تحقيق ـ مريم محمد النعيمي:
حتى وقت قريب كان الحديث عن عالم المال والأعمال وسوق الأٍسهم والأوراق المالية، حكرا على الرجال، ولكن مع انتشار حمى ارتفاع أسعار الأسهم وارتفاع حجم التداول خلال هذه الفترة والإقبال الشديد على سوق الأسهم وعالم الثراء السريع، حتى سيطر الحديث عن الأسهم على أغلب مجالس النساء•• البعض اعتبر هذا التحول انعطافا إيجابيا في حياة المرأة المواطنة، فبدلا من إضاعة الوقت في القيل والقال والنميمة والمكالمات الهاتفية، انشغلت المرأة المواطنة اليوم بسوق الأسهم، وأصبحت تتناقش في هذا الموضوع شأنها شأن الرجال، وزادت الرغبة لديها في دخول مجال سوق الأسهم، سعيا وراء الثراء السريع، وربما لأن هذا المجال هو فضاء رحب تجد فيه المرأة ذاتها، في عالم نابض بالحياة الجميلة التي تتمناها كل امرأة•
السؤال الذي يدور على كل لسان اليوم هو: هل حقا أثبتت المواطنة وجودها في سوق الأسهم؟ ومن الذي يقف خلفها ويؤديها بقوة لاقتحام هذا العالم المليء بالعجائب؟•• أسئلة كثير في هذا الإطار طرحناها على المعنيين بالأمر، فكانت الإجابات مثيرة على اختلافها•
العائلة شجعتني
- تقول أم آمنة أنني دخلت سوق الأسهم من سنة ونصف السنة فكانت والدتي وكل أفراد عائلتي وراء تشجيعي ودخولي لسوق الأسهم ، فأنا شخصيا أدير أسهمي وتعلمت شطارة العمل من خلال تجربتي في الربح والخسارة حتى اتقنت الخبرة في هذا المجال، فإن دخول المرأة في سوق الأسهم جاء بديهيا إذ إن إنجاز المرأة في العمل بشكل عام أكثر من الرجل وبجهد ووقت أقل ، فإن بعض الأزواج يشجعون زوجاتهن للعمل بشتى أنواعه وتشجيعهن على الثقة بالنفس والاعتماد على النفس وإثبات جدارتهن في عالم الأعمال، فإن المشجع الرئيسي لأي امرأة لدخولها سوق الأسهم هو في توافر رأس المال والثقة بالنفس ومن تجربتها وأخذ آراء الآخرين قد تنجح في هذا المجال وتضمن النجاح•
أثبتت وجودها
- أما المواطنة أم سالم والتي دخلت السوق منذ ثلاثة أشهرفقط، فهي تؤكد أن المواطنة أثبتت وجودها في كل مكان سواء في الدراسة والمنزل والسوق وفي كل المجالات الأخرى، وهذا النجاح لم يأت من فراغ، بل جاء تلقائيا من خلال الرعاية الكبيرة التي أولاها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله وطيب ثراه'' في التشجيع الدائم للمرأة المواطنة في العمل وتحقيق ذاتها•
وتضيف أم سالم أن المرأة الإماراتية بدورها نجحت في إثبات ذاتها ودورها بشكل فعال في المجتمع، من خلال تربية أجيال هذا البلد الطيب، فدخولي إلى سوق الأسهم جاء بتشجيع من أخي ومن تجاربي الشخصية، حيث تعلمت شطارة المهنة• وفي الماضي كان للمرأة دور في السوق كانت تعرف كيف تبيع وتشتري التمر وغيرها من المنتجات•• اما الوقت الحالي ومع التطورات الكثيرة انفتاح المجتمع أصبحت المرأة تثبت جدارتها وتفوقها على العنصر الرجالي في كل المجالات، فما الذي يمنعها من إثبات وجودها في سوق الأسهم، وتختتم أم سالم حديثها بالقول: ''إن سوق الأسهم من دون الناس لا تعمل وأنا بدوري أشجع المستثمرين الصغار من الجنسين لدخول عالم الأعمال•''
النساء وسوق العقارات
وتشارك سارة محمد في هذا الحوار فتقول: ''إن دراستي في مجال التجارة لها دور في دخولي إلى سوق الأسهم، فمن خلالها تعلمت الكثير في هذا المجال حتى أنني أعمل وسيطة لأعمال خالي واطلعه على حركة السوق وعلى كل صغيرة وكبيرة وكل مستجدات ارتفاع او انخفاض الأسهم''، وتنوه سارة إلى أن دخول المواطنة لسوق الأسهم وخروجها عن النطاق التقليدي الذي كان سائدا في السابق، أتاح لها الفرصة لإثبات جدارتها في عالم الأعمال، بيد أن نجاحها يتمحور من خلال قدرتها على التوفيق بين العمل بالسوق ومنزلها•
وتتابع القول: '' النساء أكثر إقبالا على المؤسسات العقارية التي تعتبر الأكثر ثقة، كما أن السوق عادل في تعامله مع المرأة والرجل ولكن تكمن المشكلة في عدم توافر مكان خاص لهن في أثناء قيامهن بإجراء المعاملات، بالإضافة إلى أن صغر المساحة المخصصة لهن وعدم توافر الأجهزة للعمل عليها ولمراقبة أسعار الأسهم، يؤدي إلى إعاقة عملهن بعض الشيء•''
وتؤكد المواطنة علياء الشامسي أن دخول المواطنة الى مجال الأعمال والاستثمار ككل جاء كثمرة تشجيع لدور المرأة من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''، والقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله ورعاه''، وأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي في التشجيع الدائم والمستمر للمواطنة في إثبات وجودها ووصولها إلى مستويات من الرقي والتطور في كافة المجالات• وتضيف علياء: '' ولا ننسى المثل الأعلى للمرأة المواطنة الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط في مجال العمل الاقتصادي وتشجيعها أيضا للمرأة المواطنة وحثها على الدخول الى عالم المال والأعمال لإثبات وجودها كسيدة أعمال من أجل مزيد من التطور والمساهمة في رقي وتنمية دولتنا الغالية''••
موافقون ورافضون!
وإذا كانت ''نون النسوة'' قد منعت النساء في الماضي من خوض غمار عامل المال والأعمال والتجارة المليء بالأشواك، فإن عدداً كبيراً من النساء المواطنات كسرن هذا القيد الحديدي وفتحن الأبواب على مصراعيها لبقية النساء والفتيات لخوض التجربة، والتخلص من قيود الماضي•• فالمرأة، شأنها شأن الرجل، تستطيع أن تتحرك بثقة وقوة وأن تجاري الرجل، بل تتفوق عليه في كثير من المواضع، إذا هي تخلصت من الخوف ومن بعض قيود العادات والتقاليد المعيقة لحركتها، وتسلحت بالإرادة الصلبة•
ولكن للرجال آراء مختلفة في مسألة خوض المرأة الإماراتية تجربة السوق، وعلى الأخص سوق الأوراق المالية والأسهم•• وعن رأي الرجل المواطن في دخول المرأة المواطنة لهذا السوق ومعرفة خباياه وأسراره، كان لنا اللقاءات التالية مع عدد من الرجال الذين تباينت آراؤهم واختلفوا في بعض الأمور، فبعضهم كان مؤيدا لدخول المواطنة السوق، والبعض الآخر كان متحفظا بعض الشيء أو معارضا لذلك•
تحتاج لرأسمال قوي
والتقينا بأحد الموجودين في هذا السوق وهو سالم محمد (بو حمدان)، والذي دخل سوق الأسهم والأوراق المالية عام 1997 ، فقال إن وجود المرأة يشجع الاستثمار ولكن لابد أن يكون لديها رأس مال قوي، في حين الرجال أكثر نصيبا في الأسهم وأكثر جدية من النساء، فلابد لدخول المرأة الى السوق من أن يكون مسنودا بخبرة طويلة في هذا المجال، ودراية كافية، أو أن يكون لديها وسيط يضمن لها الربح، ويضيف قائلا: ''السوق بحاجة إلى المخاطرة والقلب القوي أو بمصطلح آخر ( قلبا ميتا) للدخول في سوق الأسهم•''
المرأة منافس ضعيف!
أما سالم بخيت المحرمي فله رأي آخر، فهو يشجع دخول المرأة إلى سوق الأسهم والأوراق المالية ولكن بتحفظ، حيث يقول: ''المرأة منافس ضعيف في السوق••''•• ثم يضيف: ''أشجع دخول المرأة في السوق ولكن بوجود وسيط لإدارة أعمالها كزوجها، فهذا أفضل لها، لأنني أعتقد أن المرأة تعتبر منافساً ضعيفاً في السوق لقلة خبرتها ووجود أعباء أخرى لابد لأن تتفرغ لها•''
الطمع في الثراء!
أما سعيد الهرمودي والذي دخل السوق منذ عام 1996 فيقول: ''إن أي مجال للرزق يقبل عليه الناس سواء كانوا من الرجال أو النساء، طمعا في الثراء السريع وكأن السوق (تعال واربح)•• فكثرة الحديث عن الموضوع في الوسط النسائي أثار زوبعة أدت إلى دخول المرأة في سوق الأسهم••''•• ويضيف: ''أنا من مشجعي دخول المرأة ولكن لمن تملك الخبرة الكافية التي تؤهلها لخوض هذا المجال وتحقيق الربح وتجنب الخسارة، فما قد يعيق عمل المرأة في هذا المجال هو عدم وجود وسطاء نساء لمساعدتهن في العمل•''
وعلى نفس الرأي يؤكد يوسف عبدالله المنهالي تشجيعه لدخول المرأة المواطنة في سوق الأسهم، بعد أن أثبتت جدارتها فيه، كما أن دخولها يعتبر زيادة في الاستثمار في السوق وتتعمق مساواتهما في العمل أن كل منهما يعمل بشطارته وخبرته وقوة قلبه وأحلى ما في السوق هو ''حرق الأعصاب''•• ولكن المشكلة تكمن في المكان نفسه حيث يتسم بضيق المساحة وزحمة الناس وارتفاع درجات الحرارة ••''•• ويطلب المنهالي من المسؤولين دراسة توسيع سوق الأسهم والأخذ بعين الاعتبار حرمة المرأة تسهيلا لها في وجودها وعملها في سوق الأسهم•
مبــاركـــــة
القيادات النسائية في الإمارات أدلت بدلوها في موضوع اقتحام المرأة سوق الأوراق المالية، وكان لسيدات الأعمال رأي متفق مع الآراء التي تشجع المواطنة على خوض غمار التجربة•• الدكتورة روضة المطوع، الرئيس التنفيذي لمجلس سيدات الأعمال تقول إن وجود المرأة الإماراتية في السوق طبيعي في ظل التعليم الذي حصلت عليه، وهو يأتي تتويجا للتطورات الاقتصادية في المجتمع التي شملت المرأة أيضا• ومن العوامل المساعدة على دخول المرأة هذا المجال، قلة فرص العمل وندرة توافر الوظائف الحكومية التي لم تعد تستوعب كافة الخريجين والخريجات، مما أدى ذلك إلى قيام المواطنة بالمبادرة إلى شق طريقها بنفسها للوصول إلى أهدافها وبالتالي المساهمة في دفع عجلة التقدم والنمو الاقتصادي•
وتضيف روضة المطوع: ''أضف إلى ذلك عدم وجود منافسة بين الرجل والمرأة في السوق بشكل عام، فالمنافسة هنا هي في بذل الجهد والوصول إلى ما يتمناه كل فرد في المجتمع أساسا سواء أكان رجلا أم امرأة، فإذا تعاونوا وتنافسوا في ما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع والبلد فهو عمل محمود ولا غبار عليه•''•• وعن المعوقات التي قد تتعرض لها المرأة في سوق الأسهم، تقول روضة: ''العمل في السوق عبارة عن وضع الإصبع على الجرح، فالمرأة فعلا مغيبة في هذا المجال فهي لا تعلم عن الشركات الكبرى المساهمة وإذا علمت بمحض الصدفة فيتم الإجابة عليها أن الوقت قد فات أو أنه لم يتم تخصيص مبالغ خاصة لها•• كما أن هناك معوقاً آخر يتمثل في غياب الإعلام عن نشاطات المرأة العاملة في هذه المجالات الحيوية التي تبرز من خلالها المواطنة قدراتها الذاتية•• ففي الماضي كانت المرأة تتهم بالإسراف وتصرف المال بسهولة، في حين أصبحت اليوم على وعي كامل بأهمية سوق العمل وأن تساهم إيجابيا في هذا المجال•• أضف إلى ذلك أن إجراء التعاملات في السوق تتشابه سواء بالنسبة للرجل أم امرأة، كما أن هناك مساواة في كثير من الأمور بين الطرفين، فالمرأة المواطنة تلقى كل الاهتمام والاحترام والرعاية، وتعطى لها الأولوية سواء في البنوك أو في المؤسسات الحكومية أو شبه حكومية، وهنا يتحقق مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في العمل، فعليهما التنافس وبذل الجهد من أجل التميز في العمل•''
سلوى الشيباني مقررة مجلس سيدات الأعمال في أبوظبي تقول إن انتشار حمى سوق الأسهم ظاهرة جديدة في الأوساط النسائية، وهي ظاهرة تجاري تقلبات السوق اليوم، فيكون الشخص مواكبا لهذه التقلبات، لأن سوق الأسهم حاليا يعيش ظاهرة مد وجزر مستمرة بشكل يومي، ليس في الإمارت فقط بل في المنطقة بأسرها••• وتضيف: ''أنا أشجع دخول المرأة إلى سوق الأسهم وقرارها بأن تكون مستثمرة أو صاحبة شركة أو أي منشأة تجارية، ففي حادثة تعتبر الأولى من نوعها، كرمت ''أم الإمارات'' سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك المواطنات بقرارها اكتتاب 500 مليون سهم للعنصر النسائي فقط سواء كن سيدات أعمال أو سيدات المجتمع ككل•''•• وتقول سلوى: ''كل شي أصبح يقاس اليوم بالمال وليس من العدل أن يهمش دور المرأة ومشاركتها في عالم الاستثمار والتملك الاستثماري وإثبات جدارتها في هذا المجال، ومن هنا فإننا نقول إن لها الحق في الاكتتاب الذي يعتبر حكرا على العنصر الرجالي فالرجال هم آباؤنا وإخواننا ورجالنا•''
وتؤكد الشيباني أن المنافسة بين الجنسين في السوق غير موجودة بشكل عام، فالشخص قوي برأس ماله، وليس مهماً أن يكون ذكرا أو أنثى، فهناك أسهم ترتفع وأسهم تنزل، والسوق مفتوح للجميع فلا يوجد مصطلحي'' هي أو هو'' في عالم الأعمال•''•• وتضيف أن النساء يعانين من معوقات في السوق تتلخص في ضيق المكان وقلة أعداد أجهزة الحاسب الآلي حيث لا تتعدى الثلاثة أجهزة فقط•
وتطالب مقررة مجلس سيدات الأعمال في أبوظبي من جميع المؤسسات والشركات الاستثمارية ذات الطابع الاقتصادي بإقامة ندوات ومؤتمرات تهدف من خلالها توعية الفرد الإماراتي لسوق الأسهم سواء للرجال أو النساء، حتى لا تقع المرأة المستثمرة ضحية الإشاعات والأقاويل، كأن يقول لها شخص اشتر فتشتري، أو أن تبيع فتبيع•• وقالت: ''وأنا أعارض بشدة قيام بعض الأشخاص بأخذ القروض أو السلفيات من البنوك، فقد يتعرض هذا الشخص إلى الخسارة في حال نزول أسعار الأسهم، ويتكبد خسارة مضاعفة وتتكدس عليه الديون ويعجز عن السداد•• ولتجنب ذلك أنصح كل امرأة مستثمرة أن تتعامل مع محفظة خاصة يتم من خلالها تحديد رأس مالها الذي ستطرحه في السوق وخاصة سوق الأسهم باعتباره غير مضمون من جانب الربح، ولابد للشخص أن يكون واعيا وعارفا بقواعد اللعبة ويتجنب الخسارة والوقوع في الأخطاء•• فسوق الأسهم سلاح ذو حدين له إيجابيات وقد تأتي منه سلبيات كثيرة••''•
وتختتم الشيباني بالقول: ''نطالب أن تعم المساواة وتتفق الأهداف بين الجنسين في السوق فلغة التجارة لغة واحدة ألا وهي الربح أو الخسارة الطموح والتنوع والنمو، '' فالعقلية التجارية'' لغة واحدة ومشاكلهم واحدة، فعلى الفرد أن يطور نفسه ليصل إلى النجاح في الإدارة والعمل الجماعي والعمل في جو بيئي نظيف•''
الاتحاد-الامارات
27-4-2005