إعداد:سهام رمضان
العيون أجمل شيء في الإنسان وتحتل المنزلة الأولى بين الحواس منها نبصر الحياة ونعشقها فهي تغذي الذاكرة وتثري الحياة ولغة التخاطب الصامت بين الأشخاص ومرآة الروح المعبرة عما يعتري الانسان من فرح وحزن.
ولغة العيون من أبلغ اللغات وقد تغني كثيراً عن اللسان، بل إن لها كلاماً تنطق به هو أقوى من اللسان فهي تتجاوز حدود اللغات واللهجات بلغة صامتة لها مفعول السحر في كثير من الاحيان.
والبعض ينفرد بقراءة العيون عندما تعجز الكلمات عن وصف ما بداخل الإنسان من عمق المشاعر ورقة الاحاسيس.
وطبيعة العيون تضفي حسناً وجمالاً في المضمون منها ـ اللوزي ـ وعيون المها ـ والبقر ـ الوحشي ـ ومنها الكحلا أو الحوراء، وللعيون ألوان تشد وتسحر الناظر اليها وكل لون يحدد شخصية صاحب العيون. والأمر لا يحتاج إلى الكلام لكي يكوّن الناس فكرة عنها، ولكن يكفي أن ينظروا إلى عين الشخص لكي يعرفوا الكثير عنه. ہفالعينان اللتان تتميزان باللون البني تدلان على قوة الشخصية وتحمّل المسؤولية ويستحق صاحبها الثقة به.
وكلما زادت درجة غمقان اللون البني كان ذلك يعني ان هذه الشخصية القوية تتميز أيضاً بالحساسية الشديدة، أما الدرجات الفاتحة من اللون البني فتعني ان الشخصية تعاني قدراً من الغرور.
أما العينان اللتان تتميزان باللون الأزرق فإن صفاء لونهما يشير إلى الرومانسية والأنوثة، وتتميز هذه الشخصية بالامانة والاستقامة.
لذلك نجد ان معظم الشخصيات الخيالية للأبطال والبطلات تكون عيونهم من اللون الأزرق.
وهناك العينان اللتان تتميزان بلون البندق أي مزيج من البني و الاخضر و الرمادي، هذه النوعية من العيون لها قدرة كبيرة على التأثر بالضوء وتعكس شخصية قوية تتميز بقدرات فائقة تفوق القدرات العادية.
أما العيون ذات اللون الأخضر ووجود عينين بلون أخضر حقيقي فيعتبر شيئاً نادراً إذ غالباً ما يكون هذا اللون مرتبطاً بلون آخر مثل الأزرق ـ الرمادي ـ أو العسلي، وهناك دائماً شيء غامض بخصوص النساء اللاتي يتميزن بعينين من هذا اللون وغالباً ما تكون هاتان العينان جذابتين للغاية وتبعثان على الثقة.
وحركات العيون بغض النظر عن أفعالها تنبئ عن نياتها فهي تعشق وتهوى وتغمز وترمق ـ تحدق وترنو إلى العلا تضمك وتغازل وتطلق المشاعر عبر الأثير وقد فتن وأنشد فيها بعض الشعراء العرب.
ہ العيون في رأي الحكماء والفقهاء والعلماء والشعراء
لقد أوصى الحكماء والفقهاء بحفظ العين ففي الكتب السماوية ورد ذكر العيون ومن القرآن الكريم آيات هدى ونور تنبئ منها العيون بالقصاص والعقاب بالوعد أو الثواب (وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس والعين بالعين)، أو «..عينا تسمى سلسبيلا»ً و«فيها عينان تجريان وحور مقصورات في الخيام».
ويدعو الحكماء إلى حفظ العين فإذا دخلت بيوت الناس فاحفظ عينك وصنها.
(وعينك ان أبدت معايباً فصنها وقل يا عين للناس أعين)
أما الشعراء فلم يتركوا فرصة سانحة إلا وحركوا فيها العيون فقد قالوا:
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
إلى أبيات أخرى
إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر
وتتعددالقصائد التي تتغنى بالعيون ويحلو الختام ببيت «عيني» من دفاتر الشعر في جبل عامل «على عين عبرنا عشية»عليها عيون عاشقات عواكف.
ـ لغة العيون هي رفرفة أجنحة الحمام الزاجل تبعث رسائل الهديل عبر نبضات قلوب العاشقين وأهل الهوى تدق لرؤية الحبيب ولهفة الوصل وهوى العيون وأنوارها. رافقت جلسات السمر وليالي الوصل وإلى مواويل أبو الزلف وأغاني الزجل والقدود الحلبية.
والعيون بجمالها وفسيفساء الوانها أضفت النور على تسمية بعض الاحجار الكريمة مثل عين الشمس ـ وعين النمر ـ وعين الماء ـ وقد سميت الكثير من المناطق والبلدان بتسمياتها مثل ـ عين قانا ـ عين ترما ـ عين الصاحب الخ من التسميات.
وفي اللغة والأدب كتاب العين أول معجم عربي وقصيدة العينية المشهورة وفي التاريخ كتاب عيون الأخبار ـ دائرة معارف عصر ـ وعيون التاريخ.
وللعيون صفات وأوصاف تعجز الذاكرة عن حصرها فلها مكانة متميزة بين الناس في التخاطب والتواصل إذ يقال على عيني ـ وبأمر عيونك ـ والعين لا تعلو على الحاجب وإلى غير ذلك من صفات للعين تجعلها تحتل مكانة عالية ومرموقة في حياتنا.
تشرين-سوريا
25-7-2005