قال مسؤول مصرفي كبير يوم الخميس ان على الحكومة اللبنانية المقبلة أن تنفذ اصلاحات للسيطرة على الدين العام وتفادي أزمة مالية محتملة.
وقال مكرم صادر الامين العام لجمعية مصارف لبنان ان الحكومة المقبلة أمامها فرصة نادرة للحد من الدين العام البالغ 36 مليار دولار بفضل التأييد الشعبي بعد انسحاب القوات السورية من البلاد والانتخابات التي جرت الشهر الماضي.
ويجري رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة الذي شغل منصب وزير المالية معظم فترة الحرب الاهلية التي انتهت عام 1990 مشاورات مع التكتلات البرلمانية وكبار المسؤولين لتشكيل أول حكومة منذ خروج القوات السورية من لبنان في ابريل نيسان الماضي.
وقال صادر ان أمام لبنان فرصة تاريخية لاتخاذ قرارات مستقلة للمرة الاولى منذ الحرب الاهلية لتقليل الانفاق الحكومي وزيادة معدلات النمو.
وقبل ست سنوات ساعد صادر في وضع خطة اعادة هيكلة لم تنفذ. وتوقعت الخطة ان ينمو الدين العام بما يخرج عن السيطرة. وقد وصل الدين الى نحو مثلي الناتج المحلي الاجمالي.
وتستنفد خدمة الدين أكثر من نصف الايرادات الحكومية ويمثل الانفاق العام 40 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. وتمول بنوك لبنان نحو 42 في المئة من الدين اللبناني في حين يقل هذا الرقم عادة عن عشرة في المئة في دول أخرى.
ويعتقد صادر وهو خبير اقتصادي بارز درس في فرنسا ان من الممكن تفادي أزمة مالية اذا اتخذت الحكومة اجراءات فورية لخفض الانفاق وتوسيع القاعدة الضريبية.
وقال ان هذه الاجراءات تشمل زيادة الايرادات من الدخول والانشطة غير الخاضعة للضرائب واسترداد جميع حقوق الدولة ومواردها بالاضافة الى خفض الانفاق وخفض جميع البنود غير الضرورية من التحويلات والمنح والدعم.
وتخسر الدولة ايرادات لا يعرف حجمها بسبب عدم تحصيل فواتير كهرباء وبسبب التهرب الضريبي. كما أنها تملك عقارات استولت عليها بصورة غير قانونية جماعات لها صلات سياسية دون أي مقابل.
وقال صادر ان خطة جادة لاعادة الهيكلة تعني تقليل الاقتراض وتقليص الاعتماد على البنوك وخفض أسعار الفائدة وتشجيع الاستثمارات الحقيقية.
وقد خصصت البنوك التجارية أكثر من نصف أصولها البالغة 66 مليار دولار لتمويل الدين والمساعدة في حماية الليرة اللبنانية.
وأودعت البنوك مبالغ بالدولار مرارا لدى مصرف لبنان المركزي لدعم احتياطياته بالنقد الاجنبي والدفاع عن الليرة في أوقات الازمات مثلما حدث عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 فبراير شباط الماضي.
كما استخدم البنك المركزي أسعار فائدة مرتفعة للحفاظ على سعر العملة اللبنانية عند 1507.5 ليرة مقابل الدولار والحيلولة دون هروب رأس المال.
ويبلغ متوسط العائد على أذون الخزانة بالليرة اللبنانية 7.5 في المئة بينما يبلغ 6.9 في المئة على السندات الدولارية اللبنانية.
وقال صادر المودعون اصبحوا معتادين على الفائدة المرتفعة على حساب السيولة للاستثمارات الاخرى. ويمكن ان تنخفض الاسعار بما بين 100 و150 نقطة أساس بسرعة مع تطبيق اجراءات الاصلاح.
وبعد انتهاء الحرب الاهلية عام 1990 أقبل لبنان على الاقتراض بكثافة لاعادة البناء وتمويل التحويلات الاجتماعية وسداد المرتبات والانفاق على قوى الامن والحفاظ على سعر صرف الليرة أمام الدولار مما حرم السياسة المالية من المرونة.
وبدأ الحريري الاقتراض بكثافة عندما تولى رئاسة الوزراء عام 1992 ثم حاول تنمية الاقتصاد للتغلب على الدين وقال ان قيود النظم الطائفية في لبنان حالت دون الاصلاح.
وكان السنيورة مساعدا مقربا للحريري. وارتفع معدل النمو الى خمسة في المئة تقريبا في السنة الاخيرة التي كان فيها السنيورة عضوا في مجلس الوزراء في 2004 بالمقارنة مع ما بين اثنين وثلاثة في المئة عام 2003 ومع ركود الاقتصاد في السنوات الخمس السابقة.
وقال صادر ان الاقتصاد اللبناني يمكن أن ينمو بوتيرة أسرع بما يخفض معدل الدين الى الناتج المحلي الاجمالي.
وقال صادر السنيورة يعلم جيدا جدا أن الوضع حرج وأن كسب الوقت أمر حيوي .
القناة-السودان
8-7-2005