يمكن القول إن الذهاب الى العمل هو أمر إجباري غير مرغوب فيه لدى بعض الناس ولكن الاحصاءات المعنية التي نشرتها بعض الدول الغربية مؤخرا تبيّن أن حوالى نصف العاملين لا يرضون بأعمالهم وأوضاعهم الحالية مما أثار حيرة وتساؤلات الكثيرين عن كيفية وصول عدد هؤلاء الناس الى هذا العدد الكبير ؟
وجاء في نتيجة استطلاع جديد ضمّ معظم الدول الاوروبية حول درجة رضا العاملين باوضاعهم الحالية أن الدولة التي تضم اكثر جموع العاملين الذين لا يرضون بأعمالهم وحياتهم الحالية هى بريطانيا. ويبيّن هذا الاستطلاع أن % 47 فقط من العاملين البريطانيين يرضون بأعمالهم وأوضاعهم الحالية، ويصل هذا العدد في بعض الدول الاوروبية الشمالية الى % 68 ، وفي فرنسا % 61 . أما في أسبانيا وهولندا وبلجيكا فيصل هذا العدد الى % 46 و % 45 و % 35 على التوالي.
أما نظيرتها في الصين فهى لسيت متفاءلة أيضا لأن الكسل وعدم الرضا والعواطف السلبية الاخرى قد انتشرت بمختلف أشكالها بين جموع العاملين .
وجاء في احصاء أجراه أحد المواقع الصينية عبر شبكة الانترنت وضمّ أربعة آلاف عامل أن % 70 منهم غير مجتهدين في الاعمال، و % 13 منهم أصبحوا يعانون من كسل شديد أثناء العمل . كما جاء في احصاء جديد في تايوان أن % 48
من العاملين في تايوان يشعرون بعدم السرور والرضا اثناء ممارسة أعمالهم ، و% 23 من العاملين الآخرين قد فكروا خلال فترة ما في محاولة الانتحار .
ويمكن القول إن العمل المرغوب والمرضي للعامل في كل النواحي مائة في المائة لم يعد موجودا في العالم. ولكل عمل إيجابياته وسلبياته. وعند ظهور بعض الاشياء السلبية أثناء العمل قد يصعب على بعض الناس أن يفكروا بجدية في كيفية تسوية المشاكل التي يتعرضون لها. وعادة ما يقعون في حيرة لا يعرفون أن هذه المشاكل كانت عائدة الى قطاع مهنتهم أم الى مؤسساتهم أو شركاتهم، وأنها نابعة من النظام الاداري أم من الطبيعة الانسانية، وبسبب شخصيتهم أم بسبب الاشخاص الآخرين. وفيما إذا كانت تعتبر من قبيل المشاكل النفسية أم المشاكل الموضوعية الاخرى .
وبعد الدراسة والتحليل وجد الخبراء المعنيون أن الذين يرضون بأوضاعهم الحالية يفكرون في ظروف أعمالهم ورواتبهم أقل ممن لا يرضون بأعمالهم كما وجدوا أن رواتب معظم هؤلاء العاملين الذين يرضون باعمالهم كبيرة. إن دل ذلك على شئ فانما يدل على أن الرواتب وظروف العمل ومجال الترقية هى أهم الاسباب التي تثير شكاوى العاملين .
وأشار الخبراء الى أن العامل إذا فقد الامل والهمة والتطلع الى المستقبل فسيملّ العمل، ومن الارجح أن هذا الملل سيتحول الى كسل أو كسل شديد أثناء العمل
مما يجعل الانسان يفقد الثقة بالنفس. كما اشار الخبراء الى أن زيادة الرواتب وفتح مجال الترقية للعاملين قد لا تزيد من درجة رضاهم إزاء أعمالهم، ولكن بالتأكيد أن خفض الرواتب وتضييق مجال الترقية للعاملين لا بد أن يؤدي الى زيادة شكاويهم وعدم رضاهم بأعمالهم .
هذا واشار الخبراء النفسيون الى أن الانسان يعتبر من قبيل الحيوانات التي تتطلع بلا انقطاع الى تلبية المتطلبات المتزايدة التي من شأنها أن تدفعه الى سلوك مختلف التصرفات الرامية الى تلبية المتطلبات المستجدة. كما اشار الخبراء الى ان لدى الانسان خمسة أنواع من المتطلبات الاساسية، هى: المتطلبات الفيسيولوجية (( الجسدية ))، ومتطلبات الامن والسلامة، ومتطلبات العاطفة الغرامية، وما يتبعها متطلبات الاحترام الذاتي، ومتطلبات الاكتفاء الذاتي.
هذا ويرى الخبراء أن هذه المتطلبات لدى الانسان يتم تلبيتها واحدة تلو الأخرى عادة من الدرجة السفلى الى الدرجة العليا. وعندما يتم تلبية أقدمها من الدرجة السفلى تنشأ بعد ذلك الرغبة بتلبية جديدتها من الدرجة العليا. ولكن بسبب الظروف الواقعية المختلفة كلما ارتقى مستوى المتطلبات الانسانية درجة باتجاه الاعلى ازدادت صعوبة تحقيقه .