تحكي قصة من الموروث الصيني أن قائد جيش مات بسبب شدة الغضب بعد وقوعه في مكيدة دبّرها خصومه في المعركة، وعلى فرض أن هذه القصة من نسج خيال الانسان لكننا سمعنا في العصر الحديث خبرا يتحدث عن شخص مات بسبب الغضب الشديد. لذا يتساءل الناس في عصرنا هذا هل يمكن أن يموت الانسان حقا بمجرد الغضب ؟
دائما ما يواجه الانسان أمورا تجعله في ضيق وحرج أو غضب شديد، لكن العلماء يحذرون الجميع خاصة أولئك الذين اعتادوا الغضب لابسط الاسباب بأن نيتجة البحوث الطبية أثبتت أن الغضب يشوش فعلا النبض الطبيعي ويصيب القلب بمرض مفاجئ قد يدفع بعض الناس الى حتفهم إذا كان شديدا، لذلك يجب أن يتعلم الناس أساليب فعالة للسيطرة على تقلباتهم العاطفية وخاصة عند مواجهتهم للغضب الشديد والمشاكل والصعوبات الاخرى .
وأشار الخبراء الى أن خفقات القلب غير الطبيعية ترفع نسبة الاصابة باجهاد القلب الفجائي كما أن الغضب الشديد قد يوقف النبض بشكل فجائي مما يدفع الانسان الى الموت السريع، لذلك يصفون الاطباء الغضب الشديد بانه الفيشة ( الفيوز) التي قد تقطع شريان الحياة بشكل فجائي .
هناك نتيجة بحوث طبية أخرى تؤكد أن بين الصحة والتقلبات العاطفية صلة
وثيقة جدا. وأشار الاطباء النفساويين الى أن الانسان الذي يشعر دائما بفرح وسرور في الحياة يفرز جسمه نوع من الهرمون يلعب دور الحفاظ على استقراره الصحي ويعزز مناعته كما أن الفرح والسرور قادران على ابطاء سرعة النبض وصيانة وظائف القلب وحماية صحة الانسان وخاصة صحة الرجال .
رغم أن الغضب والعواطف السلبية الاخرى تضر فعلا بصحة الانسان لكننا نجد دائما ظاهرة تحيرنا وهى أن كثيرا من الناس الذين يغضبون دائما لكن صحتهم ظلت جيدة حتى أن بعضهم يتمتعون بأعمار طويلة. أما الناس الذين قليلا ما يغضبون فيصاب الكثير منهم أيضا بأمراض عديدة، فكيف يفسر الخبراء هذه الظاهرة في حياتنا اليوم ؟
وأمام هذا التساءل أشار الخبراء الى أن أضرار الغضب والعواطف السيئة الاخرى بصحة الانسان لا تقتصر على مدى شدتها فحسب بل تشمل أيضا المدى الزمني لأثرها في نفس الانسان. لان الغضب واختفاءه أيض عاطفي طبيعي لدى الانسان الذي يسعى الى تحقيق التوازن النفسي. واشار الخبراء الى أن الانسان المهذب يغضب أيضا في الحياة ولكنه يستطيع التخلص من غضبه بشكل سريع وبأساليب فعالة عديدة. فالانسان الذي اعتاد الغضب بينما ظلت صحته جيدة هو الانسان العاقل والماهر في استخدام الاساليب الفعالة للتخلص من عواطفه السلبية بسرعة. أما الانسان الذي لا يجيد أي أسلوب من هذه الاساليب بل يترك عواطفه السيئة تتراكم في أعماق نفسه فستتعرض صحته لأضرار شديدة عاجلا أو آجلا .
لذلك كان إقتراح الخبراء للجميع ألا يغضبوا لابسط الاسباب في الحياة، هذا من جهة ومن جهة أخرى من الضروري أن يتعلم الناس بعض الاساليب الفعالة للتخلص من الغضب وطرد العواطف السلبية من نفوسهم، ويقدم الخبراء للجميع بعض اقتراحاتهم ونصائحهم التي تتمثل فيما يلي :
1 – أسلوب الابتعاد. هذا يعنى أن الانسان الغاضب يجب أن يبتعد بسرعة عن المكان أو الانسان الذي أثار غضبه ويلجأ بسرعة الى مكان هادئ لممارسة عمل جديد .
2 – أسلوب الصرف.هو عبارة عن تجاذب الاحاديث مع الاصدقاء والشكوى لهم مما يعانيه من الغضب والمشاكل لطلب المساعدة منهم مع صرف الغضب والعواطف السلبية الاخرى من أعماق النفس .
3 – اسلوب التحول. يجب أن يخرج الانسان الغاضب من الغرفة فورغضبه، ويذهب الى الطبيعة أو يستمع الى مقطوعة موسيقية. ذلك لتحويل انتباهه النفسي الى أشياء أخرى تخفف شدة غضبه وتخلصه من عواطفه السيئة بالتدريج .
4 – أسلوب تهذيب النفس. يتضمن هذا الاسلوب ممارسة بعض الهوايات الشخصية الفنية كأداء الغناء أو التدرب على الخط الفني أو عزف مقطوعة موسيقية بألة موسيقية أو ممارسة أعمال أخرى لتخفيف حدة الغضب وطرد العواطف السلبية .