تطرح اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب إشكالية المواد المعدلة جينيا، التي ستدخل السوق المغربي، بالنظر للمخاوف المتزايدة من تأثير تلك المواد على الصحة العامة للإنسان والبيئة.
ونبه المنتدى المغاربي للبيئة والتنمية، وهو منتدى له صفة مستشار لدى الأمم المتحدة، إلى خطورة هذه المواد على البيئة، وعلى صحة المستهلكين، فضلا عن الجوانب القانونية المتعلقة بتبادل مواد، دون الإعلان عن حقيقتها، وهذا ما سبق للولايات المتحدة الأمريكية أن وقعت فيه عند تعاملها التجاري مع أوروبا.
وتقوم عملية التعديل الجيني للمواد الزراعية، وهي ما تزال بذرة، حيث تتدخل الشركات المصنعة بتطعيمها بمواد عضوية وكيميائية، وهي مواد قد تقاوم الأعشاب الطفيلية والحشرات والأمراض المحتملة، بفعل التدخل البشري، لكنها بما تحتويه من مواد عضوية، قد تشكل، حسب المنتدى المغاربي، خطرا على الإنسان، من خلال تناوله لهذه المنتجات، كالخضر واللحوم والألبان، إن مباشرة أو بصفة غير مباشرة.
ولفت الخبير المغربي عبد اللطيف طرف، وهو مختص في مراقبة المواد الغذائية ذات الأصل الزراعي، إلى مسألة أصل البذور ومنبتها، وهو أمر يجب أن ينتبه إليه المنتج والمصدر على حد السواء، مما يقتضي بحسب هذا الخبير "وضع بطاقة تقنية تهم المنتج الفلاحي بطريقة تفصيلية ودقيقة، منذ اقتناء البذور، إلى تاريخ تصديره".
وتشمل العملية مصدر البذور، وتاريخ اقتنائها، وزراعتها، وكيفية مداواتها وتتبعها، وتاريخ جنيها، وظروف تلفيفها وشحنها، وذلك من أجل إبراء الذمة قانونيا، والحفاظ على الحقوق الذاتية للمنتج، في حالة تعرضها للتلف، عند إفراغها في البلد المستورد، مع الحرص على وقاية المستهلكين من شتى الأمراض والأوبئة، التي قد تجتاح البلد المستورد، مثلما وقع في حالات كارثة جنون البقر والحمى القلاعية، التي ضربت آسيا الشرقية.
وأكد الخبير طرف أن من شروط سلامة المنتج المجعول للتصدير أن يحظى بقدر من النظافة اللازمة، وتبدأ منذ العملية الأولى المتعلقة بالاستنبات والزراعة، ثم التلفيف، في شروط وقائية وصحية، سواء تعلق الأمر بالفضاء أو بالموارد البشرية وآليات الاشتغال. ويشدد على ضرورة تسجيل كل الخطوات والمراحل في سجل خاص، وهي عملية لازمة ليس فقط من أجل سلامة المنتج، بل وأيضا من أجل سلامة ذمة المصدر الزراعي، في حالة خضوع المنتج لمراقبة أو متابعة قانونية، وهو ما يصب في خانة التميز أو الجودة التي يمتاز بها منتج عن آخر.
وتعتبر مقاييس الجودة هذه بحسب الخبير طرف، المسألة التي ستفرض تحد كبير على المنتجات المغربية، من أجل منافسة المنتجات الأوروبية والأمريكية، بمناسبة دخول المغرب في اتفاقيات تبادل حر مع هذه البلدان. وأكد أن القانون 172/2000، الذي تعتمده أوروبا في قبول الواردات، يقضي بأن يتوفر المنتج المستورد على "بطاقة تتبع" وطنية، توضح كافة مراحل إنتاجه، وظروف تسويقه وشحنه، وخاصة فيما يتعلق بالطماطم والبرتقال. ومعلوم أن المغرب يصدر لأوروبا مليونا و500 ألف طن من الخضر والفواكه والأسماك وغيرها من المنتجات الزراعية سنويا.
وقام المنتدى المغاربي للبيئة والتنمية، في إطار حرصه على حماية الأسواق المغربية، التي ينتظر أن تنفتح أمام المنتجات المتنوعة القادمة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بعد دخول الاتفاقيات المبرمة في هذا الإطار حيز التنفيذ، بتشكيل لجنة للتتبع ومواجهة خطر المواد المعدلة جينيا على الإنسان وصحة المستهلكين وعلى البيئة
قدس برس
28-4-2005