من المعروف أن نوعا من النباتات في الطبيعة "يخجل" دائما، حيث يقفل أوراقه عندما يلمسها شخص بيده، ثم يفتحها رويدا رويدا.
وفي مجتمع الانسان، يخجل بعض الناس دائما أيضا. وفي الأيام الأخيرة، اكتشف العلماء أسرار خجل الإنسان.
يميّز اختبار قديم يدعى "اختبار فقاقيع الصابون" بين الأطفال المستطلعين والأطفال الخجولين. ففي المختبر لبس العاملون أقنعة جمجمة انسان أمام الأطفال، وتنوّعت ردود فعل الأطفال، حيث صرخ بعضهم بفرح وجرى الى فقاقيع الصابون بمرح، واختبأ بعضهم الآخر خلف الباب بخجل، وخاف الأطفال الأخرون حتى انفجروا باكيين.
وسجل عالم النفس كل ردود الفعل هذه. وهدف هذا الاختبار هو اكتشاف أسباب حب بعض الناس لاستطلاع الأشياء الجديدة وتمسّك البعض الآخر بالروتين. ويرى الكثير من العلماء أن أسرار الخجل تتوقف على هذه الشخصيات المختلفة الصعبة الفهم. ودائما تتشرد نظراتهم، ويهزّون الكتفين ويبتعدون من الجمهور، ويبدون متألمين وفي حالة نفسية سيئة. وقال أستاذ طب أمراض الأطفال:"أعتقد أن الخجل جزء من شخصية الإنسان العادي."
ولا شك أن الشعور بالخجل ليس بسبب شخصية الشخص الانطوائية فقط. فقال أستاذ علم النفس بجامعة هارفرد:"عندما نكون مع الغرباء نشعر بالخجل أكثر من التوتر والشكّ أو القلق. ومن المحتمل أن يكون الأشخاص الخجولون انطوائيين، ولكن ليس من المؤكد أن يكون الانطوائيون خجولين." وقال العالم، إن أكثر من 30 بالمائة منا خجولون غير أن معظمهم لا يعترف بذلك.
ومن خلال اختبارات جينية عرف العلماء أن الخجل حالة نفسية وبيولوجية معقدة جدا. وفي نفس الوقت أظهر تسجيل الموجات الدماغية أن مستوى أنشطة قشرة مخ الأطفال الخجولين منخفض بالمقارنة مع الأطفال محبي الاستطلاع. وبالإضافة الى ذلك أظهرت نتائج الاختبارات أن الأطفال الخجولين لا يجيدون قراءة التعابير على وجوه الناس الآخرين لأنهم منتبهون دائما في التبادلات مع الآخرين. وقال العالم:"إن قدرة قراءة وفهم التعابير على الوجوه من أهم العناصر في تنسيق العلاقات بين الناس." وفي اختبار آخر اكتشف العالم أن ردود فعل الخجولين ازاء حوادث المرور تختلف عن غيرهم، وقال:"أثبتت نتيجة الاختبار أن الخجولين لا يشعرون بخوف شديد عند مواجهتهم حادثة مرور."
وبجانب الأسباب الجينية تلعب البيئة الخارجية دورا هاما أيضا في تشكّل شخصية الانسان الخجول. فأجرى دكتور طب النفس بحثا بعد مراقبة استمرت أكثر من عشرين سنة على دفعة من الأطفال الخجولين في الثانية من عمرهم. حيث اكتشف عندما دخل هؤلاء الأطفال فترة الشباب أن إثنين من ثلاثة منهم ما زالوا خجولين غير أن البقية منهم نجحوا في التغلب على الخجل. وقال الدكتور:"تؤثر كل العناصر في تشكل شخصية الإنسان--- طريقة تربية والديه، والبيئة المعيشية، والفرص الاجتماعية."