تخطط واشنطن ولندن سرا، على ما يبدو، لسحب غالبية قواتهما من المستنقع العراقي خلال عام، في وقت حذر سنة العراق من أن مطالبة الشيعة بحكم ذاتي في الجنوب سيعمق الانقسامات السياسية ويزيد إراقة الدماء.
في هذا الوقت، أطلق الزعيم الشيعي مقتدى الصدر حملة لجمع مليون توقيع على عريضة تطالب بخروج قوات الاحتلال الأجنبية من العراق، معلنا مع ذلك أنه في قلب العملية السياسية وليس خارجها فيما سقط عشرات القتلى والجرحى في سلسلة هجمات بينها انفجار سيارتين مفخختين على معبر حدودي مع سوريا
وتضمنت مذكرة بريطانية سرية كتبها وزير الدفاع جون ريد إلى رئيس الوزراء طوني بلير، وتم تسريبها إلى صحيفة <<ميل أون صنداي>>، ملخص خطة لإعادة أكثر من نصف القوات الأميركية والبريطانية المنتشرة في العراق إلى بلادها خلال عام.
وتمثل هذه المذكرة المؤشر الاوضح حتى الان على ان واشنطن ولندن بحثتا بشكل سري خيار انسحاب مبكر من العراق. وجاء الكشف عن المذكرة بعد ايام على التفجيرات التي شهدتها لندن والتي ربطت دوافعها بمشاركة بريطانيا في احتلال العراق.
وذكرت الوثيقة البريطانية أن واشنطن تبحث خططا لتقليص قواتها البالغ قوامها حاليا نحو 176 ألف عنصر إلى 66 ألفا بحلول منتصف العام المقبل وان بريطانيا ستقلص قواتها من 8500 عنصر إلى ثلاثة آلاف فقط خلال تسعة أشهر. ويشير ريد، في الوثيقة، إلى أن هذا التخفيض لعديد القوات البريطانية سيوفر على الخزينة البريطانية
500 مليون جنيه سنويا.
وتقول الوثيقة <<لدينا التزام لتسليم العراقيين السيطرة على محافظتي المثنى وميسان (اثنتان من أصل أربع محافظات تحت السيطرة البريطانية في جنوب العراق) في تشرين الأول 2005، والمحافظتين الأخريين، ذي قار والبصرة، في نيسان 2006>>. وأوضحت أن <<ذلك يجب أن يؤدي بدوره إلى تخفيض الحجم الإجمالي لالتزام بريطانيا في العراق إلى حوالى ثلاثة آلاف فرد في منتصف العام 2006>>.
وتقول الوثيقة، المسماة <<خيارات حول الوضع المستقبلي للقوات البريطانية في العراق>>، إن <<الخطط الأميركية الظاهرة تفترض تسليم 14 محافظة من المحافظات العراقية الثماني عشرة إلى السلطة العراقية بحلول أوائل العام 2006>>. لكنها أضافت أن المعدل الذي ستسحب به المؤسسة العسكرية الأميركية القوات من العراق لم يصبح نهائيا بعد إذ أن القادة لا يزالوا مختلفين بشأنه.
وتوضح الوثيقة <<ولكن هناك خلافا بين البنتاغون والقيادة المركزية الأميركية اللذين يؤيدان تخفيض عدد القوات على نحو جريء نسبيا وبين القوة متعددة الجنسيات في العراق التي تسلك نهجا أكثر حذرا>>.
وتشير الوثيقة إلى أن قوات أجنبية أخرى عاملة جنوب العراق لن تشعر بأمان إذا ما انسحبت القوات البريطانية، ما سيدفعها على الأرجح إلى الانسحاب هي أيضا، مشيرة على وجه الخصوص إلى القوات اليابانية والاسترالية.
ولم ينف جون ريد صحة المذكرة لكنه قال إنها لا تحتوي سوى على <<تخطيط يتسم بالحذر>> لأحد التصورات المحتملة. غير أن الوثيقة تتضمن للمرة الأولى توقيتا زمنيا محتملا للاستراتيجية التي وصفها الرئيس الأميركي جورج بوش في خطاب له الشهر الماضي عندما قال <<سننسحب عندما ينهض العراقيون>>.
انفصال الجنوب
قال رئيس الوقف السني عدنان الدليمي، إن تكتل أهل السنة الذي يتزعمه يريد أن يرى <<عراقا موحدا>>، مشيرا الى أن هذا الحديث عن حكم ذاتي في الجنوب <<خطير ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من العنف>>. وأضاف أن <<الدعوات إلى الحكم الذاتي مؤذية للعراق وللمنطقة>>.
وكان سياسيون علمانيون من الشيعة طالبوا أمس الأول، خلال مؤتمر صحافي عقد في البصرة وحضره نحو ألف شخص، بحكم ذاتي جنوبي العراق. وقال باقر التميمي، وهو عضو بارز في الحملة الرامية إلى إعطاء حكم ذاتي للجنوب، إن المطالب تتضمن تشكيل برلمان إقليمي وحكومة محلية.
وأعرب المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد عن تحفظه تجاه فكرة الحكم الذاتي. وقال ان سكان الجنوب الذين حرموا من عائدات النفط تحت حكم صدام حسين سيلقون معاملة عادلة من الحكومة المركزية الجديدة.
السفير-لبنان
11-7-2005