إعداد ـ عدنان عضيمة :
''بروتون'' هي السيارة الأولى والوحيدة التي تنتجها ماليزيا منذ نحو عشر سنوات• ولقد لاقت الرواج الكبير في العديد من دول جنوب شرقي آسيا لتبدأ بعد ذلك بشق طريقها بخطى ثابتة نحو الأسواق العالمية• ويكمن سرّ نجاح ''بروتون'' في التكنولوجيا العالية التي تضمها وسعرها المنافس حتى أصبحت مثار افتخار الماليزيين على المستويين الرسمي والشعبي لأنها تجسّد عزيمتهم وتصميمهم على اقتحام عالم الصناعات المتقدمة•
ويبدو الآن أن ''شركة بروتون'' أصبحت على غير ما يتمناه لها الماليزيون• فهي مهددة بخطر الإفلاس والاختراق بسبب المنافسة الصينية في السوق الماليزية ذاتها• ومنذ شرعت ''مجموعة جيلي'' الصينية في تسويق سياراتها الصغيرة هناك في شهر يونيو الماضي، غصّت معارض بيع السيارات بالجماهير الماليزية التي رأت في هذه السيارات الجديدة فرصتها للتغيير• وكان الدافع الحقيقي الذي يقف وراء هذا الإقبال الماليزي الكبير على السيارات الصينية هو الفضول لرؤية الدفعة الأولى منها بعد أن غزت أسواق شمال شرقي آسيا• وقبل حلول هذه اللحظات الحرجة، لم تكن تجوب شوارع وطرق ماليزيا إلا أعداد قليلة جداً من السيارات الأجنبية حتى أن مجرد رؤية واحدة منها في الطرق كان من الأمور النادرة• وتقف وراء هذه الندرة الشديدة للسيارات العالمية الفخمة هناك إلى الإجراءات الصارمة للحماية الجمركية بحيث تم فرض رسوم عالية جداً على استيرادها مما قصر زبائنها على كبار الأغنياء• ولقد تغير هذا الحال الآن بعد تخفيض هذه الرسوم مما جعل شوارع العاصمة كوالا لامبور تغصّ بكل أنواع السيارات العالمية الفخمة والشعبية وخاصة منها هايونداي وتويوتا•
وفيما يبدو وكأن هذه التحولات أسعدت الماليزيين بعد أن فتحت أمامهم هامشاً جديداً للاختيار، إلا أنها أصبحت مصدر قلق كبير للمسؤولين عن إدارة المصنعين الوحيدين لصناعة السيارات اللذين تشرف على تشغيلهما شركة ''بروتون القابضة''• ويذكر أن ''بروتون'' شركة تقع تحت وصاية الحكومة الماليزية، وهي معنية بالإشراف المباشر على تجارة السيارات بكل أنواعها إلى جانب اهتمامها بإنتاج سيارات بروتون ذاتها• وفي عام 1999 كانت ''بروتون'' تعيش عصرها الذهبي وحيث كانت نسبة 66 بالمئة من السيارات المبيعة في دول جنوب آسيا مصنوعة فيها• وحتى الآن، وبالرغم من هذه التطورات غير المحبذة التي تعيشها الشركة، إلا أنها تستأثر بنسبة 36 بالمئة من سوق السيارات في هذه المنطقة من العالم•
ويمكن تلخيص الوضع الذي آلت إليه بروتون في أنها أصبحت على مفترق الطرق• ويعود ذلك بدرجة أساسية للسلوك المثير للجدل الذي تنتهجه حكومة رئيس الوزراء عبد الله بدوي الذي قطع عهداً بتخفيض رسوم الحماية الجمركية على السيارات المستوردة استجابة لتوصية صدرت عن بلدان منطقة التجارة الحرة لمجموعة ''آسيان''• وفيما كانت هذه الرسوم تزيد عن 50 بالمئة من الثمن الأصلي للسيارة، انخفضت الآن إلى نحو 20 بالمئة، ومن المنتظر أن تهبط إلى 5 بالمئة فقط بحلول عام •2008 ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى ما يشبه الكارثة لأنه سيصرف نحو 90 ألف عامل من مناصبهم•
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن: ما مستقبل هذه الشركة إذن؟•
يقول المتفائلون من المدافعين عن ''بروتون'' إنه بالنظر لما تتميز به سياراتها من مستوى تكنولوجي متطور، وبسبب النفوذ القوي لماليزيا في مجموعة ''آسيان''، فإن من المتوقع ألا تقتصر سوقها على 26 مليون ماليزي فقط، بل ستمتد لتشمل أكثر من 500 مليون آسيوي ينتشرون في طول المنطقة وعرضها•• من هانوي إلى جاكارتا• وأما المتشائمون فيرون أن ''بروتون'' خسرت مستقبلها كشركة مستقلة ولن تتمكن من الاستمرار إلا بعد الاندماج مع شركة عالمية كبرى يمكنها العمل على زيادة إنتاجها وتصريفه في دول العالم كافة• ولقد ظهرت بوادر من هذا النوع آخر العام الماضي عندما وقعت ''بروتون'' عقداً للتعاون مع شركة فولكسفاجن يسمح لهذه الشركة الألمانية باستخدام مصنعها لتركيب سيارات فولكسفاجن وبيعها في دول شرقي آسيا• ويبدو أن هذه الاتفاقية كانت وراء انتشار شائعات حول بيع الشركة إلا أن مديرها التنفيذي عثمان مختار نفى هذه الشائعات بشدة بالرغم من أنه لم ينكر مساعي البحث عن شريك قوي مثل شركة فولكسفاجن ذاتها•
الاتحاد-الامارات
4-8-2005