سوق البترول اكتسب نضجا وخبرات ولديه إرهاصات لم تتشكل معالمها
منذ تأسيس منظمة الأوبك في عام 1960 وحتى الآن تراوحت النظرة لها دائما بين تطرفين: ففي أوقات زيادة الأسعار وانتعاش الأحوال الاقتصادية وفي ظل قدرة الأوبك على التحكم بعض الشيء في السوق النفطي كان يتم الصعود بها لعنان السماء، إلى الحد الذي تصور فيه البعض أحيانا أن المنظمة ستمثل طليعة دول العالم الثالث في تغيير النظام الاقتصادي العالمي كله. ألم يكن إعلان الدعوة لقيام نظام اقتصادي عالمي جديد في عام 1974 بعد ارتفاع أسعار البترول، وانتعاش آمال دول العالم الثالث في نظام اقتصادي أكثر عدالة من الجزائر إحدى دول الأوبك؟
ولكن في أحيان أخرى تترافق مع تقلص قدرة المنظمة على ضبط سوق النفط العالمي وانهيار دورها ومكانتها، كان يقال إن المنظمة انتهى دورها فعلا وإنها كانت مجرد حدث استثنائي لفترة محدودة من الوقت. وكان التصور الراديكالي في واقع الأمر ينطلق من فرضية أن السيطرة داخل المنظمة هي لدول محافظة تدين للغرب بالكثير وإنها من ثم لن تقوى على تعديل الأمور سواء على صعيد الاقتصاد العالمي أو حتى في الحدود الضيقة لسوق النفط العالمي وحده.
حسب القول السائد فإنه يمكن القول إن الحقيقة غالبا ما تقع بين تطرفين، مع عدم الإنكار أنها يمكن أن تكون أقرب نسبيا لواحد منهما عن الآخر، لكنها في كل الأحوال لا تتطابق مع النظرات الصافية التي تحاول البرهنة على صحة ما تقول بالاستناد إلى وقائع جزئية هنا أو هناك وإلى فترات زمنية محدودة من العمر. وليس هناك أي غضاضة في أن يحاول كل من الطرفين أن يبرهن على وجهة نظره بالاستناد إلى الحجج التي يراها صحيحة، كما نحاول أن نفعل ذلك أيضا، لكن شريطة أن ينسجم ذلك مع ما هو متاح من وقائع وملابسات وتاريخ، أو ما ندعي أنه موقف موضوعي لا يحاول أن يجتزئ من الظاهرة التي ندرسها ما نرغب فيه ويؤيد وجهة نظرنا فقط، بل نكون على استعداد للبرهنة على أن ما يبدو مخالفا لوجهة نظرنا هو في حقيقته ليس كذلك، وإلا انهارت الحجة الرئيسية التي نحاول اثباتها منذ البداية.
والحجة التي نحاول أن نطرحها، انه على خلاف التطرفين السابق ذكرهما فإن منظمة الأوبك في واقع الأمر قد اكتسبت نضجا مع مرور الوقت وتراكم الخبرات، وهو ما يعد نتيجة لبعض العوامل الموضوعية التي يشهدها سوق النفط، علاوة -وهو الأهم من وجهة نظرنا على تأثير بعض العوامل الذاتية التي استجدت خلال العامين الأخيرين من القرن العشرين وما مضى حتى الآن من سنوات القرن الحادي والعشرين.
مراحل سوق النفط
يمكن القول إنه باستثناء المرحلة الراهنة التي بدأت في نهاية التسعينات، والتي ما تزال محل إرهاصات وجدل ولم تتشكل ملامحها بشكل مؤكد وبارز، فإن هناك ثلاثة مراحل أساسية شهدها سوق النفط العالمي منذ بداية اكتشاف النفط أواخر القرن التاسع عشر.
المرحلة الأولى هي التي تميزت بسيطرة شبه تامة للدول المتقدمة وشركاتها وهي الفترة التي امتدت من تاريخ بدء اكتشاف النفط وحتى بداية السبعينات.
أما المرحلة الثانية فهي التي بدأت إرهاصاتها مع بداية معارضة بعض دول منظمة الأوبك لسياسات الشركات النفطية الكبرى في تسعير النفط منذ عام ،1970 والاتجاه في بعض هذه البلدان أيضا لتأميم الثروة النفطية، وهي الفترة التي شهدت أيضا سيطرة شبه تامة لمنظمة الأوبك على أحوال سوق النفط العالمي، خاصة منذ أواخر عام 1973 وحتى بداية الثمانينات حينما اضطرتها الأوضاع في السوق النفطي وسياسات الدول المستهلكة ومؤسساتها إلى بداية اللجوء لما بات يسمى بحصص وسقوف الإنتاج.
أما المرحلة الثالثة فهي التي تميزت بسيطرة شبه تامة من قبل الدول المستهلكة منذ عام 1984 وحتى عام ،1998 وهي تلك المرحلة التي شهدت تدهور نفوذ الأوبك وانخفاض أسعار النفط إلى مستويات تكاد تقترب مما كان عليه الوضع قبل التصحيح الكبير في أسعار النفط في أعقاب نشوب حرب أكتوبر/ تشرين الأول في عام 1973.
والمرحلة الأخيرة الراهنة هي تلك التي بدأت إرهاصاتها منذ عام 1998 والتي تنبئ باستعادة منظمة الأوبك للكثير من نفوذها المفقود دون أن يكون السعي هذه المرة متجها بالضرورة نحو تأجيج الخلاف مع الدول المستهلكة في كل لحظة، وهو ما يدفعنا للقول بتوافر مرحلة جديدة قد نشهد فيها مرحلة توازن معقول للقوة بين كل من المستهلكين والمنتجين، و بحيث لا ينفرد أي منهما بإقرار سياسات الإنتاج أو الأسعار على النحو الذي يرغب فيه، بل على الأرجح فإن كل طرف وهو يسعى لتحقيق مصالحه لن يكون بوسعه تجاهل مطالب ومصالح ومصادر قوة الطرف الآخر.
ويمكن القول إن الأزمة الراهنة والخوف من عدم كفاية العرض العالمي للوفاء بالطلب العالمي من النفط كانت نتيجة لبعض التحليلات التي سادت في الدول الغربية منذ منتصف الثمانينات والتي رأت أنه ليس هناك أزمة محتملة في الإمدادات وأن الأسعار ستميل للانخفاض ولذا كانت الاستثمارات في تنمية الحقول النفطية أو في اكتشاف حقول جديدة عند أقل مستوى لها خلال هذه الفترة. فالعديد من البلدان المستهلكة أو دوائر عديدة فيها كانت تتعامل معها على أن التطورات في سوق النفط منذ أواخر التسعينات هي عوامل طارئة، وسرعان ما ستعود الأوضاع لسابق عهدها. وربما كان أفضل من قدم لهذه الرؤية الدراسة التي نشرتها مجلة "الشؤون الخارجية" الأمريكية عدد شتاء 1999 2000 لكاتبين أمريكيين هما آمي ميرز تافي وروبرت أ. ماننج بعنوان "صدمات عالم أسعار النفط المنخفضة". ويستهل الكاتبان الدراسة بتقديم فرضية أساسية تعارض معظم الفروض المعروضة عن أن النفط في سبيله إلى أن يصبح أكثر ندرة وأن أسعاره سوف تأخذ في الزيادة خلال العقدين المقبلين. حيث يقول الكاتبان إن الذين يأخذون بوجهة النظر تلك يجدون نصيرا لهم في تراوح أسعار النفط بين 25 30 دولار أخيرا (شتاء 1999 2000)، وهي أسعار تذكر بالصدمات النفطية التي حدثت خلال السبعينات. وقد ترافق مع هذه الزيادة في الأسعار نفس الهستريا عن تضاؤل العرض وربما خطر محتمل لتحويل الثروة وهو ما يغوي صناع القرار على ضرورة الأخذ في الاعتبار عدداً من الطرق للتعامل مع الأزمة النفطية القادمة. ولكن على خلاف كافة هذه الافتراضات يرى الكاتبان أن النسج على نول أزمة النفط المحتملة في بداية القرن الحادي والعشرين لا تكمن في الارتفاع الصاروخي في أسعار النفط، ولا في انخفاض محتمل ينبئنا ببداية انتهاء عصر النفط، بل على العكس تماما فإن الخطر هو العكس على وجه الدقة، فالاتجاهات طويلة المدى تشير إلى وجود فائض من النفط لمدة طويلة، وكذلك انخفاض في أسعار النفط خلال العقدين المقبلين.
والمعضلة الحقيقية بنظر الكاتبين هي أن هذا السيناريو من الوفرة النفطية يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار البلدان المنتجة للنفط، وخاصة البلدان الواقعة في الهلال الممتد من الخليج وحتى روسيا. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وغيرها من البلدان النامية المستوردة للنفط سوف تكون إلى حد كبير مستفيدة، إلا أن هذا يمكن أن يرتد في هيئة ضعف في الافتراضات التي تقوم عليها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ويعرض مصالحها للخطر.
ويشير الكاتبان إلى أن مدرسة التنبؤ بمستقبل النفط كانت دائما على خطأ لأكثر من ربع قرن. ففي تنبؤها الخطير في عام 1972 الذي تضمنه تقرير "حدود النمو"، كتب عدد من الخبراء المرموقين الذين كانوا يعرفون تحت اسم "نادي روما" أن هناك نحو 550 مليار برميل فقط من الاحتياطات النفطية المتبقية وأن التقدير هي أنها ستنفذ في عام 1990 وفي الواقع فإن العالم قد استهلك نحو 600 مليار برميل من النفط بين عامي 1970 و،1990 ومع ذلك فهناك اليوم نفط يقدر بأكثر من تريليون برميل من الاحتياطات المؤكدة (وهي تلك التي يمكن أن تستخرج عند مستوى الأسعار والظروف السائدة). وهذا الرقم من الاحتياطات من الممكن أن يستمر في التزايد حتى مع تجاوز العالم لمستوى الاستهلاك الراهن البالغ 73 مليون برميل يوميا (في عام 2000). وتذكر وكالة الطاقة الدولية أن هناك نحو 3ر2 تريليون برميل من النفط يمكن أن تعد بمثابة احتياطات يمكن استخراجها، وفيما لو أضيفت بعض المصادر غير التقليدية مثل الرمال والصخور القطرانية فإن رقم الاحتياطي يمكن أن يرتفع إلى 4 تريليون برميل.
ويقول الكاتبان أن التنبؤات التي تقوم على فرضية ندرة النفط عديدة وفي بعض الحالات، فإن الأشخاص أنفسهم الذين سبق وتنبؤوا في السبعينات بأن أسعار النفط ستصل إلى 100 دولار للبرميل مع عام 2000 لم يثبت خطؤها فقط، ولكنها كانت تنبؤات تحقق عكسها تماما. فمشكلة العالم ليست الندرة بل الوفرة في النفط. وهذا يعد صحيحا بالرغم من هندسة خفض الإنتاج الحالية التي تقوم بها منظمة الأوبك بقيادة السعودية، والتي عملت على رفع أسعار النفط من مستواها البالغ الانخفاض والذي وصل إلى 8 دولار للبرميل. ويؤكد المتابعون لسوق النفط أن هذا الاتفاق الهش بين منتجي النفط يمكن أن يتبدد، وخاصة مع انفراج الضغوط المالية بمرور الوقت، وهو ما يمكن أن يدفع الأوبك إلى إطلاق بعض الكميات من الخمسة ملايين برميل يوميا التي يتم حجبها عن السوق حاليا.
ويضيف الكاتبان أنه بينما ترتبك الأوبك، فإن منتجي النفط الصغار والكبار حول العالم استمروا في إعلان اكتشافات جديدة وخطط جديدة لزيادة الطاقة الإنتاجية. ويعد العرض الكامن في العراق، وروسيا وإفريقيا وفي أماكن أخرى في ارتباطه مع نمو اقتصادي معتدل في آسيا مكذباً نمط تنبؤات العرافين حول أن رصيد النفط العالمي سوف ينضب قريبا. وعلى العكس من التنبؤات بنضوب آبار النفط يتم إخفاء النبوءة الأخرى الأكثر احتمالا: الوفرة المستديمة وأسعار النفط المنخفضة على المدى الطويل، والتي سوف يكون لهما وغالبا غير المدركة إلى حد بعيد عواقب سياسية واستراتيجية مختلفة للغاية. فقد كان تواطؤ انخفاض أسعار النفط حتى 8 دولار للبرميل في عام 1998 مع الذوبان الاقتصادي في روسيا. وتبدو الدول العربية الغنية بالنفط في الخليج، والمنتجون من خارج الأوبك، والمستهلكون غير مستعدين بالمرة لجغرافيا سياسية جديدة للطاقة.
وبصراحة فإن واشنطن ذاتها ليست مستعدة هي الأخرى. فالأثر السياسي المدوي للوفرة النفطية المستديمة ينبغي ألا يتم التهوين من شأنه. فهناك نظم سياسية مهمة في دول الخليج وروسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ودول أمريكا اللاتينية الرئيسية مثل فنزويلا والمكسيك وكولومبيا والتي تعتمد على عائدات النفط لتهدئة ضجر وسخط الجماهير، وتلطف من حدة التوترات الاجتماعية، وفي بعض الحالات، عملية بناء الأمة إلى حد كبير. فبدون المسكّن المتمثل في تزايد عائدات النفط، فإن العديد من هذه الدول يمكن أن تشهد درجة عالية من عدم الاستقرار السياسي، والتوتر الاجتماعي، وحتى الحروب الأهلية. وفي الخليج، فإن مثل هذا النمط من عدم الاستقرار يمكنها أن تضاعف من صدمات النفط المقبلة في شكل انقطاع قصير المدى في المعروض النفطي. وقد أوضحت حرب الخليج في عام 1991 الطاقة الغربية على الدفاع عن مناطق النفط المهمة من التهديد الخارجي التقليدي مثل الغزو العراقي للكويت. ولكن التجارب الأمريكية الأليمة مع إيران الثورية في أواخر السبعينات والبلقان في التسعينات هي تذكرة قاسية بمدى الصعوبات التي يمكن أن تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع عدم الاستقرار الداخلي.
ويركز الكاتبان دراستهما من ثم على أن التهديد الرئيسي هو في عدم الاستقرار الداخلي بسبب انهيار الأوضاع الاقتصادية نتيجة لانخفاض أسعار البترول في المستقبل. ومن هنا يخلصان إلى عدم جدوى السياسة الأمريكية التي لا تبررها من وجهة نظرهما المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في الدفاع عن مناطق إنتاج البترول في الخليج، وفي التورط أكثر فأكثر في بلدان آسيا الوسطى وبحر قزوين التي تعاني من مشكلات داخلية معقدة والتي بدا واضحا أن ثرواتها البترولية لم تكن على قدر التوقعات التي أثيرت في السابق. ومن هنا يدعوان إلى تبني استراتيجية جديدة تدفع بلدان النفط الممتدة من الخليج إلى روسيا في تبني إصلاحات داخلية وبناء المؤسسات التي تمكنها من التغلب على مشكلاتها الداخلية التي لن يكون بمقدور الولايات المتحدة التعامل معها بفاعلية.
والواقع أن فروض الكاتبين ومقالهما يخلصان إلى التقليل النسبي من أهمية منطقة الخليج على الساحة النفطية العالمية استنادا إلى التطورات التكنولوجية في مجال اكتشاف واستخراج النفط وفي كفاءة استخدامه، بل واكتشاف النفط في أماكن جديدة علاوة على انخفاض الواردات النفطية الأمريكية من المنطقة تقول بعدم أهمية هذه المنطقة لأمريكا بقدر أهميتها لكل من اليابان وأوروبا، بل والصين.
وبينما عالج الكاتبان استهلاك النفط في مختلف أرجاء العالم فإنهما لم يعالجا قضايا هامة أخرى مثل قرب نضوب الاحتياطات النفطية الأمريكية المؤكدة، وبالتالي زيادة الواردات الأمريكية من النفط إلى الحد الذي يتوقع أن تبلغ فيه هذه الواردات ما يزيد على 13 مليون برميل بحلول عام2020. وحيث إن كل النفط المستخرج من نصف الكرة الغربي لن يكون بوسعه أن يلبي الواردات الأمريكية كافة، فإن واشنطن عائدة لا محالة إلى استهلاك المزيد من نفط الشرق الأوسط. بل وخلال الأعوام اللاحقة على كتابة هذه الدراسة تزايدت الواردات الأمريكية بالفعل من المنطقة، بل وتعد الولايات المتحدة (حتى قبل الإطاحة بنظام صدام حسين) أكبر المستهلكين الرئيسيين للنفط العراقي! ورغم كل ما يقال من صحة أهمية الالتفات للمشكلات الداخلية، حتى وإن زادت أسعار النفط على عكس ما يعتقد الكاتبان، فإن الخليج والمنطقة عموما نتيجة للعديد من الأسباب وعلى رأسها النفط ظلت هي منطقة اللعبة الكبرى بين العديد من البلدان وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وليس أدل على ذلك من تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وتهديداتها لإيران لإعادة رسم المنطقة.
ولهذا فخضوعا لمثل هذه التصورات كان هناك تقاعس عن الاستثمار الكافي في تنمية الثروة النفطية من قبل الشركات الكبرى خلال العقدين الماضيين، وأيضا في ضوء عدم بناء أي مصاف للتكرير جديدة خاصة في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة الماضية فإن الأمر ليس غريبا فيما نشهده الآن من تطورات في السوق النفطية. حيث أنه على الرغم من الزيادة الكبيرة في مستوى إنتاج دول منظمة الأوبك فإن الأسعار استمرت في الزيادة منذ مطلع العام الحالي بحيث وصلت إلى أعلى مستوى لها في فبراير/ شباط الماضي مع بلوغ سعر البرميل من نوع وست تكساس أكثر من 58 دولارا للبرميل. ثم مالت أسعار النفط خلال الأسبوع الأول من شهر مايو/ أيار الحالي إلى الاستقرار النسبي، حيث كانت أسعار أنواع النفط الخفيفة تدورحول 50-51 دولارا للبرميل، وذلك قبل أن تنخفض منذ الأسبوع الماضي إلى ما يقل عن 49 دولارا للبرميل. ويأتي ذلك في الواقع بعد الزيادة الكبيرة في الإنتاج التي قامت بها دول منظمة الأوبك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات. وحسب تصريحات وزير الطاقة الكويتي (الرئيس الحالي لمنظمة الأوبك)، فإن إنتاج دول الأوبك المنضمة لنظام حصص الإنتاج (باستثناء العراق) بلغت نحو 7ر29 مليون برميل يوميا في حين أن سقف الإنتاج المتفق عليه في الاجتماع السابق لوزراء المنظمة والذي عقد بمدينة أصفهان الإيرانية في 16 مارس/ آذار الماضي لا يزيد على 5ر27 مليون برميل يوميا.
ومن هنا أتت التصريحات المتعددة من قبل العديد من وزراء نفط الأوبك أنه يتوافر الآن بالأسواق العالمية فائض في العرض قد يصل إلى نحو 2ر1 مليون برميل يوميا.
ولم تدخر الدول المنتجة والمصدرة خاصة في منظمة الأوبك جهدها طوال الفترة الماضية لتأمين حاجة الأسواق العالمية من النفط، ويشهد على ذلك الزيادة المتوالية في الإنتاج وعدم اللجوء لأي خطط لخفض سقف الإنتاج كما كان متصورا خلال الربع الحالي من العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. وبحيث بات البعض الآن يخشى من التطورات الجارية في السوق العالمي، خاصة التطورات الناجمة عن زيادة حمى المضاربة في الأسواق، وزيادة مستوى المخزون في الدول المستهلكة وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. وربما أقرب وصف لحال السوق العالمي الآن أنه سوق مليء بالألغاز، إذ يتوافر فائض من العرض ومع ذلك ظلت الأسعار مرتفعة لفترة طويلة من الوقت. وبينما يمكن تحميل المسؤولية عن ذلك إلى العديد من الأطراف والتصرفات خاصة في الدول المستهلكة المتقدمة، فإن أبعد الأطراف عن الاتهام بأي اتهام ستكون بالتأكيد دول الأوبك التي تنتج عند أعلى طاقة إنتاجية تقريبا، وهي مستويات إنتاجية لم تبلغها طوال ربع القرن الماضي.
* خبير اقتصادي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
الخليج-الامارات
24-5-2005