إذا كانت بعض مناطق الولايات المتحدة قد جنت أرباحا وفيرة من التنقيب عن الذهب في القرن التاسع عشر ومناطق أخرى جنت الأرباح من التنقيب عن النفط في القرن العشرين فإن بعض مناطق الولايات المتحدة كانت على موعد مع الثراء في القرن الحادي والعشرين بعد أن أصبحت الاحتياطات الكبيرة من الغاز الطبيعي لديها في متناول اليد.
فقد ساعد التقدم التكنولوجي في تطوير معدات تستطيع الوصول إلى أعماق سحيقة في باطن الارض لاستخراج الغاز الطبيعي الذي كان يوجد في طبقات لم يكن الوصول إليها أمرا يسيرا في الماضي.
وبالفعل انطلقت شركات النفط لتوقيع عقود امتياز مع أصحاب الأراضي في الولايات الجنوبية ومع الحكومة الاتحادية في المناطق الجبلية في سلسلة جبال روكي حيث أغلب المساحات مملوكة للدولة.
وقد وجدت مدينة فورت وورث بولاية تكساس الواقعة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة نفسها على موعد مع الثروة بعد اكتشاف مخزون هائل من الغاز الطبيعي في باطن أرضها.
يقول دوجلاس ريدميكر مدير مكتب الهندسة المدنية في فورت وورث لوكالة الانباء الالمانية إن مجلس المدينة يمتلك آلاف الافدنة حول المدينة. وقد وقع المجلس بالفعل أول اتفاق لمنح شركة ديل أوبرتنج امتياز التنقيب عن الغاز في المناطق المحيطة بها مقابل 1.4 مليون دولار تحصل عليها المدينة مقدما، بالاضافة إلى 25 في المائة من عائدات الغاز في كل حقل من الحقول التي تحفرها الشركة في أراضي المدينة بحد أدنى 125 ألف دولار شهريا.
وأضاف ريدميكر ان المدينة لديها تسعة عقود امتياز أخرى في الطريق. وعندما يصل استغلال احتياطات الغاز في المدينة إلى حده الاقصى ستحصل المدينة على ملايين الدولارات سنويا.
وقد كانت فورت وورث أول مدينة تمنح شركة حق التنقيب عن الغاز وتسعى باقي مدن الجنوب الأمريكي وأصحاب الاراضي إلى السير على دربها.
وحول مدينة فورت وورث بدأ أصحاب الاراضي يضمون أراضيهم معا بحيث تصبح مساحتها معا جاذبة لشركات التنقيب عن الغاز التي ترى أن المساحة المقبولة لبدء التنقيب عن الغاز لا تقل عن خمسين هكتاراً.
وقال جاري هالسي عضو إحدى مجموعات أصحاب الاراضي التي تبيع حقوق التنقيب عن الغاز لمحطة ناشيونال بابليك راديو الاذاعية "إنها صفقة مغرية. وهذه أموال لم يكن أحد يتوقعها إنها أشبه بالمن الذي أنزله الله من السماء".
وأشار الرجل إلى أنه سيحصل على مئات الدولارات شهريا مقابل قطعة الارض التي كان يمتلكها.
في المقابل فإن جماعات الدفاع عن البيئة ينظرون إلى هذه الظاهرة بقلق كبير. تقول جلين قورد من منظمة سيرا كلوب بمدينة فورت وورث المعنية بالحفاظ على البيئة إن أبراج التنقيب عن الغاز يمكن أن تقام بالقرب من المناطق السكنية وسوف تسبب ضوضاء هائلة غير محتملة على مدى ستة أسابيع من التنقيب.
ولكن ريدميكر يشير إلى أن برج التنقيب الذي يبلغ طوله 30 مترا سوف يزال بعد ستة أسابيع لتحل محله طلمبة لسحب الغاز لا يزيد ارتفاعها على مترين.
وفي الغرب الأمريكي تتوقع وزارة الطاقة الأمريكية زيادة انتاج حقول الغاز الطبيعي في منطقة جبال روكي بنسبة 50 في المائة خلال عشرين عاما.
وتستهلك الولايات المتحدة نحو 25 في المائة من انتاج العالم من الغاز الطبيعي ولكنها توفر 48 في المائة من احتياجاتها منه من حقولها المحلية وهي نسبة جيدة جدا مقارنة بالنفط الذي تعتمد على الاستيراد من الخارج لتوفير احتياجاتها منه.
وقد جنت مدينة مثل باينديل أرباحا كبيرة من تلك الثروة التي تفجرت من الارض. فمنذ خمس سنوات كانت حصيلة المدينة من ضرائب المبيعات (القيمة المضافة) 400 ألف دولار سنويا. وزاد الرقم بنسبة 300 في المائة الآن. وكانت النتيجة قيام المدينة ببناء دار للمسنين ومكتبة عامة واستاد هوكي ومسبح.
وكشف مكتب إدارة الاراضي الأمريكي أن العام الماضي شهد إصدار أكثر من 6000 ترخيص للتنقيب عن الغاز وهو ما يزيد على ضعف عددها عام 2003.
وفي مدينة وايمنج بدأت حقول الغاز تعاني من نقص الايدي العاملة المدربة فظهرت في المدينة مراكز التدريب التي تزود الباحثين عن عمل بالمهارات المطلوبة للعمل في هذه الحقول التي تقدم أجورا مجزية.
ويظل صوت المدافعين عن البيئة محذرا من التداعيات البيئية للتوسع في التنقيب عن الغاز في مناطق "شبه سكنية". ويقول كيفين وليمز أحد نشطاء المنظمة الغربية لمجالس الموارد التي تنسق عمليات استخدام الاراضي من جانب مؤسسات محلية إن كثيرين يشعرون بالغضب بسبب التنقيب عن الغاز والاضطرابات التي سببها شق طرق ومد خطوط أنابيب إضافية لهذه المشروعات.
ومن المؤكد أن "رنين الذهب" القادم من حقول الغاز سيكون أعلى صوتا من صراخ المدافعين عن البيئة حيث تستعد أغلب مدن الجنوب الأمريكي دخول عصر جديد من "الثراء الغازي
الخليج-الامارات
3-6-2005