تقع هذه المنطقة فى محافظة تاو يوان بمقاطعة هونان. وكان الشاعر الصينى القديم تاو تشيان قد وصف فى نثر مشهور له قرية بهذه المنطقة. وحسبما جاء فى نثره ان القرية تحيطها جبال، وهى منبع نهر صغير ايضا على ضفتيه اشجار خوخ متفتحة الزهور، وهى معزولة عن الدنيا ولم تتعرض من قبل لمحن الحروب، فهى منطقة آمنة وهادئة وجميلة للغاية.

هذا النثر كان قد كتب منذ 1600 سنة، وظلت السنة الناس تتناقله حتى اليوم، كما اختير كنص فى احد الكتب الدراسية بالمرحلة الثانوية. لا تزال هذه المنطقة تتمتع وحتى اليوم بجاذبية كبيرة بالنسبة للزوار. وما زالت مناظرها جميلة مثلما وصفه الشاعر القديم تاو تشيان فى نثره. حيث الاشجار القديمة باسقة واشجار البامبو رشيقة كفتاة فى صباها والخيزران القديم متسلق والزهور متفحتة والاعشاب خضراء، وتتزين بها السلالم الصخرية والطرق الصغيرة المتلوية والمقصورات الانيقة، وخاصة عندما تتفتح زهور الخوخ، فتصبح كسحابات حمراء تجذب كثيرا من الزوار الذين يفتنون بهذا المنظر الطبيعى الخلاب.

قال السيد وانغ جون هوى المسئول عن ادارة هذه المنطقة السياحية ان مساحة المنطقة تبلغ نحو 16 كيلومترا مربعا ويزورها كل سنة العديد من السياح، حيث قال:

يصل عدد زوار هذه المنطقة كل سنة الى 540 الف تقريبا، ومنهم ما بين 20 الفا الى 30 الفا من السائحين الاجانب، اما الربيع والخريف فهما موسما سياحة نشطة في هذا المكان الساحر.

والى جانب التمتع بالمناظر الجميلة، هناك برنامج سياحى هام آخر هو احتساء الشاى المحلى المتميز، يطلق على هذا النوع من الشاى اسم "لاى تشا". وحسبما قال المحليون فان المواد الرئيسية لانتاجه هى الزنجبيل والرز النى والشاى الاخضر. اما طريقة تكوين هذا الشاى فهى اولا القيام بتحميص الارز، ثم اضافة المواد الاخرى اليه ونقعها فى الماء الفاتر، وبعد ذلك دقها فى اناء فخارى لتصبح مثل العجين، ويصب عليها القليل من الماء البارد لتكون خفيفة، وبعد ذلك يصب عليها كمية كبيرة نسبيا من الماء المغلى، فيصبح شاى " لاى شا " المتميز.

وقالت الفتاة وو يان يان التى تعمل نادلة فى احدى المقاهى المحلية انه حسب السجلات التاريخية، فان اسلوب انتاج هذا النوع من الشاى يرجع تاريخه الى ما قبل آلاف السنين، واليوم اصبح هذا الشاى لا يستغنى عنه فى حياة المواطنين المحليين.

يعتبر هذا الشاى شرابا ممتازا توارثناه جيلا بعد جيل. ويمكن ان نضيف اليه بعض المواد الغذائية مثل مسحوق من الفول السودانى والسمسم وفول الصويا، ليصبح مذاقه الذ. وحسب تقاليدنا، اذا بلغ المولود سنة من عمره، يحتفظ والداه بالكثير من هذا النوع من الشاى لاستضافة الاقرباء والاصدقاء الذين يأتون للاحتفال بعيد الميلاد الاول لهذا المولود وتقديم هذا المشروب لهم.

واضافت الفتاة وو قائلة ان هذا الشاى هو افضل تحية لاستقبال الضيوف. واذا جاء الضيوف، فانه لا يمكن الاستغناء عن هذا الشاى عند استقبالهم. واذا دخل الزائر اى بيت فى هذه المنطقة السياحية، فسيكرمه صاحب البيت بهذا الشاى الساخن واللذيذ سواءا أ كانت هناك بينهما معرفة سابقة ام لا.

يحب المحليون هذا الشاى كثيرا، وبعضهم قد يحتسى هذا الشاى اللذيذ بدلا من الغداء. واكد المحليون ضرورة شرب هذا الشاى ساخنا، اذ ان الشاى الساخن يتميز باللون الجميل والرائحة النفاذة والمذاق اللذيذ، ونهكته متميزة جدا تجمع بين الحلو والمالح والحريف.

الزائر وانغ لاى احب هذا الشاى فورا بعد شربه، وعندما سئل هل يعرف هذا الشاى، قال السيد وانغ:

" حسب العادات المحلية، فان الضيف الذى يشرب هذا الشاى لاول مرة مطلوب منه ان يشرب ثلاث سلطانيات من الشاى فى المرة، ذلك لان المحليين يرون ان من يشرب سلطانية من الشاى فقط هو لص، ومن يشرب سلطانيتين من الشاى هو ضيف، اما الذى يشرب ثلاث سلطانيات من الشاى فى المرة فهو صديق. وفى ذلك احسن دليل على حماسة المحليين وحسن ضيافتهم."

كل من قرأوا نثر الشاعر القديم تاو تشيان يعرفون ان اسلوب معاملة الضيوف هذا هو استمرار لاسلوب البساطة الذى يتميز به المحليون. وبالنسبة للضيوف، يمكنهم معرفة ميزة المواطنين المحليين هذه والموصوفة فى النثر من خلال احتساء هذا النوع من الشاى.

ان شاى " لاى شا" ليس لذيذا فقط، بل هو مفيد للصحة ايضا. ومن اهم فاعلياته القضاء على البرد والرطوبة من داخل جسم الانسان. ان منطقة تاو هوا يوان تحيطها الجبال، ودرجات الرطوبة فيها ثقيلة. اما شاى" لاى شا" فيتميز بالذات بقدرته على القضاء على الرطوبة من داخل جسم الانسان. ويرى المحليون انه بالمثابرة على شرب هذا الشاى، يمكن مكافحة المرض واطالة العمر.