الدمام: انيس القديحي
أجمع الخبراء الذين تحدثت إليهم «الشرق الاوسط» أمس على أن تأثير النفط الذي سينقله أنبوب باكو ـ جيهان سيكون محدودا.
ففي حين يتوقع أن يبدأ النفط الذي ينقله هذا الأنبوب من بحر قزوين الى ميناء جيهان التركي على ساحل البحر المتوسط لمسافة 1600 كيلومتر بحلول شهر نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل وبقدرة إنتاجية لن تتجاوز نصف مليون برميل، فان هذه الكمية ستأتي في وقت يرتفع فيه الطلب على النفط لتلبية حاجة المصافي العالمية لإنتاج وقود التدفئة لموسم الشتاء، فيما يعد تأثير وصول المشروع لطاقته الإنتاجية القصوى في العام 2008 والبالغة مليون برميل منخفضا وسط نمو متوقع في الطلب على النفط بمتوسط يزيد عن 1.8 مليون برميل سنويا.
من جانبه قلل البروفيسور روبيرت مابرو، الخبير في شؤون الطاقة والنفط ومؤسس مركز أكسفورد لدراسات الطاقة في بريطانيا، من تأثير النفط الجديد الذي سينقله أنبوب نفط بحر قزوين الى ميناء جيهان التركي، على السوق العالمي، مشيرا الى أن دول الشرق الاوسط قلقة بدون مبرر، ففي حين يتوقع أن يدخل النفط الجديد بنهاية العقد الحالي، أي بعد حوالي 4 سنوات حيز التشغيل الكامل لطاقته البالغة مليون برميل، أي أن المشروع سيضيف حوالي 250 ألف برميل سنويا، في حين أن نمو الطلب على النفط عالميا يزيد عن 1.8 مليون برميل، ما يعني أن تأثير هذا النفط محدودة.
ومن جانبه قال الدكتور انس الحجي، الخبير في الشأن النفطي والأستاذ في جامعة شمال أوهايو الاميركية: إن نفط بحر فزوين لن يقوم بمنافسة نفط الخليج العربي على المدى الطويل بل سيقوم نفط بحر قزوين بتخفيف الضغط عن دول أوبك بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص، للعديد من الأسباب أهمها توقع زيادة الطلب العالمي، وزيادة الطلب العالمي على النفط خلال السنوات المقبلة تقتضي وجود مصادر نفطية أخرى خارج دول أوبك مثل منطقة بحر قزوين.
وأضاف إن ارتفاع أسعار النفط بسبب زيادة الطلب على النفط وانخفاض إنتاجه خارج أوبك سيضر بدول الخليج اقتصادياً وسياسياً مما يؤكد الدور التكاملي لنفط بحر قزوين والذي سيساهم في استقرار أسعار النفط ، مشيرا الى أن ارتفاع تكاليف إنتاج النفط في بحر قزوين أعلى بكثير من تكاليف الإنتاج في الخليج، مما يرجح كفة نفط الخليج خاصة في فترات الأسعار المنخفضة تحت سعر 15 دولار للبرميل. ونظراً لانغلاق بحر قزوين وبعد المنطقة عن الأسواق العالمية فإن تسويق نفط المنطقة يزيد من تكاليفه بشكل كبير وفقده القدرة على منافسة نفط الخليج. في حالة منافسة نفط بحر قزوين للنفط الخليجي فإن الدمار الذي سيلحق بنفط بحر قزوين أكبر بكثير من الدمار الذي سيلحق بالنفط الخليجي، حيث يمكن لدول الخليج أن تزيد إنتاجها وتخفض أسعار النفط مما يلحق خسائر فادحة في منطقة بحر قزوين بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجه ونقله. ونظراً لندرة الموارد المالية فإن قيام دول الخليج بالسماح لشركات النفط العالمية بالاستثمار في قطاعها النفطي سيؤثر سلبياً على استثمار هذه الشركات في منطقة بحر قزوين! ورغم الدور الذي تلعبه الشركات والحكومات الأجنبية في المنطقة إلا أن المشاكل السياسية وعدم الاستقرار السياسي أحد حقائق المنطقة. وقد لا تستخدم عائدات النفط لتحسين أحوال البلاد وبناء البنية التحتية والتغيير الهيكلي وإنما ستستخدم لخدمة أنظمة يعمها الفساد والمحسوبية وتقويتها. وقد تم فعلاً توزيع الثروة وتخصيص الشركات الحكومية وتوزيعها على الطبقة الحاكمة في منطقة القوقاز.
وتفيد بعض التقارير التي صدرت أخيراً أن دول منطقة بحر قزوين من أسوأ المناطق في العالم في مجال الحريات. إن هذه الحقائق ستنعكس سلباً على الاستثمارات الأجنبية من جهة، وعلى انسياب النفط عبر الأنابيب في بلاد مختلفة ومتصارعة من جهة أخرى، مما يؤكد الدور العالمي للنفط الخليجي حتى على المدى البعيد. ومن جانب آخر تحدثت «الشرق الاوسط» مع ديفيد فايف، خبير شؤون العرض ومحرر تقرير أسواق النفط ووكالة الطاقة الدولية حيث قال: إن نفط قزوين يمثل مصدرا جديدا ومهما للسوق وخصوصا للسوق الأوربيا لأن نوع النفط المنتج سيكون نفطا خفيفا، ولكنه قال إن هذا النفط لن يكون متوافرا قبل شهر فبراير المقبل وبكمية تقل عن نصف الطاقة الإنتاجية المستهدفة والبالغة مليون برميل، ما يعني أن إنتاج المشروع في هذا العام لن يتجاوز نصف مليون برميل، وهي كمية ستسهم في تلبية الطلب الذي سيكون مرتفعا على وقود التدفئة بحلول الربع الأخير من العام الحالي ودخول الشتاء في حينها في شمال الكرة الأرضية.
وأشار الى أن المشروع لن يتمكن من التشغيل بالطاقة الإنتاجية القصوى قبل نهاية العقد الحالي أو لنقل في العامين 2008-2009 في حين يتوقع استمرار نمو الطلب العالمي على النفط بشكل يفوق هذه الكمية بمراحل.
وعلى الصعيد ذاته قال خبير النفط الكويتي عبد الصمد العوضي في تصريحه لـ«الشرق الاوسط» في لندن أمس حول منافسة نفط قزوين لنفط الخليج انه لا يريد التقليل من أهمية بحر قزوين، إلا ان الضجة حول خط نفط باكو كانت مبالغ فيها، مبينا ان حصة الخط الجديد لا تتعدى مليون برميل يوميا خلال العام المقبل مع بدء عملية التصدير في وقت من المتوقع ان يشهد السوق نموا في الطلب. وقال ان الزيادة التي سيضيفها خط النفط الجديد لا تتعدى 1.2% ، من الاستهلاك العالمي موضحا ان هذه الزيادة من خارج اوبك من شانها ان تخفف الضغط على دولها المنتجة في حال تطلب السوق زيادة في الانتاج. واضاف ان الضجة الاعلامية التي رافقت افتتاح انبوب باكو كانت كبيرة ، لا تعوض حقيقة ان الطلب على نمو النفط العالمي ما زال في نمو مستمر.
الشرق الاوسط
27-5-2005