هجرة العقول، بسبب انعدام الامن وقلة الرواتب وانعدام الحوافز، قد يحرم العراق من التعليم العالي كلية.
بغداد – من بل اكس وعمار كريم
سجلت اعادة بناء قطاع التعليم العالي في العراق تقدما لكن عملية اصلاحها طويلة رغم توفر رؤوس الاموال مع تهديد اساتذة الجامعات الذين قتل 49 منهم منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان/ابريل 2003، حسب ارقام للامم المتحدة.
ويؤثر الوضع الامني المتدهور في البلاد سلبا على اساتذة الجامعات والمعاهد، اذ يتعرض كثيرون منهم لعمليات خطف او قتل.
وقالت سلوى العوادي الاستاذة في جامعة بغداد "عندما امشي في الشارع اشعر وكأنني مستهدفة"، معبرة عن شعور ينتاب معظم الاساتذة الجامعيين في هذا البلد.
وافادت ارقام نشرتها دراسة للامم المتحدة ان حوالى 49 اكاديميا عراقيا لقوا حتفهم منذ سقوط نظام صدام حسين بينما توقع الباحث السياسي وليد نظمي ان يرتفع عدد هؤلاء الضحايا الى ثمانين.
وقررت الحكومة العراقية رفع اجور الاساتذة بقدار الضعف اعتبارا من الشهر المقبل لاستقدام العديد ممن هاجروا من البلاد تحت وطئة الخوف، لكن مشكلة الامن التي باتت تشغل بال الكثيرين لم تحل.
وتضاف هذه المشكلة الى قضية النقص الحاد في الاجهزة العلمية الاساسية لانجاح سير العملية التعليمية.
وقالت اليزابيث ستون استاذة علم الآثار في الولايات المتحدة ان اساتذة الجامعات العراقية "ما زالوا يتشبثون بما لديهم من امكانات لتستمر الحياة".
واضافت ان "الكثيرين منهم اضطروا ذات يوم لممارسة مهن اخرى لرفع مستوياتهم المعيشية (...) كانوا يعملون كسائقي سيارات اجرة لتوفير عشرة دولارات ميركية في الشهر".
وتبقى المشكلة الرئيسية هي افتقار جامعات العراق للكفاءات بعد ان عصفت بها الصراعات التي شهدتها بالبلاد والعقوبات الدولية التي اعقبت غزو الكويت (1990) مما حرم هذه الجامعات من مواكبة التطورات الكبيرة التي شهدتها جامعات العالم.
واوضح مدير في منظمة الوكالة الاميركية للتنمية الدولية (يو اس ايد) الاميركية في العراق ان مختبرات الجامعات "خاوية".
وتحاول هذه الوطالة المساهمة في تطوير قطاع التعليم في العراق عبر تنظيم دورات تدريبية لمدرسين عراقيين في الاردن ولبنان وتركيا وارسال طلاب عراقيين للدراسة في الولايات المتحدة.
وقد ارسل طلاب الى جامعة هاواي الاميركية لدراسة الزراعة بينم ارسل آخرون الى جامعة دي بول في ولاية شيكاغو لدراسة القانون. وتعمل مع ستون في جامعة نيويورك في مدينة ستون بروك مجموعة ثالثة من الطلبة القادمين من العراق .
واوضحت اليزابيث ستون "اني مسرورة جدا بوجود طلبة عراقيين معي فهم يعملون بجدية حقيقية (...) اعتقد انهم فوجئوا بمدى صعوبة العمل هنا".
واضافت ان طلبتها "اكملوا مرحلة الدراسة في فصل الربيع" بعدما تلقوا دروس مكثفة في مادة اللغة الانكليزية.
وتوقعت ستون ان يعود غالبية الطلبة العراقيين الى بلدهم، لكن هذا لا يمنع ان يختار البقاء لمواصلة الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه على حد قولها.
اما نبيل سعدون استاذ مادة ادارة الاعمال فيقول ان مساعدات شحيحة ارسلت من جامعتي هارفرد واكسفور ولم تفض الى تغييرات حقيقية. ويضيف ان الجامعتين "بعثتا باجهزة كمبيوتر مستخدمة (...) البعض اعتبر ذلك كرم في حين عده آخرون اهانة".
واعلنت ستون ان طلبتها العراقيين ممن عملوا في حقل الحاسبات الالكترونية (الكمبيوترات) اظهروا "تقدما استثنائيا".
واضافت ان "اثنين منهم تلقوا دورات معقدة حول كيفية تحليل صورة ملتقطة عبر الاقمار الاصطناعية ومنظومات تقدم معلومات جغرافية" مجتازين بذلك عقبات تقنية.
الا ان اللغة تبقى احيانا حاجزا برأي ستون التي تضيف "عندما طلب من بعض الطلبة فتح ملف كمبيوتر مضغوط لم يفهموا ما معنى ذلك" في اشارة اللغة الانكليزية التي لا تمت للسان العرب بصلة.
الا ان العقبات تبقى كثيرة ومن بينها ارتفاع تكاليف الدراسة في الجامعات الاميركية. وقالت ستون ان عاما من الدارسة في الجامعات الاميركية يكلف الطالب بين 15 وعشرين الف دولار.
ومنذ نيسان/ابريل 2003، قدمت الولايات المتحدة نحو 20.7 مليون دولار في اطار خطة الوكالة الاميركية لرفد مستويات التعليم العالي في العراق.
وقال المسؤول في وكالة المساعدة الاميركية ان "الصعوبات المالية الحالية ليست عائقا رئيسيا امام الطلبة العراقيين. وقال "يمكن للناس التعلم وهم جالسين تحت الاشجار".
واكدت ستون ضرورة المساهمة في تطوير قطاع التعليم في العراق، محذرة من ان الامتناع عن مد يد العون للاكاديميين العراقيين من شأنه ان يدفع بهم للعمل خارج البلاد.
واضافت انه في حال حدث ذلك "فقد لا يكون في العراق شيء اسمه تعليم عالي"
ميدل ايست اون لاين
13-6-2005