كتب - إيهاب الموسى
يمكن وصف الاقتصاد الروسي الحالي بأنه الأكثر تعقيداً. وتسعي الإدارة الروسية للموازنة بين تنويع المصادر الاقتصادية واعطاء وكالات الاخبار العالمية والمراقبين الدوليين الفرصة للادلاء بآرائهم الخاصة حول الوضع الحالي للأعمال الاقتصادية الروسية، وعلى الرغم من ذلك فلا احد يمكنه الشك في ان الحكومة تسيطر وتؤثر في الاقتصاد الوطني.
وحسب موقع "برافدا" الالكتروني فإنه يمكن رؤية التغير الذي يشهده الاقتصاد، بالاضافة الى التحسن الذي طرأ على مستوى المعيشة، بشكل جلي، وقالت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية في لقاء صحافي مؤخرا ان الكثير من الامور قد تغيرت نحو الافضل في "روسيا" خلال السنوات الاخيرة، وتضيف: ان حجم الاقبال على الشراء في البلاد يعد دليلاً على اتساع حجم الطبقة المتوسطة، وتشير من ناحية اخرى ان مستوى جودة المعيشة يختلف بين مدينة وأخرى بالنسبة للطبقة الوسطى، في المدن، أما القرى فإن أغلب الناس لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر.
ومن الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة مرت بالظروف نفسها في العشرينات والثلاثينات، عندما بدأت رؤوس الاموال الصناعية بالتطور في الولايات، وقد ادى ذلك الى انعكاس الظاهرة الاقتصادية على الثقافة الكلاسيكية الامريكية. وتحاول الحكومة الروسية التخفيف من آثار العواقب الناتجة عن التطور الذي تشهده المراكز الصناعية، عن طريق طرح برامج دعم للمدن الاقليمية.
ويعد تدفق رؤوس الاموال الى الخارج نوعاً آخر من النزعات التي يتجه اليها الاقتصاد الروسي والذي يراه الخبراء الغربيون كنقطة سلبية، حيث بلغ حجم الاموال التي تدفقت الى خارج البلاد (100) مليار دولار أمريكي خلال السنوات الاربع الماضية، والتي اصبحت اعلى نسبة منذ عام ،1997 حسب وكالة "فيتش" وتقول الوكالة ان مثل هذا الرقم المهول يعد شاهدا على مناخ استثماري غير ودي، والذي أثر فيه سلباً قضية شركة "يوكوس". وعلى الرغم من ذلك فإن الاستثمارات في الاقتصاد الروسي تشهد نمواً واضحاً ايضاً، رغم كونها تخطو خطوات ابطأ قليلاً. ومن المنطق ان نظن ان الاقتصاد الروسي يمتص رؤوس الأموال، بالاضافة الى ان الحكومة لا تعتزم ابقاء الاموال داخل الدولة، بل انها تسعى الى دعم صادراتها، ويقول: "اندري ناشيتشادن" مدير "معهد الصادرات"، ان هذا يعمل على اضعاف ضغط التضخم، فالحكومة الروسية تخطط لتحرير العملة في 2006 بدلاً من وقف تدفق رؤوس الأموال الى الخارج.
وقد أثر حادث "يوكوس" بشكل قوي في الاقتصاد الروسي، على الرغم من انه لم يكن عنصراً فعالاً في تغيير المناخ الاستثماري في روسيا. ويؤمن وزير المالية الروسي "اليكسي كوردين" ان الاستثمارات الاجنبية في روسيا ستصل الى "100" مليار دولار خلال عام ،2005 ولا يوجد ما يدعو الى الاستغراب حيال التعامل الروسي الحذر من الاستثمارات الكبيرة الحجم في المشروعات الاقتصادية، عدا عن ذلك فإن بإمكان المشاريع الروسية تحمل ديون الادخار في سبيل تحديث الانتاج، آخذة في عين الاعتبار الزيادة التي يشهدها مخزون الذهب والعملات الاجنبية. ولقد نما حجم الديون الاجنبية للولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، بينما نمت الثروات الوطنية في الولايات المتحدة بشكل اسرع بكثير مقارنة مع الديون الاجنبية، مما ساعد على حماية الولايات المتحدة من العجز.
ولا يجب ان نغفل ان لدى روسيا العديد من المشكلات الاقتصادية التي يتوجب عليها التعامل معها، هذه الايام. فروسيا الآن تواجه مشكلات متعلقة بالاداء الضعيف حيال التنوع الاقتصادي. فروسيا تصدر المواد الخام بكميات معقولة. ويقول كوردين: إن 5،8% كمعدل للنمو الاقتصادي يعد تقديراً معتدلاً، ويضيف: ان بالإمكان تحقيق معدل اداء أعلى أيضاً.
ومن الجدير بالذكر ان النمو الذي تم تحقيقه العام الماضي وصل الى 7،1%. وهناك مشكلات معينة تواجه اعادة الشفافية الى رأس المال الاقتصادي.
وبشكل عام، فإن روسيا تقبل على تغيرات اقتصادية مهمة، منها الدخول الى منظمة التجارة العالمية، واستكمال سلسلة الاصلاحات الاقتصاية، حيث يعتمد الاقتصاد الروسي على قرارات الحكومة ورغبتها، ولدى البلاد فرصة لإبطاء التقدم في حقل اقتصادي معين للتركيز على حقل آخر وتحقيق الأهداف المهمة المرجوة.
الخليج-الامارات
30-6-2005