لقد بدأ الصيف في كثير من مناطق العالم، وربما يكون الجليد قد اختفى الا في بعض مناطق التزلج الخاصة، أما تقريرنا اليوم عن التزلج فهو ضرورة أولمبية، لنستمع اليه ومن يشعر بالحر عليه أن يستمتع بجليد التقرير ربما يبرد قليلا...
لم تعمّم رياضة التزلج على الجليد بصورة واسعة في الصين مثل كرة الطاولة وكرة الريشة وغيرهما من الألعاب الرياضية لأنها تحتاج الى نفقات كثيرة، ولكنها ظلت تخطو خطوات سريعة في الصين خلال السنوات القليلة الأخيرة. وفي دورة سولت ليك الأولمبية الشتوية عام 2002، حصلت المتزلجة الصينية يانغ يانغ على أول ميدالية ذهبية للصين في تاريخ الدورات الأولمبية الشتوية في مسابقة الجرى على المضمار القصير. وستقام الدورة الأولمبية الشتوية العشرون في مدينة تورينو
الإيطالية في مطلع العام المقبل. ومن المتوقع أن تحصل المتزلجة وانغ مان لي البالغة من العمر واحدا وثلاثين عاما على ميدالية ذهبية أخرى للصين في الأولمبياد الشتوي القادم.
وفي الموسم المنصرم لمنافسات كأس العالم المتسلسلة للتزلج السريع، فازت وانغ مان لي ببطولة أربع منافسات تمهيدية وفازت أخيرا بالبطولة في نهائي المنافسات. وفي منافسات التزلج السريع للدورة العاشرة للمهرجان الرياضي الوطني الصيني التى اختتمت مؤخرا، حصلت وانغ مان لي على الميدالية الذهبية لفردي السيدات المنوع. إن نتائجها الباهرة لم تتحقق بين ليلة وضحاها، بل عرفت وانغ مان لي ومدربها شي تيان أن أن جهودهما الدؤوبة وعزمهما القوي هما السبب الحقيقي وراء إنجازاتهما.
ولم يكن طريق وانغ مان لي الرياضي مفروشا بالزهور، وكادت تتوقف في بداية مشوارها. لقد تم اختيار وانغ مان لي من قبل زوجة شي تيان أن التى كانت تعمل مدربة على التزلج السريع في مدرسة رياضية للهواة. وقبل عشرين سنة، اختارت تلميذتها وانغ مان لي للانضمام الى فريق المحترفين الذي كان زوجها يدربه. ولكن شي تيان أن وجد أن مستوى وانغ مان لي أضعف مما كانت عليه زميلاتها الثماني الأخريات في هذا الفريق، فأعادها الى مدرسة الهواة الرياضية. وفي ذلك الحين، خطر ببالها أن تتوقف في مشوارها الرياضي. ولكنها أختيرت مرة
ثانية الى هذا الفريق بعد تدريبات شاقة استمرت شهرين. وعندما استعرضت هذه التجربة، قالت وانغ مان لي بتأثر:
" كان المدربون يزورون مدرستي الرياضية لاختيار رياضيين جدد، واختاروني نظرا لقدرتي الجسدية الجيدة جدا. ولم أكن جيدة في أول تدريب. ولكن والدي نبّهني منذ طفولتي الى المثابرة حتى النهاية مهما يكن الأمر. وبفضل تشجيع والدي، ثابرت على مواصلة مشواري الرياضي خطوة بعد خطوة حتى نهاية الأمر."
وتتمتع وانغ مان لي بشخصية لطيفة وتقضي أوقات فراغها في متابعة المسلسلات التلفزيونية العاطفية، ولكن ما إن تدخل صالة التزلج حتى تتحول الى شخص آخر مفعم بروح الكفاح الصلب الذي لا يقبل الاستسلام. وكان شي تيان أن -- مدرب وانغ مان لي رياضيا في التزلج السريع. ولكنه لم يستطع أن يساعدها على تحقيق نتائج مرجوة في البداية. فبحث مع وانغ مان لي خطة تدريبية وتابعا أشرطة فيديو عن منافسات عديدة وذلك لتحسين أدائها التنافسي لمدة شهرين، ثم وضع خطة تدريبية شاملة طبقا لشخصية وانغ مان لي. وبعد تنفيذ الخطة التدريبية الجديدة، تحسنت نتائج وانغ مان لي بشكل واضح جدا. وقال شي تيان أن إنه بذل جهودا كبيرة في هذا الصدد، لكنه أكد أن نجاح وانغ مان لي يرجع بشكل رئيسي الى شخصيتها المتميزة. إذ قال:
" تتمتع وانغ مان لي بشخصية قوية. لقد دربت كثيرا من الرياضيين. كانت طباعهم مختلفة فقد كانوا يفعلون ما أطلبه منهم بدون أي سؤال وغالبا ما كانوا يفشلون في تحقيق نتائج ممتازة. ولكن وانغ مان لي متميزة في طبيعتها، وغالبا ما تدلى برأيها ووجهات نظرها المختلفة حول التدريبات وآليات التنافس، وتتمسك بها وتبقى مصرة عليها ضد مدربها. وقد ساعدتها شخصيتها القوية على تحقيق نتائج ممتازة. وفي المباريات العالمية، لم تستسلم أبدا. مثلا، في منافسات بطولة الجامعيين العالمية التى اقيمت مؤخرا، عانت وانغ مان لي من هزيمة في أول منافسة، لكنها لم تيأس ولم تستسلم بل واصلت مثابرتها في المنافسات اللاحقة، وفازت أخيرا بالمرتبة الأولى من حيث إجمالي النتائج لفردي السيدات المنوع. ويمكن القول إن شخصيتها صالحة جدا لتطورها. "
أما والداها فيعيشان في مدينة مودانجيانغ الواقعة في شمال شرقي الصين. ويعكف زوجها على دراسة كرة القدم في نفس المدينة. ولكن وانغ مان لي تقضي معظم أوقاتها في التدريب بمدينة هاربين، أي بعيدة عن زوجها، ونادرا ما تعود الى بيتها لزيارة والديها أو لقاء زوجها، لكن العائلة هي التى تدعمها بكل ما تستطيع. وتؤكد وانغ مان لي بصراحة إن عناية ورعاية أفراد أسرتها ومدربها هما العامل الرئيسي لدعمها وإيصالها الى مستوى بطلة عالمية في هذه الرياضة. وقد حققت وانغ مان لي نتائج بارزة خلال السنتين الأخيرتين، كما تسعى الى إحراز ميدالية في
الدورة الأولمبية الشتوية القادمة التى ستقام في تورينو العام المقبل آملة في الوفاء بجزء من أفضال أفراد أسرتها ومدربها وتحقيق حلمها الذي يراودها منذ فترة طويلة. إذ قالت:
" يدعمني والداي بكل ما في وسعهما معتقدين أنني أبرز أولادهما. ويتابعان بدقة كافة المنافسات التى أشارك فيها. لذا، يتعين علي أن أحسن أدائي لأرد جزءا من أفضالهما علي. وأرى أن مدربي يساعدني كثيرا ويوليني رعاية كبيرة في مختلف المجالات، وساهم دعم عائلتي ومدربي وأصدقائي في تحويلي من فتاة عادية الى بطلة عالمية. وسأواصل سعيى للحصول على ميدالية ذهبية أو ميدالية فضية في الدورة الأولمبية الشتوية القادمة، وهذا حلمي منذ طفولتي."