ولد وانغ جيان في أسرة موسيقية وبدأ دراسة العزف على الفيولونسيل من والده، والتحق بمعهد الموسيقى بشانغهاى في الثامنة من عمره، وعمت شهرته أرجاء العالم في العاشرة من عمره ولقب ب"طفل الفيولونسيل العبقري الصيني". وفي عام 1985 سافر الى جامعة يالي Yale للدراسة وتخرج فيها بعد أربع سنوات وأتقن عزف موسيقى تشوبين ويوهانن باخ وشورمان حتى صفق له المشاهدون من أنحاء العالم وأعجبوا بمهارته الفنية العالية.
ويحب وانغ جيان آلته الموسيقية حيث قال:"آلة الفيولونسيل هذه بالنسبة لي ثمينة جدا، لأنها بسيطة ولطيفة كأنها شخص كبير في السن له تفكير عميق. وليست فخمة وحيوية مثل الكمان، وليست قوية وحادة مثل البيانو، لكنها توحي الى الناس وتؤثر عليهم، وهى جزء هام من عالمي الروحي."
وتأثر وانغ جيان في بداية مسيرته الموسيقية بوالده، ولكن والديه لم يتصورا أن يصبح فيما بعد من أبرز العازفين على الفيولونسيل. ففي عام 1979 جاء عازف الكمان الأمريكي المشهور ستاين الى الصين كرسول تبادل ثقافي شعبي لتصوير فيلم وثائقي، ولفت أنظاره طفل صيني كان يعزف على الفيولونسيل بهدوء وانتشاء. وعرض هذا الفيلم في خارج الصين وأحدث صدى كبيرا في وسائل الإعلام، ولقب هذا الطفل ب"طفل الفيلونسيل العبقري الصيني".
قضى وانغ جيان مع والده منذ الرابعة من عمره تسع سنوات في شانغهاى للدراسة بعيدا عن والدتها التي كانت تعمل في بلدتهم البعيدة. وعامله والده كرجل كهل دائما رغم أنه كان طفلا صغيرا، الأمر الذي حرم وانغ جيان من حياة الطفولة البريئة والبسيطة، ولكن من جهة أخرى صقلت هذه الحياة وانغ جيان ليصبح مستقلّ الشخصية. غير أن الحياة المستقلّة تجلب غربة ووحشة وحزن البعد عن الأهل، وتتجسد كل هذه الأحاسيس في موسيقاه.
وفي عام 1985 سافر وانغ جيان الى معهد الموسيقى التابع لجامعة يالي وتتلمذ على يد الأستاذ الكبير وعازف الفيولونسيل باريزو، وتخرج في الجامعة عام 1989 بدرجة ممتازة. وفي عام 1987 اختير ليكون أحد العازفين الشباب الثلاثة لعزف منفرد في أوركسترا الصين المركزية للعرض الفني في الولايات المتحدة. وعزف كونتشارتوات من تأليف الموسيقار البريطاني الكبير ألغار في بيسبرغ وسان فرنسيسكو ولوس أنجلوس، وحظى بتقييم عال من قبل وسائل الإعلام والصحف الأمريكية. وبعد ذلك بقليل أحيى حفلات موسيقية منفردة في نيويورك واسترائيل وفرنسا، وتلقى ثناء وإشادة حماسية في جميع هذه الأماكن. وتذكر وانغ جيانغ عرضه في فرنسا وقال إن عجوزة في السبعين من عمرها نظرت اليه والدموع في عينيها عندما كان يعزف الجزء الأخير من مقطوعة "دون كيخوتي" Don Quixote بطل القصة الذي مات في نهاية الرواية، وكأنها تبحث عن تفاهم وتعاطف. ونظر اليها وانغ جيان غير أن حاجز اللغة منعه من الكلام، حتى بكى الإثنان في النهاية. وشعر وانغ جيان بتأثير الموسيقى القوي وأقسم باسمه: سيحرص على كل لحظة في عزف الموسيقى لتكون كل دقيقة منها مؤثرة.
ويصف بعض الناس موسيقى وانغ جيان ب"لطف وحنان"، وتستطيع أن تلمس قلوب الناس في لحنها العذب والدافئ. وقال وانغ جيان، إن صوت الموسيقى موضوعي، وربما للحن الموسيقى عواطف وأحاسيس تتعاطف مع المستمعين، ولكنه يعزف الموسيقى ليدفئ نفسه فقط. وقال أيضا إنه يحب العزف الذي لم يكن عملا فقط بالنسبة له بل شيئا يعبّر به عن شعوره ويسمو به روحه ويقدم له مجالا للإبداع.