عمان- لانا الظاهر: لاحظ العديد من المراقبين أن ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات في المملكة والعاصمة عمان خصوصا خلال السنتين الأخيرتين تجاوز الارتفاع الاعتيادي. الامر يذكر بالارتفاع الجنوني الذي شهده سوق العقار في أوائل التسعينيات من القرن الماضي عقب غزو العراق للكويت وعودة الكثير من المغتربين. واستثمارهم في سوق العقار.
غير أن الارتفاع الحالي في أسعار العقارات، ارتبط بنشاط ضخم لسوق المقاولات الذي تركز على عمارات الشقق السكنية. وساهم فيه بشكل ملحوظ مستثمرون ومشترون عرب، وعراقيون بالذات.
ويرى أصحاب وتجار عقارات أن أحد أبرز أسباب الإقبال على الاستثمار في العقار في المملكة يعود إلى الاستقرار والأمن في الوقت الذي يمر فيه الإقليم بالاضطرابات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وفي هذا الصدد أكد مدير عام دائرة الأراضي والمساحة المهندس عبد المنعم سمارة أن حجم النشاط في سوق العقار زاد خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام بنسبة تزيد عن تسعين بالمئة مقارنة مع العام الماضي وبلغ حجم التداول في قطاع العقارات حوالي مليار وثلث المليار دينار مشيرا إلى أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلى هذا النشاط منها تطورات الوضع السياسي السائد في المنطقة وخاصة دول الجوار مما جعل أبناء هذه الدول يبحثون عن مكان آمن للسكن والاستثمار، اضافة الى أحداث أيلول في الولايات المتحدة التي جعلت الكثير من المغتربين يبحثون عن مكان آمن للسكن والاستثمار.
وزاد أن انخفاض فوائد القروض والودائع المخفضة مكنت المواطن من الحصول على قروض بفوائد قليلة لغايات شراء الأراضي والسكن فضلا عن لجوء أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في الأراضي كونة استثمارا آمنا.
ويضيف سمارة إلى أن ارتفاع سعر النفط أدى إلى سيولة مالية فائضة في دول الخليج مما جعلهم يبحثون عن مكان أمن للسكن والاستثمار إضافة إلى البنية التحتية المتميزة في الأردن والبيئة الاستثمارية المميزة التي جعلت من الأردن مكانا لجذب المستثمرين.
وأكد أن هناك حركة داخلية في التوجه نحو قطاع الأراضي والعقارات حيث الشريحة الرئيسية للمتعاملين في هذا القطاع هم من الأردنيين بنسبة سبعة وتسعين بالمئة وليس كما يشاع بأنهم من غير الأردنيين.
وأشار إلى أن سجلات دائرة الأراضي والمساحة للأشهر الأولى من العام الحالي 2005 تبين أن 970 معاملة لغير الأردنيين أنجزت مقارنة مع 500 معاملة أنجزت في نفس الفترة من العام الماضي 2004 وتشير قيمة الأراضي وفق السجلات لنفس الفترة بـ 44 مليون دينار مقارنة مع 26 مليون دينار عن العام الماضي وهذه الملايين محسومة من المليار دينار صافي المبيعات والتي تشكل ثلاثة بالمئة من حجم التداول وتبلغ نسبة الجنسية العراقية للمستثمرين في الأراضي 5ر1 من حجم التداول الكلي.
أما بالنسبة للسوريين فقد بلغ عددهم 35 شخصا بما قيمته 140 ألف دينار مقارنة مع 39 شخصا للأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي أي ما يعادل سبعة أشخاص لكل شهر.
وفي السياق يبين المساح نايف أبو جمل أن تنزيل الفائدة القانونية في البنوك والقروض الشخصية التي تمنحها البنوك والتسهيلات التي كانت شبه مجمدة.إضافة إلى أن الوضع السياسي الراهن في الدول المحيطة ساعدت في ارتفاع اسعار الأراضي موضحا أن عمان تعتبر من أكثر العواصم رخصا بالنسبة لثمن العقارات مقارنة مع عواصم الدول العربية.
ويقول علي العمري، (مدير مكتب عقاري) في عمان أن الطلب المتزايد وفائدة البنوك المنخفضة إضافة إلى كثافة السكان زادت جميعها من حجم الإقبال على شراء الأراضي مبينا أن المغتربين والعراقيين هم من أكثر الناس تملكا للأراضي خاصة بعد حرب العراق.
ويؤكد أن مناطق عمان الغربية هي التي تتركز فيها شراء الأراضي وبأسعار مرتفعة.
أم محمد، (مديرة مكتب عقاري) في عمان، تقول: «تعتبر هذه الظاهرة فصلية حيث تكثر في فصل الصيف وتقل في فصل الشتاء وتعزو سبب انتعاش حركة شراء الأراضي إلى عودة المغتربين وهجرة العراقيين مما جعل الكثير منهم يتملكون وذلك بسبب الاستقرار والوضع الآمن الذي يعم المملكة إضافة إلى وجود رؤوس الأموال الكبيرة المتواجدة معهم».
ويبين احد مكاتب العقارات أن حركة الصيف تعمل على تذبذب أسعار الأراضي من يوم لآخر وذلك لكثرة العمران وبناء عمارات الشقق السكنية إضافة إلى تملك المغتربين وتوفر سيولة مالية كبيرة لديهم الامر الذي ساعد على ارتفاع أسعار الأراضي بطريقة جنونية.
ويرى أكثر من تاجر في العقارات أن القطاع العقاري في الاردن استعد قبيل الحرب على العراق إذ قام المستثمرون بتكثيف عمليات امتلاكهم لأراض قاموا بشرائها من أصحابها تمهيدا لتشييد وحدات سكنية عليها، وكانت التوقعات تشير إلى أن أثرياء عراقيين لن تحلوا لهم الحياة في بلادهم أثناء الحرب وبعدها.
وقالوا أن توقعات المستثمرين كانت دقيقة إلى حد كبير، إذ تدفقت الأعداد المتوقعة على الأردن، إذ قام العراقيون باستثمار العقارات وذلك عن طريق ضخ الأموال التي تقدمها سلطات الاحتلال الأميركي في العراق تحت عنوان إعادة الإعمار وقاموا بقبض مبالغ ضخمة ضخت في سوق العقار الأردني.
ويوضح بعضهم أن استمرار ضخ الأميركيين للأموال في العراق التي تدفع من عوائد النفط العراقي سيضمن للقطاع العقاري في الأردن مزيدا من النمو خاصة عند استمرار تدفق أثرياء جدد من العراقيين.
واكدوا أن أسعار الأراضي ما زالت تسجل ارتفاعا ملحوظا حيث سجل سعر الألف متر مربع في بعض مناطق غرب وجنوب غرب العاصمة نحو نصف مليون دولار بعد أن كان سعره قبل ذلك بأقل من عامين لا يتجاوز 150 ألف دولار متوقعا أن تسجل هذه الأسعار مزيدا من الارتفاع.
ويرجع المحلل السياسي والاقتصادي الدكتور فهد الفانك ارتفاع أسعار الأراضي إلى عوامل منها «محدودية المساحة وتزايد الكثافة السكانية وتوفر كم هائل من الأموال الفائضة في الخليج بسبب ارتفاع أسعار البترول وهي بدورها تبحث عن فرص للاستثمار وتدني أسعار الفائدة المصرفية وذلك بسبب طلب العراقيين والخليجيين فضلا عن إعفاء الأرباح الرأسمالية من ضريبة الدخل».
واستبعد الفانك أن تكون الحكومة قد اتخذت إجراء يمكن اعتباره سببا في هذه القفزة، مبينا أن من واجب الحكومة الحد من هذا الاتجاه «عن طريق رفع رسوم نقل الملكية من 10إلى 16% حسب نسبة ضريبة المبيعات حتى يسهم المقبلون على الاراضي بتمويل الخزينة التي تقدم لهم الخدمات».
ويؤكد أن موجة ارتفاع أسعار العقارات لها نتائج سلبية على المواطن محدود الدخل الذي لم يعد قادرا على امتلاك السكن وما يقال عن تأمين السكن لمحدودي الدخل ليس سوى تمنيات لا يمكن ترجمتها إلى الواقع مضيفا أن أرباح بيع الأراضي تؤدي إلى زيادة الاستهلاك والتضخم.
الخبير الاقتصادي المحامي غسان معمر لفت إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي ظاهرة تلازم طبيعة الاقتصاد الأردني من ثلاثة عقود حتى الآن. مشيرا «إلى أن هذه الظاهرة تعكس التركيزات الاستثمارية في الأردن سواء الداخلية أو الخارجية التي تفضل المغامرة والمراهنة على القطاع العقاري». مؤكدا أن ذلك يعود على أكثر القطاعات الاقتصادية أمانا واستقرارا في حين أن باقي القطاعات الأخرى التي تسعى الحكومة إلى تشجيع الاستثمار فيها لن تحقق نجاحا كافيا لإبقاء السوق في حالة توازن بين مختلف قطاعاته.
ويبين معمر أن أحداث الحادي عشر من أيلول عملت على إعادة عشرات الملايين من الودائع المصرفية في الخارج إلى البنوك المحلية وهذا الوضع خلق فائضا نقديا هائلا مما مكن البنوك منح المزيد من التسهيلات في السوق المحلي.
ويشير إلى أن السوق العقاري والسوق المالي كلاهما يشهدان ثورة غير مسبوقة الامر الذي يدلل على عدم وجود قطاعات إنتاجية حقيقية تقنع المستثمر الأردني أو المستثمر الأجنبي بجدوى الاستثمار فيها.
وينبه أن «هناك جانبا من تلك الظاهرة علينا تحمله بسبب مسؤولية السياسات الحكومية في السنوات القليلة الأخيرة إذ بادرت الحكومة إلى منح المستثمر الأجنبي تسهيلات أكثر مما تمنحه للمستثمر المحلي وهذا واضح من طبيعة الترخيصات التي منحت للشركات العقارية المملوكة لمستثمرين عرب أعطتهم الحق بإنشاء مشاريع كانت محظورة قبل ذلك على القطاع المحلي».
ويوضح معمر أن المستثمر الأجنبي منح أفضلية في قطاع النقل على حساب المستثمر المحلي ، ما يضعف بالنتيجة المناخ الاستثماري العام في القطاعات الاقتصادية ككل، وبالتالي «فإن ظاهرة فورة الإقبال على السوق العقاري تخلق تضخما اقتصاديا يضعف القوة الشرائية للمواطن الأردني على نحو فاحش(...) وقد يترك ذيولا وخيمة إذا لم تبادر الحكومة إلى إنعاش القطاعات الإنتاجية الأخرى لتنمية إيرادات المواطن الأردني».
وتشير التقارير التي تصدرها دائرة الأراضي والمساحة الأردنية الى أن عدد عقود بيع الشقق في مختلف أنحاء المملكة 17586بلغ معظمها في محافظة العاصمة التي بلغ عدد عقود البيع فيها 14846 وذلك في عام 2004
بينما لم تبع شقة واحدة في أي من محافظات الرمثا والمفرق والكرك وجرش.
وبلغ عدد بيع عقود الأراضي في مختلف محافظات المملكة 53661 مقابل 32989 في العاصمة عمان.
وأشار التقرير إلى أن البيوعات للعراقيين لعام 2003 بلغت (910ر197ر13) دنانير مقابل (062ر194ر41) دينارا في عام 2004
يذكر أن قيمة المبيعات العقارية لغير الأردنيين بلغت 33993030 دينارا لعام 2003 توزعت على 762 عملية بيع مساحتها 3308 دونمات.
أما في عام 2004 بلغت مبيعات العقارات لغير الأردنيين 72662403 دنانير توزعت على 360 عملية بيع أي بمساحة مقدارها 5046 دونما.
الراي-الاردن
1-8-2005