القاهرة ـ سيد العبادي:
هي مرحلة مختلفة في حياة كل امرأة•• بالتأكيد ليست مرحلة سارة ولكنها ليست في كل الأحوال شديدة السوء•• فهي بالنسبة للبعض تمر بهدوء وبالقليل من الأعراض المؤلمة•• وبالنسبة للبعض الآخر تحمل الكثير من المتاعب الصحية بدء من الاحترار والتعرق الغزير والعصبية المفرطة والمشاعر الاكتئابية•• وصولا إلى هشاشة العظام ومتاعب الشرايين ومشاكل القلب• الحديث عن مرحلة سن اليأس أو توقف الخصوبة يقودنا إلى الكثير من الحقائق الغريبة•• ومنها أن سن اليأس يمكن أن يصيب فتيات في مقتبل العمر إذا ما تعرضن لمشاكل تؤدي إلى توقف عمل المبيضين•• وأن المرأة العربية بشكل عام اقل تأثرا بالأعراض الصحية المصاحبة لسن اليأس بعكس المرأة الأوربية•• وان التعويض الهرموني يساعد المرأة على تجنب معظم متاعب هذه المرحلة من مراحل العمر والتي تبدأ عند النساء بين 46 و48 سنة• وهناك دراسات تشير إلى أن التغيرات تطرأ على جسم المرأة في سن الخمسين، حيث يتوقف الجسم عن إفراز هرمون المبيض ''الأستروجين''•ويقول الدكتور محمد فياض، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة، إن هناك حقائق ثابتة منها أن انقطاع الطمث هو واقعة فسيولوجية تحدث لكل النساء اللاتي فوق الخمسين عاما، وانه يرتبط ببعض الأعراض التي تسبب للمرأة الضيق والمعاناة، وتسبب مشاكل صحية مهمة مثل هشاشة العظام وأمراض الشرايين•
وأوضح أن المقصود بتوقف الطمث هو آخر دورة حيض شهرية، تليها فترة انتقالية يطلق عليها ''التحول'' وهي التي يتوقف خلالها عمل المبيضين، ثم تلي ذلك فترة ما بعد انقطاع الطمث• وفي بحث أجري على ألفي سيدة تتراوح أعمارهن بين 45 إلى 55 سنة أي خلال فترة التحول وما بعد انقطاع الطمث، قالت 86 في المئة منهن إنهن يعانين في تلك الفترة من اضطرابات جسدية وعاطفية غير سارة مثل العرق الغزير ليلا، واضطرابات النوم والشعور بالتعب، وافتقاد الشهوة أو الرغبة الجنسية أو ما يعرف بالبرود الجنسي، واضطراب الحالة المزاجية أو الاكتئاب، وضمور الأعضاء التناسلية•
وفي دراسة أخرى على مجموعة من النساء انقطع الطمث عندهن تبين أن 51 في المئة منهن يعانين أعراضا حادة و33 في المئة يعانين أعراضا متوسطة و16 في المئة فقط لديهن أعراض معتدلة•
وقال أن العمر المتوسط لتوقف الحمل هو بعد سن 45 عاما، وهذا لا يخضع لتأثيرات عوامل الظروف الاجتماعية والاقتصادية أو الجنس أو التكافؤ أو الطول أو الوزن أو كثافة الجلد، لكن من الثابت أن المدخنات يصلن إلى مرحلة انقطاع الطمث مبكرا•وأشار إلى أن اصغر مريضة مرت به انقطع الطمث لديها لفشل المبيضين كان عمرها 18 عاما، وفي معظم النساء تمت مرحلة التحول بعد انقطاع الطمث من عامين إلى 3 أعوام وتبدأ عادة عند سن 46 إلى 48 وهناك نساء تمتد لديهن فترة التحول إلى أكثر من ذلك بكثير، عندما تبدأ الأعراض الأولية لتوقف المبيضين أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات من أعمارهن•
وأضاف انه عند انقطاع الطمث يصبح المبيض غير قادر على الاستجابة للإشارة القادمة إليه من هرمونات الغدة النخامية، وتصبح الدورة الشهرية في البداية بلا تبويض، ثم ينتج عن هذا ازدياد هرمون الغدة النخامية كمحاولة لتنشيط المبيض ويستمر هذا من عامين إلى 3 أعوام ويتدهور بعدها هرمون الغدة النخامية لمدة طويلة بعد انقطاع الطمث، وقد يحدث أحيانا أن تفرز الغدة فوق الكلوية هرمون الذكورة، وينشأ عن هذا ظهور بعض الشعر على الوجه•
؟ ما التغيرات التي تلاحظها المرأة عند اقتراب انقطاع الطمث؟
؟؟ التغيرات التي يتوقع حدوثها في الدورة الطمثية خلال فترة التحول تتمثل في أوائل فترة التحول حيث تقصر الدورة الطمثية لتصبح من 21 إلى 24 يوما، وقد تطول الفترة بين 28 يوما إلى عدة اشهر•وفي فترة ما بعد انقطاع الطمث يستمر وجود هرمون المبيض لدى بعض النساء، خاصة البدينات، حيث يتحول الهرمون الذي تفرزه الغدة فوق الكلوية إلى نوع من هرمون الأستروجين، والنساء اللاتي تخطين مرحلة انقطاع الطمث وهن بدينات عادة ما يعانين بصورة اقل من النساء النحيفات من أعراض نقص الأستروجين والتي تتمثل في العرق الليلي والأرق، كما أن النساء البدينات أقل عرضه للإصابة بمرض هشاشة العظام لكنهن عرضة للإصابة بسرطان الرحم أكثر من النحيفات وربما يرجع ذلك إلى ضخامة ما لديهن من مخزون هرمون ''الاستروجين''•
العلاج التعويضي
؟ ما الفوائد التي يحققها علاج بديل هرمون الاستروجين؟
؟؟ ثبت منذ سنوات أن علاج بديل هرمون الاستروجين يلعب دورا علاجيا مؤكدا، كما ثبت مؤخرا أن له دورا وقائيا، وقد بينت الدراسات أن 3 نساء من بين كل أربع يعانين أعراض التحول بدرجات مختلفة، وأن كثيرا منهن لم يتلقين أي علاج طبي، وبالتالي فإن العلاج ببدائل الهرمون يمكن أن يلعب دورا حاسما في الإسهام في تحسين حالة المرأة•
وأوضحت إحدى الدراسات أن 40 إلى 50 في المئة من السيدات يصبن بكسور في العظام الهشة قبل سن 75 عاما، وفي عظام الفخذ بنسبة 15 في المئة، وأن العلاج المبكر ببدائل هرمون الاستروجين في أوائل انقطاع الطمث لفترة من 5 إلى 6 سنوات، يمكن أن يخفض مخاطر حدوث الكسور بنسبة 50 في المئة ومن هنا يمكن الوقاية من مرض هشاشة العظام•
؟ ما النتائج المترتبة على نقص هرمون ''الاستروجين''؟
؟؟ الأعراض قد تكون حادة أو متوسطة، أو طويلة المدى، وتظهر الأعراض الحادة بشكل مبكر•• في فترة التحول، عندما يكون الطمث•• برغم عدم استقراره ما يزال يحدث وهذه الأعراض تكون نتيجة اضطرابات الدورة الدموية المقترنة بالمشاكل النفسية، ومن المرجح أن الأمرين مرتبطان، بل وربما كان مرجع ذلك تأثرهما المشترك باضطراب وظيفة الغدد•
وليس معروفا بدقة السبب في حدوث الأعراض الحادة المتمثلة في ارتفاع حرارة الجسم والأرق، لأنها ليست متعلقة بنسبة تركيز ''الاستروجين''•وأكثر الأعراض المتعلقة بالجهاز الدموي حدة هي ارتفاع درجة حرارة الجسم والعرق الليلي والأرق، وتكون هذه الأعراض مصحوبة بفترات من الدوخة وتسارع ضربات القلب والصداع، ويعاني من هذه الأعراض ما يقرب من 75 في المئة من النساء في فترة التحول وانقطاع الطمث، وثلثهن يعانين إنهاكا جسديا، و70 في المئة ممن يعانين أعراض الجهاز الدموي تستمر لديهن هذه الأعراض عامين، وتستمر خمس سنوات لدى 25 في المئة منهن، وفي 5 في المئة تستمر الأعراض إلى مالا نهاية•
الأعراض النفسية
والأعراض النفسية المصاحبة لفترة التحول بعد انقطاع الطمث، تتمثل في صعوبة اتخاذ القرارات وفقدان الثقة والقلق والنسيان وصعوبة التركيز والإحساس بالتهميش، وهذه المشاكل النفسية تصل إلى قمتها مباشرة قبل متوسط عمر انقطاع الطمث، حيث تكون المرأة في حالة نفسية سيئة، كما أن مشاكل الجنس ومصاعب النوم تتزايد بشكل ملموس، وتعاني 25 إلى 50 في المئة من النساء من الشكوى النفسية خلال هذه المرحلة• والمرأة ذات التاريخ العائلي في الاضطرابات النفسية تعاني أكثر من غيرها من المشاكل النفسية•
حصانة اجتماعية
؟ ماذا عن انعكاسات انقطاع الطمث في منطقتنا العربية؟
؟؟ هناك دلائل قوية على أهمية العوامل الثقافية في تحديد نوعية استجابة المرأة لمرحلة التحول، فقد أظهرت الدراسات انه في الهند وإفريقيا والدول العربية تظهر على النساء أعراض قليلة مع انقطاع الطمث لا تتعدى تغير الدورة الطمثية، لأن النساء يتعاملن بشكل عادي مع توقف الطمث على اعتبار انه لا يحظى بنظرة سلبية، ولا ينظر إليه على انه كارثة• بالإضافة إلى تمتع المرأة العربية بمنظومة القيم والتعاليم الدينية التي تحميها من الانكسار النفسي في سن اليأس•
ويعتبر موقف المرأة من توقف الطمث وتجاربها السابقة وشخصيتها من العوامل التي تؤثر في رد فعلها تجاه انقطاع الطمث، وفي المجتمعات الغربية تنظر المرأة سلبيا إلى انقطاع الطمث، بحكم المفاهيم السائدة لديهم، سواء كان ذلك مرتبطا بتقدم السن أو فقدان السمات الاجتماعية المرغوبة كالشباب والجمال•ويأتي تأثير نقص هرمون الاستروجين على النساء نفسيا بطريقتين: حيث تؤدي نوبات العرق الليلي المتكررة إلى دوام الحرمان من النوم، وينتج عن ذلك التعب والإرهاق والضيق• وهناك دلائل قوية على أن نقص الاستروجين له تأثير مباشر على الجهاز العصبي المركزي، حيث ثبت انه توجد عناصر من خلايا المخ تتلقى الاستروجين، وهذا دليل على أن هذا الهرمون له دور في تنشيط خلايا المخ•
أما الأعراض المتوسطة المدى لانقطاع الطمث فهي المتصلة بضمور الجزء السفلي عن الجهاز التناسلي البولي، وفقدان الأنسجة الضامة وأعراض الضمور تحدث نتيجة للجفاف المهبلي، حيث تحدث آلام أثناء المعاشرة الزوجية، مع تكرار الالتهابات•• وقد يؤدي هذا الضمور لالتهاب غشاء المثانة وقناة التبول، فيؤدي ذلك إلى تكرار التبول المصحوب بآلام، وعدم القدرة على التحكم في البول ''السلس''•
وقد يسهم نقص الأستروجين في تراجع الرغبة الجنسية بعد انقطاع الطمث• كما تبين أن هناك نوعا من البروتين في الطبقات السطحية للجلد يتأثر بالاستروجين كما يوجد هذا البروتين في خلايا الشعر والقنوات الدهنية وهذا يفسر حالات جفاف الجلد لدى الكثير من النساء بعد انقطاع الطمث ويتحسن الوضع باستخدام بدائل الاستروجين• ومن الأعضاء الأخرى التي يستهدفها الاستروجين الصدر والرحم وقناة فالوب والمبايض والمهبل ومدخل الفرج ومخرج البول والفم والعينين كما يحدث ضمور في الثدي
الاتحاد-الامارات
20-6-2005