمية تتزايد. ونظرا لالتزامه بالحفاظ على ثبات الأسعار، فقد يميل مجلس الاحتياط الفدرالي نحو رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع. ولكن التباطؤ الحالي قد يصبح أكثر رسوخا إذا ما تم رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع.
وقد سلّم مؤخرا ويليام بول وجانيت يلين، رئيسا مجلس الاحتياط الفدرالي لسانت لويس وسان فرانسيسكو على التوالي، أن الاقتصاد مرّ بفترة "تراخٍ" في شهر مارس/ آذار. ولكن البيانات التي صدرت حديثا الأسبوع الماضي لا تزال متباينة. فقد انخفضت الطلبات الأولية لإعانة البطالة بمقدار 36،000 لتصل إلى 296،000 الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول 2001. وعلى صعيد آخر، أفاد مجلس الاحتياط الفدرالي لفيلادلفيا بأن مؤشره الخاص بأوضاع التصنيع في فيلادلفيا ارتفع بسرعة من 4،11 في شهر مارس، وهو أدنى مستوى له منذ 20 شهرا، إلى 3،25 في شهر أبريل/ نيسان، علما بأن أي رقم فوق الصفر يشير إلى اتساع في النشاط الصناعي في فيلادلفيا.
ومع ذلك، قال آلان جرينسبان، رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، في تعليقه الوحيد على الاقتصاد الحالي خلال جلسة استماع في الكونغرس حول السياسة الخاصة بالميزانية، إن النشاط الاقتصادي يبدو أنه يتوسع بمعدل جيد بشكل معقول.
ويعتبر هذا التعليق أقل حماسة من "المعدل القوي" الذي أشار إليه مجلس الاحتياط الفدرالي في بيانه الذي أعقب اجتماع السياسة النقدية في 22 مارس. وعلى صعيد آخر، أفاد مجلس المؤتمرين بأن مؤشره الخاص بالمؤشرات الاقتصادية الطليعية انخفض من 4% في شهر مارس، بعد أن ارتفع بنسبة 1% في شهر فبراير/ شباط. وقد سجلت سبعة أشهر من عشرة انخفاضا في هذا المؤشر، فيما كان النمو الاقتصادي قويا تقريبا بشكل موحد.
وربما تكون بيانات التضخم هي أكثر ما يبعث على القلق في البيانات الاقتصادية.
فقد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 6% في شهر مارس، مسجلة أكبر ارتفاع منذ شهر أكتوبر، وسط ارتفاع سريع في أسعار البنزين والمساكن، ما شكل مفاجأة لوول ستريت وحقق مخاوف مجلس الاحتياط الفدرالي من أن التضخم في تصاعد.
وارتفع المؤشر الرئيسي المراقب عن كثب، والذي لا يشمل المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 4% - وهي النسبة الأعلى منذ سنتين ونصف.
ولولا تراجع مبيعات التجزئة الأمريكية وتراجع بناء المساكن وانخفاض أسعار الأسهم بعد الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياط الفدرالي، لتوقع الكثيرون أن يرفع مجلس الاحتياط الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الثالث من مايو. وحتى "الكتاب البيج" أشار إلى أن العديد من المناطق في الولايات المتحدة أفادت "بارتفاع ضغوط الأسعار" مؤخرا، وإلى أن الشركات كانت قادرة على تمرير بعض من ارتفاع التكلفة إلى العملاء. وبالتالي، سيكون الاجتماع المقبل الخاص بالسياسة النقدية اجتماعا صعبا.
أوروبا
بقي التضخم في منطقة اليورو في شهر مارس فوق المستوى المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة. وقالت وكالة الاحصاءات في الاتحاد الأوروبي يوروستات إن أسعار المستهلك في الدول الاثنتي عشرة التي تستخدم اليورو ارتفع بنسبة 7% عن شهر فبراير وبنسبة 1،2% عن شهر مارس 2004. ولكن الأهم من ذلك هو التضخم الرئيسي، الذي ارتفع بنسبة 7% شهريا و6،1% سنويا إذا ما استثنينا الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية والكحول والتبغ.
وفي تلك الأثناء، تراجعت الثقة بالاقتصاد الألماني، وهو الاقتصاد الأكبر في منطقة اليورو، بشكل حاد في شهر أبريل/ نيسان بسبب ضعف بيانات طلبات التصنيع وتزايد الإشارات إلى تراجع النشاط العالمي.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة طغ للدراسة والمشورة تراجع التوسع الاقتصادي من 3،36 نقطة في شهر مارس إلى 1،20 نقطة في شهر أبريل، وذلك بعد ارتفاعه لأربعة أشهر على التوالي، ما يعيد المؤشر المراقب بدقة إلى مستويات شهدناها في ربيع العام ،2003 ويشير إلى أن وتيرة انتعاش الاقتصاد في ألمانيا ستتباطأ في المدى المتوسط.
وفي ضوء ما تقدم، سيؤجل البنك المركزي الأوروبي غالبا رفع أسعار الفائدة إلى ما بعد فصل الصيف.
المملكة المتحدة
يقترب تضخم مؤشر سعر المستهلك في المملكة المتحدة من السعر المستهدف لبنك إنجلترا والبالغ 2% وارتفع مؤشر سعر المستهلك بنسبة 4% في شهر مارس، ليبلغ المعدل السنوي للتضخم 9،1% وكان معدل التضخم الرئيسي أعلى بكثير مما توقع المحللون.
وفي غضون ذلك، عمل رقمان من البيانات الاقتصادية على إبطال اعتبارات بنك إنجلترا لرفع مبكر في أسعار الفائدة، أحدهما نمو سعر المساكن في المملكة المتحدة في شهر مارس والذي انخفض إلى معدل -37%، ما يشير إلى عدم تحقق أي أمل بانتعاش مبكر، وثانيهما هو الانخفاض المفاجئ في مبيعات التجزئة والذي انخفض بنسبة 1% عن شهر فبراير/ شباط و2،7% سنويا، ما يشكل أدنى نمو منذ شهر أغسطس 2003. وكانت لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا تتوقع أن يرتفع الطلب الاستهلاكي. وفي محاضر اجتماع شهر أبريل التي صدرت في الأسبوع الماضي، قالت اللجنة إن "النمو الاستهلاكي قد يرتفع بعد الضعف الذي شهده بعيد بدء العام الجديد". ولكن البيانات أظهرت أن المسار الإجمالي لايزال ضعيفا.
ويشكل الناتج المحلي الإجمالي عزاء، إذ لا يبدو أنه تأثر بتراجع الطلب الاستهلاكي في الربع الأول من العام 2005.
وبلغ التقدير الأولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول 0،6%، مقارنة بنسبة 0،7% في الربع الرابع من العام 2004. ويعوض النمو القوي في قطاعي الخدمات والحكومة الانخفاض في ناتج الصناعات الإنتاجية، بانخفاض قدره 0،1% في الربع الأول بعد انخفاض مماثل في الربع الرابع من العام 2004.
اليابان
تقلص فائض تجارة السلع الياباني في شهر مارس بنسبة 2% مقارنة بعام خلا ليبلغ 1،12 تريليون ين (48،10 مليار دولار)، مسجلا تراجعا للشهر الثالث على التوالي. وارتفعت الصادرات بنسبة غير معدلة بلغت 2،6% عن سنة خلت، فيما ارتفعت الواردات بنسبة 8،7% وعززت هذه الأرقام رأي الحكومة بأن الصادرات في تراجع، وقد يشجع ذلك بنك اليابان على تخفيض تقديره للصادرات في وقت قريب.
وتنامى العجز التجاري في السنة المالية مع الصين بنسبة 24% ليصل إلى 54،2 تريليون ين. وازدادت الصادرات إلى الصين بنسبة 1،16% لتبلغ 09،8 تريليون ين، ولكن الارتفاع البالغ 9،17% في قيمة الواردات الصينية بمقدار 63،10 تريليون ين قد فاق هذه الصادرات. وتجاوزت تجارة اليابان الإجمالية مع الصين في العام التجارة مع الولايات المتحدة، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق في أي سنة مالية.
ويعتبر ذلك مثيرا للسخرية لأن العلاقات بين اليابان والصين تدهورت مؤخرا لأسوأ مستوى لها منذ تطبيع العلاقات الدبلوماسية أوائل السبعينات، وذلك بسبب نزاعات على الأراضي وخلافات حول نظرة اليابان للتاريخ. ويعتقد بعض متداولي الصرف الأجنبي أن تدهور العلاقات هذا قد يضغط على أسعار صرف الين.
وإذا ما تأثرت التجارة، فإن التراجع الاقتصادي سيضر البلدين.
ولكن تم نزع فتيل التوتر بين الصين واليابان في نهاية الأسبوع، إثر اعتذار رئيس الوزراء الياباني عما قامت به بلاده خلال الحرب العالمية الثانية. وإضافة لذلك، توجد حجة مهمة أخرى معادلة تبدو أكثر اعتبارا.
فالضغط على الصين لإعادة تقييم عملتها تنامى مؤخرا، حيث جاهر الرئيس بوش ورئيس مجلس الاحتياط الفدرالي جرينسبان برأيهما حول هذه المسألة، وإن حصل ذلك، فإن الين سيرتفع. والسؤال هو ما إذا كانت الصين سترضخ لمثل تلك الضغوط.
الخليج-الامارات
25-4-2005