عدنان عضيمة:

إذا كنا قد سمعنا كثيراً عن الألاعيب المعقدة التي يمارسها قراصنة الحواسيب في تأليف ونشر الفيروسات القاتلة في أنظمة العمل الرقمية التي أصبحت لصيقة بحياة الناس وتصريف أمورهم بما فيها البرمجيات الرقمية للبنوك والهواتف المتحركة، فإن أحداً منا لم يكن يتوقع أن تصل بهم الأمور إلى حقن فيروساتهم في حواسيب السيارات دون أن يأبهوا بما قد يسببه ذلك من حوادث خطيرة• وتتناقل المرجعيات المهتمة بمتابعة هذه النشاطات النكراء أخباراً مقلقة منقولة عن مسؤولي صناعة السيارات والمحللين المتخصصين مفادها أن قراصنة الحواسيب أصبحوا يركزون نشاطاتهم على كتابة الفيروسات الخاصة بالأجهزة الرقمية اللاسلكية كتلك التي تستخدم في تشغيل ومراقبة معظم أجهزة السيارات الحديثة• ويأتي هذا الخطر من التنافس الحاد السائد بين صنّاع السيارات على إدماج الأجهزة الرقمية في سياراتهم بشبكة واحدة تضم الهاتف المتحرك وأنظمة الاتصال اللاسلكي بشبكة الإنترنت وغيرها من شبكات التوجيه وتناقل المعلومات لتفتح بذلك الأبواب على مصاريعها لتناقل الفيروسات الخطيرة القادرة على تحويل السيارة إلى وحش أعمى لا يعرف طريقه ولا يمكن التحكم به• ولعل من أشهر أنظمة الربط اللاسلكي هذه نظام بلوتوث أو ''السنّ الأزرق''•

ويقول يفجيني كاسبيرسكي رئيس قسم بحوث الفيروسات في مختبرات كاسبيرسكي التابعة لشركته:''يتملكني الخوف والرعب من مجرد التفكير باستخدام شبكة توصيل نظام بلوتوث في السيارات• ولو كانت للهواتف الرقمية المتحركة والحواسيب الصغيرة المنتشرة في الكثير من أجزاء السيارة نفس قناة الاتصال اللاسلكي لتناقل البيانات، فلا بد أن يتوصل القراصنة إن عاجلاً أو آجلاً لطريقة للدخول إلى هذه الأنظمة واستخدامها لتحقيق مآربهم الخطيرة''•

وأسوأ ما يمكن أن يحدث في مثل هذه الحالات هو تعطل أنظمة التحكم الرقمي بما فيها تلك التي تتكفل بضبط أداء المحرك والمكابح وإطلاق عادم الاحتراق والتوجّه الإلكتروني بالإضافة لبعض الأنظمة الأخرى ذات العلاقة المباشرة بسلامة الركاب ومستخدمي الطرق• وربما لا تزال بعض السيارات حتى الآن مصممة بحيث يمكن قيادتها دون أي خطر لو تعطلت كل هذه الأجهزة الرقمية دفعة واحدة، إلا أن من المؤكد أن الحال لن يبقى هكذا في المستقبل القريب وبعد أن أصبح الاتصال اللاسلكي بالإنترنت وبعض الشبكات الرقمية الأخرى ضرورة ماسة في السيارات•

وإذا كان صحيحاً حتى الآن أنه ما من واحدة فحسب من شركات صناعة السيارات قد تلقت تقريراً أو شكوى عن تسرّب الفيروسات الرقمية إلى أنظمة سياراتها، وفيما أشارت الكثير من الدراسات إلى صعوبة حقن هذه الفيروسات في الأنظمة الرقمية للسيارات، فإن صنّاع السيارات أبدوا قلقهم الكبير في هذا الشأن وقرروا أن يواجهوا المشكلة بالكثير من الاهتمام• وكان أول فيروس يقتحم الهاتف المتحرك يدعى ''كبير''، وسجل انتشاره في 20 دولة في طول العالم وعرضه، من الولايات المتحدة إلى اليابان، ومن جنوب أفريقيا إلى فنلندا، وتم نقله بواسطة نظام ''بلوتوث''• وهو النظام ذاته الذي يستخدم في الربط بين الأنظمة الإلكترونية المتعددة في السيارات، فما الذي يحمي هذه الأنظمة من أي فيروس مماثل؟• وحتى لو بقيت الشركات الكبرى لصناعة السيارات حريصة على استخدام أعقد تقنيات الحماية من الفيروسات إلا أن وصولها إلى تلك الأنظمة يبقى أمراً ممكناً جداً•

الاتحاد-الامارات

4-8-2005