ولد الرسام والشاعر الصيني وانغ مان سو عام 1937 في مقاطعة شانشي، وتخرج في معهد الفنون الجميلة بسيآن عام 1963. ويعمل الآن أستاذا للفنون الجميلة من المرتبة الأولى على المستوى الوطني، ونائب رئيس معهد الفنون الجميلة بشانشي، ورسام في أكاديمية سيآن الصينية. ويشتهر برسوماته التي تصوّر الأشعار القديمة من أسرة تانغ الملكية (618-907 م).
واستوحى وانغ مان سو ابداعاته من قصائد الأشعار القديمة من أسرة تانغ الملكية المزدهرة في تاريخ الصين، وخلق مجالا فنيا جديدا من خلال دمج فن الرسم وفن الخط، أو فن الرسم وفن الشعر. وتعبر هذه الأعمال الفنية عن مشاعر الرسام الداخلية وتجسد ذوقه الفني وفلسفته الخاصة في الحياة، وتفكيره العميق في نفسية المجتمع الذي يحتل الرجال المكانة القيادية فيه.
واستوحيت لوحته بعنوان:"لوحة الآلهة الثمانية عند الشرب" من قصيدة الشاعر الكبير دو فو في أسرة تانغ الملكية بعنوان:"أغنية الآلهة الثمانية عند الشرب". وتصور اللوحة ثمانية شعراء كبار في تاريخ الصين عاشوا في قصور الأباطرة في الأسر الملكية المختلفة، ومصيرهم المختلف. وفي المجتمع الاقطاعي القديم كان هؤلاء الشعراء يكبحون شعورهم وطموحهم، ويشربون الخمر للحصول على الإلهام للإبداع ومصادقة الفنانين الآخرين وتغنّوا ونظموا القصائد في حالة السكر حتى عبروا عن جميع مشاعرهم مثل السعادة والحزن وضيق الصدر والغضب. وفي حالة السكر يختفي الاختلاف بين الرجال والنساء، وبين السادة والخدم، وبين الأبطال والعامة، وبين الأذكياء والأغبياء، حتى يصبح كل الأشخاص على نفس المستوى دون حدود اجتماعية. وفي حالة السكر استوحى الشعراء وأبدعوا أروع القصائد.
وعكس هذه اللوحة التي موضوعها الرئيسي الرجال، تتجسد النساء في الصين القديمة كموضوع تقدير الجمال في لوحة بعنوان:"القمر في مدينة تشانغ آن". ففي كل مجتمع منذ القدم حتى اليوم ظلت العلاقة بين الرجال والنساء نقطة ثقافية مهمة. وفي هذه اللوحة يرمز النهار الى الرجل وهو "ملك النهار"، ويرمز الليل الى المرأة وهى "ملكة الليل". وفي قديم الزمان كانت المرأة الجميلة منظرا بديعا مجسدا للثقافة حيث كان الرجل يستمتع بجمالها ويمجده وفي نفس الوقت يقلّل قيمتها الاجتماعية والشخصية. وفي هذه اللوحة جسد الرسام بصور النساء روح الكفاح المكبوحة بل القوية، وكذلك تعقيد المجتمع الانساني من خلال الترابط والانفصال بين الجنسين. وهدف الرسام الى اكتشاف طبيعة الانسان العميقة والخفية.
ويصور رسم وانغ مان سو المناظر الانسانية في أسرة تانغ الملكية بالإضافة الى المناظر الطبيعية، ويعبر عن مفهوم الصينيين القدماء للثقافة الإنسانية ووجهة نظرهم في تقدير الجمال. ويحلق عالم في ضوء القمر الشاحب والغامض الذي يريح جسم الانسان ويدفئ القلب ويعالج الحرج. أبدع الرسام هذه اللوحات في حالة السكر والخيال، حتى أصبح كأنه يعيش في هذا العالم المختلق والمكتمل الإبداع الفني.
ويتميز أسلوب وانغ ما سو الفني بقوة التعبير عن المشاعر الداخلية بصورة سلسة، وتعتمد وجهة نظره الفنية على التشكيل الرمزي الفني، وتتحلى لغته الفنية بغموض وشحوب. ويرى أن البيئة الخارجية غير مهمة في التعبير الفني، وأن المعنى الحقيقي لإبداع الأعمال هو الإبداع نفسه.