يتمتع الذهب بسمعة وشهرة لا مثيل لهما من حيث ثبات قيمته واستقرارها. ولذا فقد أصبح هذا المعدن الثمين الأكثر تداولاً في الاستخدام على شكل مجوهرات، ومن ذلك أن التقليد المتبع في معظم البلدان يقتضي أن تكون خواتم الزفاف ذهباً مما يشير الى الديمومة والقوة والأمان. وهناك أشكال أخرى من المجوهرات تتميز بأنها عملية وملائمة للاستخدام حلياً أو هدايا تدل على مكانة المرء وطراز حياته. وفي حين أن المجوهرات الذهبية تشترى الأغلب لخصائص تتعلق بالأزياء العصرية في البلدان الصناعية، فإن البلدان الآسيوية وبلدان الشرق الأوسط تسودها قناعة بالغاية المزدوجة لاستخدام هذه المجوهرات.
وذكر تقرير أصدره بنك المشرق أن الهند على سبيل المثال تمثل أكبر مستودع للذهب بما يخص اجمالي الذهب الموجود ضمن الحدود القومية عندما نأخذ المجوهرات في الحسبان. ومن المرجح أن يكون الشخص الذي يمتلك أكبر كمية من الذهب عضواً في عائلة ملكية أو حاكمة في الشرق الأوسط.
وفي مراحل تاريخية معينة كان الذهب معدناً نادراً لا يقتنيه إلا الأثرياء والموسرون، إلا أن حملات البحث عن الذهب في القرن التاسع عشر زادت الكمية المتوافرة منه وجعلته في متناول الرجل العادي.
ويشهد الذهب حالياً فترة من الازدهار، وفي الهند تتضمن الاحتفالات الخاصة بأي حدث مهم أو مناسبة كبيرة شراء الذهب مما يجعل الهند أكبر مستورد لهذا المعدن في العالم، ومن ذلك أن التجار يقومون بطرح مجموعات جديدة تستهدف مختلف المناسبات الاحتفالية، وفي ظل وفرة التخفيضات والعروض الخاصة ما تزال الأعمال تزدهر عاماً بعد عام. وبالنظر الى الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب يسارع العديد من المستهلكين الى محلات شراء الذهب لبيع المجوهرات والقطع الذهبية محققين أرباحاً من الفرق بين أسعار الشراء والبيع وخلال هذه المساومات يحجم الصاغة والمستهلكون عن شراء الذهب، ويبقى البيع الاتجاه السائد في المعاملات.
وأشار تقرير نشرته "ديلي تشاينا" في ديسمبر/ كانون الأول الى أن معاملات الذهب تزدهر بأسلوب معاكس في معظم المدن الرئيسية في الصين، إذ جرى في سوق بكين صك 300 كيلوجرام من السبائك الذهبية من قبل (China Gold Coin Inc) للاحتفال بعام الديك، ونفدت هذه السبائك في غضون عدة ساعات. وفي الصين يعتبر الذهب رمزاً للثراء والحظ السعيد ويحتفظ به كتذكار عزيز.
ومن المتوقع أن هبوط سعر الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار السلع بما فيها الذهب الأسود، النفط، قد أسهم الى حد كبير في زيادة سعر الذهب الى أعلى معدلاتها خلال 16 عاماً ونصف العام بقيمة 456،75 دولار للأونصة في ديسمبر 2004 في أوروبا. ويصرح تجار الذهب أن هذا المعدن الذي شهد ارتفاعاً متواصلاً منذ سبتمبر/ أيلول خلال دورة ارتفاع أسعاره في العام 2001 يمكن أن يكون قد حقق زيادة تصل الى 460 دولاراً. ويعتقد كمال نجفي، محلل رؤوس الأموال في باركليز انه دون أي تدخل مهم، من المنتظر أن يواصل الذهب واليورو صعودهما.
ويشير تقرير التحليل المالي الذي أجرته مجموعة استراليا ونيوزيلندا المصرفية (ANZ) الى أن سعر الذهب يتوقع أن يتجاوز 500 دولار أمريكي للأونصة. كما يوضح التقرير أن الخلل الذي حدث في التبادل التجاري والميزانية لا يمكن تداركه على المدى القصير. واعتباراً من نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني ،004 توقع محللون في لندن ارتفاعاً في سعر الذهب الى 428 دولاراً أمريكياً للأونصة في يناير/ كانون الثاني لينخفض بعد ذلك الى 407 دولارات للأونصة في فبراير/ شباط. وتوقعوا أن ينخفض أكثر من ذلك في مارس/ آذار الى 346 دولاراً أمريكياً للأونصة قبل أن يرتفع من جديد في ابريل/ نيسان الى 409 دولارات. غير أن بعض تجار الذهب يميلون الى رأي مفاده أن القفزة الكبيرة في الأسعار هي إشارة تحذيرية وأن تدارك الأمر يمكن أن تكون له تأثيرات مهمة.
استحوذ الذهب على دعم كبير من الحكومات والمؤسسات التي تروج له كخيار استثماري، وفي ذلك لعب مجلس الذهب العالمي دوراً بارزاً في زيادة الاهتمام وتقديم المعلومات المفضلة التي تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالذهب للأطراف المعنيين.
وقام مجلس التنمية الصناعية لولاية دلهي (DSIDC) في الهند بالإعلان في منتصف نوفمبر عن أنه يعتزم إنشاء مركز اختبار للمصادقة على جودة الذهب ومركز للتفوق في تصميم وتصنيع وأبحاث وتصدير المجوهرات. ومن المتوقع أن يساعد مركز التصميم على تحسين مهارات العاملين من خلال تقديم التدريب الداخلي كما أنه سيوفر البنية التحتية الضرورية والمنشآت للصانعين والمصدرين. وبالنظر الى المساندة والشهرة اللتين يحظى بهما الذهب، فقد أصبحت معاملات الذهب مشروعاً مربحاً للعاملين في الصناعة والتجارة والمستثمرين على حد سواء. وفي مومباي، الهند، يستضيف سوق "جولد كاونتي" معارض المجوهرات الذهبية، حيث يمكن للمستثمرين شراء أي كمية من الذهب وتخزينها في البنوك أو الخزائن الخاصة. ويمكن تحويل قيمة المجوهرات الذهبية الى نقد حسب الأسعار السائدة في السوق آنذاك.
وفي الولايات المتحدة وألمانيا وسويسرا والصين وأستراليا الغربية، قامت بنوك خاصة بإصدار شهادات الذهب لكي تسهل على المستثمرين الاتجار بالذهب وإثبات ملكيته دون الاحتفاظ بمخزون مادي، حيث يستمر البنك في الاحتفاظ بالمعدن الثمين نيابة عن عميله. وبهذه الطريقة يتجنب المستثمرون نفقات الشحن والمناولة والاجراءات الأمنية، كما يؤدي ذلك الي السهولة في التبادل التجاري حيث يمكن للمرء بيع قسم من مدخراته بوساطة إعلان نيته للطرف الذي يحتفظ بالذهب. كذلك أصبحت سبائك الذهب القياسية CGS الاستثمار المفضل لمستثمري الذهب في الصين منذ طرحت في السوق منذ يوليو/ تموز، وتأتي هذه السبائك بثلاثة أوزان: أونصتين، 5 أونصات، و10 أونصات ونسبة نقائها القياسية 99،99 في المائة. ومع زيادة الطلب عليها، نجد أن المشترين يحتفظون بمخزونهم الاحتياطي.
وفي تركيا يتم تداول القطع الذهبية الرسمية على نطاق واسع في المدخرات والعملات أيضاً. كما يستخدم الذهب لشراء الممتلكات في فيتنام. وتشجع اليابان الشراء المنظم لهذا المعدن من خلال خطط جمع الذهب (GAPs) المماثلة لخطط المدخرات التقليدية الى جانب ذلك نجد أن الأزمات التي تتعرض لها البنوك والمخاوف الاقتصادية الأخرى تسهم في تعزيز موجات شراء الذهب.
وإذا أخذنا اندونيسيا، تايلاند، كوريا الجنوبية، المملكة العربية السعودية ودول الخليج فإننا نجد أن هذه الدول تستثمر في الذهب أيضاً، وإن يكن ذلك بمعدل أخفض. وفي بلدان أوروبا الغربية مثل فرنسا زاد صافي المبيعات على حجم الشراء خلال السنوات الأخيرة، حيث إن الشباب ورثوا الذهب الذي اشتراه آباؤهم وأجدادهم خلال سنوات الاضطراب السياسي في أوائل القرن العشرين.
وحسب مراجعة السوق التي أجراها مجلس الذهب العالمي فإن شركات التعدين والبنوك المركزية تميل عموماً الى إجراء معاملات أعمالها من خلال لندن ونيويورك، حيث تقدم سوق نيويورك خدماتها لصانعي المجوهرات والمنتجات الصناعية بالاضافة الى الاستثمارات وأعمال المضاربة، فيما تتولى زيوريخ مهمة توريد الذهب الى صانعي المجوهرات والمنتجات الصناعية. وهناك مدن مثل دبي والعديد من المدن في الشرق الأدنى تقوم بتنفيذ أعمال مهمة في هذا المجال تشمل المجوهرات والسبائك الصغيرة (كيلوجرام أو أقل) لأصحاب الاستثمارات الخاصة.
وباعتبار السمعة التي حققها الذهب كونه استثماراً مضموناً وموثوقاً لدى الأثرياء والعامة، ما يزال ينظر الى الذهب بكثير من التقدير كعملة عالمية. وفي هذه الأوقات المضطربة لا يوجد ما يمكن أن يوفر درجة أكبر من الثقة والاطمئنان.
ومن الجدير بالذكر أن استخراج الذهب يحتاج الى رأس مال كبير، خصوصاً في المناجم العميقة في جنوب افريقيا حيث يتم التعدين على أعماق تصل الى 3000 متر، وهناك اقتراحات لإجراء أعمال التعدين في أعماق تصل الى 4500 متر. ويكلف التعدين في المتوسط 338 دولاراً أمريكياً للأونصة الترويسية من الذهب. لكن ذلك يختلف تبعاً لنوع التعدين وجودة المعدن الخام. وتستخرج الأنواع الأنفس من المعدن الخام من طبقات سطحية وتعتبر تكلفة هذا التعدين أرخص من التعدين على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض، ويحتاج التعدين الى إدخال أسطوانات باهظة الثمن في الأرض.
الذهب في أنحاء العالم
إذا جعلنا جميع ما أنتج من الذهب في سلك رقيق قطره 5 مكرون (جزء من مليون من المتر) فإننا نحصل على أغلى سلك ذهبي يمكننا أن نلفه حول محيط الأرض 72 مليون مرة تقريباً.
أشهر قطعة ذهبية
هو قناع وجه الملك الغلام توت عنخ آمون، الذي حكم مصر بين 1361 و1352 ق.م. وقد اكتشف قبر توت عنخ آمون في عام 1922 من قبل هوارد كارتر. ولقد قدم هذا القبر بعض أعظم الكنوز في فن صياغة الذهب وهذا القناع معروض في متحف القاهرة.
إعادة تدوير الذهب
كان الذهب دائماً يخضع لعمليات إعادة التدوير بسبب قيمته النفيسة، وقد اكتشف أول ما اكتشف قبل العصر البرونزي. وهكذا فإن مجوهراتك أو تاج ضرسك قد يحتوي على ذهب استخرج في عصور ما قبل التاريخ وشكل جزءاً من تحفة ذهبية ثمينة أو مجوهرات تعود الى شخصية ملكية أو موظف رسمي رفيع المكانة في حضارات غابرة.
أقدم قطعة مجوهرات ذهبية
يعود تاريخ أقدم قطعة مجوهرات الى الحضارة السومرية التي ازدهرت بين نهري دجلة والفرات جنوبي العراق نحو 3000 قبل الميلاد. ومن أقدم ما عثر عليه من المجوهرات الذهبية ضمن الحفريات الأثرية لقبور ملكية اكتشفت في مدينة أر في بلاد ما بين الرافدين يعود تاريخها الى 2600 سنة قبل الميلاد مجوهرات مصنوعة باستخدام الشمع المصبوب، وقد تضمنت رسماً لحمار وحشي على حلقة كبيرة لمركبة حربية قديمة.
أفلام شهيرة عن الذهب
هناك العديد من الأمثلة على الأفلام التي تناولت جشع الإنسان للذهب، منها على سبيل المثال أفلام جيمس بوند، والعراب، بطولة سين كونري، المهمة الايطالية، بطولة مايكل كين، الصقر المالطي وجمهور تل الخزامى.
الخليج-الامارات
26-5-2005