عمر إبراهيم
لماذا تأخر ضخ الغاز السوري إلى لبنان؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا التأخير، خصوصاً أن الجانب اللبناني قد أنهى كل استعداداته اللوجستية؟
أسئلة عديدة تطرح هذه الأيام من دون أن تجد لها أجوبة حاسمة لدى المعنيين الذين يفضلون عدم التعليق، وإن كانوا لا يخفون قلقهم من إمكانية أن يدخل هذا المشروع في زواريب ومتاهات سياسية أو ما شابهها، في ظل ما يتردد من معلومات لا يمكن فصلها عما يتردد من شائعات ومفادها أن الجانب السوري بصدد إعادة النظر بالاتفاقية المبرمة مع الجانب اللبناني لجهة تفاصيل العقد، وتحديداً في ما يتعلق بالأسعار، حيث كانت بعض المعلومات أشارت في وقت سابق الى أن الغاز السوري الذي سيضخ سيحسب على أساس تخفيض خاص وبأسعار تقل عما هو متداول في الأسواق العالمية، وهو ما كان من شأنه أن يساهم في تخفيض فاتورة الطاقة بنسبة تصل إلى 40 في المئة بحسب الخبراء الاقتصاديين.
أياً تكن الأسباب والظروف التي حالت دون البدء بضخ الغاز في موعده المحدد في 5 حزيران من الشهر الحالي، فإن موجة من الشائعات بدأت تسري كالنار في الهشيم في صفوف المواطنين، وهي تتماشى هذه الأيام مع الأجواء السياسية السائدة، وإن كان بعضها مبالغاً فيه، إلا أن عدم التوضيح عن سبب التأخير جعل للشائعات مكانة ترقى إلى مستوى معلومات لدى الكثيرين يعززها التكتم الحاصل، وهي مرشحة للتزايد والتأويل الذي لن يبدده إلا إعلان المسؤولين عن حقيقة ما يجري والشروع بتنفيذ المشروع بأكمله لما يمثله من أهمية بالنسبة لأبناء الشمال خصوصاً وللبنانيين عموماً.
فبعد إنهاء شركة <<سيمنس>> الألمانية الملتزمة تشغيل وتأهيل معمل دير عمار بالغاز الطبيعي وإجراء كل التجارب التقنية والفنية على <<الماكينات>> للتأكد من جهوزيتها لاستقبال الغاز الطبيعي الآتي من سوريا في إطار مشروع تحويل العمل في المعمل من المازوت إلى الغاز، كما أفاد مصدر مسؤول في الشركة ل<<السفير>> بأن معظم الأعمال الأساسية المرتبطة بتشغيل المعمل انتهت وجرت معاينة الماكينات والتوربينات، وأعلن المهندس سامي حاوي رئيس مجلس إدارة شركة حاوي اخوان الملتزمة تنفيذ مشروع مد خط أنبوب الغاز الطبيعي من سوريا إلى معمل دير عمار لتحويل وتوليد الطاقة الكهربائية، أن أعمال التمديدات أنجزت بالكامل ونحن بانتظار ضخ الغاز من سوريا.
وأضاف: لا نعرف السبب الحقيقي للتأخير في الموعد، ونحن كنا أبلغنا بأن ضخ الغاز سيبدأ في الخامس من الشهر الحالي، وعليه أنجزنا كل الأعمال، ولا ندري ما جرى، ربما كان هناك عطل ما أو أمور أخرى لم نطلع عليها، ولكن كل ما نعرفه أننا جاهزون في أي وقت لاستقبال الغاز الطبيعي من سوريا.
كلام حاوي يأتي متطابقاً على أرض الواقع، وينسجم مع ما أعلنه مصدر مسؤول في معمل دير عمار، الذي أكد أن الأعمال أنجزت، وجرى التأكد منها من جانب الفريق الألماني المشرف على المشروع والذي غادر لبنان لإنجازه مهامه.
وكانت وزارة الطاقة والمياه وقعت في 5 شباط 2003 مع شركة أوكرانية عقد تنفيذ المشروع بقيمة 12,9 مليون دولار على أن ينفذ في 11 شهراً، إلا ان العقد ألغي بعد شهر من توقيعه لأن الشركة الأوكرانية كما قيل في حينها لم تؤمن الكفالة المصرفية المطلوبة، ليلزم المشروع في أواخر آذار 2003 لشركة حاوي اخوان بعقد قيمته 13,6 مليون دولار ومدته 11 شهراً وبوشر في 25 ايار 2003 العمل فعلياً على المشروع الذي يتضمن تمديد خط أنابيب داخل الأراضي اللبنانية بطول 33 كيلومتراً لجر الغاز السوري من العبودية إلى منشآت النفط في البداوي لتأمين الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة الكهربائية في معمل دير عمار بداية والزهراني في المستقبل.
وعلى الرغم من التأخر الذي شهده المشروع نحو ثلاثة أشهر وزيادة تكلفته نحو 4,5 ملايين دولار والتي يردها رئيس مجلس إدارة الشركة المتعهدة سامي حاوي إلى الأعمال الإضافية التي طلبها كل من الاستشاري شركة <<كيرشنر>> الألمانية والمصمم المتعاقد مع الشركة الأوكرانية، فإن الإعلان غير الرسمي عن انتهاء الأعمال من الجانب اللبناني جاء متزامناً مع إعلان المدير العام للشركة السورية للغاز المهندس علي عباس عن أن تزويد لبنان بالغاز السوري سيبدأ اعتباراً من شهر أيار المقبل، ليسدل بذلك الستار عن مشروع حيوي سيساهم بحسب خبراء اقتصاديين في خفض فاتورة الطاقة بنسبة تصل إلى 40 في المئة.
السفير-لبنان
27-6-2005