كان في عالم نيل خابيسون وهو شاب اسباني عمره 22 سنة لونان فقط: الأسود والأبيض، لأنه يعاني من مرض عمى الألوان الكامل الفطري. وفي عام 2003 انتقل الى جنوب بريطانيا وبدأ دراسة الرسم. وفي البداية بسبب عمي الألوان لم يكن على أقمشة رسمه إلا اللونان الأسود والأبيض، ولكن في عام 2004، بفضل جهاز عجيب استطاع لأول مرة في حياته أن "يرى"---وفي الحقيقة أن "يسمع" مختلف الألوان الجميلة.
ويحول هذا الجهاز الألوان المختلفة الى موجات صوتية، الأمر الذي مكّن نيل خابيسون من تمييز الألوان. واخترع هذا الجهاز عالم شاب عمره 23 سنة اسمه آدم موتادان، خبير في تكنولوجيا المعلومات الرقمية المتعددة الوظائف. ووصف جهازه المخترع هذا قائلا: إنه يساعد الناس على "الاستماع الى عجلة لونية".
يرتدي خابيسون هذا الجهاز المسمي ب"أي-بورغ" على رأسه. وتميّز آلة التصوير الرقمي على الجهاز الألوان أمام عينيه، ويحول الكمبيوتر على كتف خابيسون هذه الألوان الى موجات صوتية ثم يجسدها بأصوات مختلفة. مثلا، تمثّل الأصوات الحادة ألوانا فاتحة، وتمثل الأصوات المنخفضة ألوانا قاتمة.
ومنذ مارس عام 2004 ظل خابيسون وهو أول مستخدم لهذا الجهاز العجيب يرتديه طول الوقت ما عدا وقت النوم. وقال:"كنت دائما أحتار عندما أتحدث مع الآخرين، لأن الناس لا يعرفون أنهم يذكرون أسماء الألوان كثيرا في الحديث." وكانت النشاطات البسيطة جدا مثل أكل الفطور صعبة بالنسبة اليه حيث قال:"اذا لم يضع طعام أمامي بشكله المعتاد لا أستطيع أن أعرف ماهيته. أخلط مربّى الفاكهة ومربي الطماطم، أو عصير البرتقال وعصير التفاح. وأضطرّ الى طلب المساعدة من الآخرين من حين الى آخر لمعرفة نوع الأطعمة أو أشمّها. ورأى الكثير من الناس أنني غريب."
وكان يلبس خابيسون ملابس بيضاء وسوداء فقط. ولكنه الآن يلبس جاكيت بلون برتقالي لامع وبنطلون جينز بلون أزرق وجوارب حمراء. وقال إنها المرة الأولى التي اشترى فيها ملابس ملونة. وقال:"رأيت هذه الملابس الملونة عندما مررت بمتجر. وقلت لنفسي: يعجبني صوت هذه الجوارب. فاشتريتها."
وكان خابيسون يكره الألوان الأخرى الا الأبيض والأسود. ولكن الآن يعتبر اللون الأحمر أحب لون اليه لأن صوت الون الأحمر قوي ومفعم بالحيوية. ولا تعجبه الألوان الأسمر والأزرق والأخضر. وهذا شىء ممتع لأن هذه الألوان تعجب الناس العاديين في معظم الأحيان.
ويساعده هذا الجهاز في عمله مساعدة كبيرة لأنه اختار الرسم كحرفة. والآن يستطيع أن يستخدم ألوانا مختلفة، ويستمع الى نغمات منخفضة أو مرتفعة في عملية رسمه. وقال:"الآن أعتبر عملي تلحينا على أقمشة الرسم. وكنت خائفا من رؤية لوحات رسمي. ولكن الآن قد تغير كل شيء وأستمتع بعملي للغاية وكل شيء أرسمه له صوت خاص."
وتعجب خابيسون لوحة جديدة رسمها تجسد السماء الزرقاء وحديقة ذات أعشاب خضراء. رغم أنها لوحة بسيطة حتى ساذجة غير أنها برهنت على التغير الهائل والمدهش والمسعد الذي جلبه جهاز "أي-بورغ" لمريض عمي الألوان.
ويساعد "أي-بورغ" خابيسون على التمتع بأعمال الفنانين الآخرين، حيث قال:"بدون أي-بورغ يصعب علي التعرف على استخدام الرسامين الآخرين للألوان. لا شك أنه أمر مؤسف جدا بالنسبة الى رسام. ولكن الآن يساعدني أي-بورغ على التمتع برسومات الفنانين الآخرين."
وعندما زار خابيسون المدينة الإسبانية الكبيرة برشلونة اجتذبته أعمال المهندس المعماري قاودي وقال:"أتجول في المدينة وأتمتع بالبنايات الجميلة و"أستمع" الى أعمال قاودي المعمارية---إنها عجيبة للغاية."
ويأمل خابيسون في أن تساعد هذه التكنولوجيا الناس الآخرين المصابين بعاهات حيث قال:"آمل في أن يستطيع الأعمى في يوم ما رسم بمساعدة الأصوات، ويستطيع الأطرش التلحين بمساعدة الألوان."