بروكسل - اف ب: تتصاعد المواجهة بين تصورين مختلفين لما يجب أن يكون عليه الاتحاد الأوروبي احدهما ليبيرالي يدافع عنه البريطاني توني بلير والثاني ذو نزعة اجتماعية تتبناه الاحزاب الاشتراكية والمسيحية الديمقراطية مؤسسة المشروع الأوروبي• وفي اعقاب قمة بروكسل أعلن رئيس حكومة لوكسمبورغ جان كلود يونكر الذي ينتمي إلى التيار المسيحي الاجتماعي ويتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي ''هناك تصوران لأوروبا ، كنت اشعر منذ وقت طويل ان هذا النقاش سيندلع في يوم من الأيام''•
وقال ''ان الذين يدعون إلى اتحاد سياسي متجانس ومتضامن يدركون عن أي أوروبا يدافعون لكن الذين يقترحون أوروبا أخرى لا يعرفون كيف يرسمون معالمها''• وتوقع يونكر بنبرة متشائمة ان ''تقهقر أوروبا سيحصل بشكل بطىء وزاحف يصعب التنبه إليه وسيشعر بذلك الآخرون قبل الأوروبيين انفسهم''• وفي المقابل أعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس أن أوروبا اصبحت ''منقسمة'' بين ''من يرغبون في اتحاد أوروبي قادر على مواجهة مستقبله والراغبين في اتحاد أوروبي منغمس في شراك الماضي''• ولا يتفق المعسكران سوى بشأن ضرورة مقاومة العولمة، لكنهما يختلفان بشأن سبل القيام بذلك•
ويمر خط الانقسام بين الدول الأعضاء المؤسسة وحكومات الدول التي طرقت باب الاتحاد في وقت لاحق لا سيما بلدان أوروبا الشرقية الشيوعية سابقا التي قامت باصلاحات ليبيرالية كبيرة وتقع تحت تأثير بريطانيا• ويرى المستشار الألماني جيرهارد شرورد ووزير خارجيته يوشكا فيشر على غرار العديد من الألمان أن المشروع الأوروبي لا يتلخص في مجرد سوق بل في قيام مجموعة سياسية تشدها قيم وتشكل قدوة للعالم في مواجهة النموذج الأميركي على سبيل المثال• وأعلن المستشار الألماني الاشتراكي بعد فشل التوافق الأوروبي حول الميزانية ''لم يتم التوصل لصيانة جزء من جوهر أوروبا كاتحاد سياسي'' مبديا استغرابه من انعدام ''التضامن'' لدى الدول الأكثر ثراء وهي التي رفضت الميزانية• وقال شرودر ان النقاش يتلخص في الخيار التالي ''هل نريد سوقا تتوفر فيها ببعض الآلات أم اتحادا سياسيا بكل ما يترتب عنه؟ أن الاتحاد السياسي يقتضي تضامنا بين الضعيف والقوي''•
وقبل قمة بروكسل، شدد مقربون من الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي يردد الدعوة إلى الدفاع عن الهوية الثقافية والاجتماعية الأوروبية والفرنسية ''إن الهدف هو إقامة إوروبا سياسية وليس سوقا مشتركة''• وفي المقابل يؤكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن مفهومه لأوروبا مفهوم ''اجتماعي'' وأنه يجب، بعد الرفض الفرنسي والهولندي للدستور الأوروبي، الإصغاء بصورة أفضل إلى الناس وتقديم معالجات حديثة لمخاوفهم (بشأن انعدام الأمن والبطالة)•
وهذا أحد مبررات مطالب لندن المتمثلة في إعادة النظر في الميزانية الأوروبية وتعديل موارد كثيرة مما خصصت لإهتمامات ''بالية'' - في إشارة إلى السياسة الزراعية المشتركة - لتخصيصها لمجالات المستقبل مثل التعليم والأبحاث والابتكار• ويلقى هذا الموقف صدى ايجابيا لدى رئيس الوزراء البلجيكي جي فيرهوفشتات ونظيره الدنماركي فوج راسموسن•
ودعا بلير الذي سيتولى إعتبارا من الاول من يوليو رئاسة الاتحاد الأوروبي إلى ''حوار معمق حول أوروبا'' معتبرا ''الوقت مناسبا لاجرائه''• وقال بلير إن المسألة تتمثل في ''التواصل مع الناس لاعادة ايجاد مثال أوروبي نسعى الى تحقيقه''• وقال ''يجب علينا تغيير السرعة للتكيف مع العالم الذي نعيش فيه''
الاتحاد-الامارات
20-6-2005