اذا سرت في الجبال المغطاة بالضباب الكثيف في جنوب مقاطعة قوي تشو جنوب غربي الصين، ورأيت قرية محاطة بأشجار عالية وكثيفة في نهاية درب صغير طوله 200 متر وأمامها بوّابة قرية خشبية بسيطة، وتشمّ رائحة الأعشاب الذكية والخفيفة، فسنقول لكم: قد وصلتم الى قرية با شا البدائية والعجيبة لقومية مياو الصينية.
تعنى كلمة "با شا" في لغة قومية مياو "كثرة الأشجار والأعشاب". وتبعد هذه القرية من بلدة تسونغ جيانغ جنوب مقاطعة قوي تشو بخمسة كيلومترات، وتسكن فيها 371 أسرة من أبناء قومية مياو ويبلغ عدد سكانها 2061 نسمة. تجذب هذه القرية السياح من أنحاء البلاد بحياتها القديمة وطريقة انتاجها البدائية التي ورثها السكان المحليون من أسلافهم منذ قرون. وفي قرية با شا تستطيع أن تلمس عن قرب التاريخ العريق والتقاليد الشعبية البدائية وأسلوب الحياة البسيطة والقديمة والثقافة المحلية المتنوعة.
عندما تدخلون بوابة القرية تلفت أنظاركم رفوف خشبية طويلة تنشر عليها شتلات حبوب الأرز اللزج. ولا يحرس أحد هذه الرفوف من الأرز لأن السرقة أو الخطف لا يحدث وسط سكان القرية. ثم تسير الى داخل القرية على درب ترابي صغير وسط الحقول مغطي بآثار حوافر بقر، وترى مباني خشبية ذات طابقين على طراز متميز تحت أشجار عالية. تبنى بعض هذه المباني على أعمدة خشبية يبلغ علوّها مترا أو مترين كأنها مباني معلقة، وتصنع جدرانها من الخشب وسقوفها من لحاء الأشجار، وشبابيكها خشبية متحركة. ولن تجد قطعة واحدة من الزجاج على هذه المباني.
ويتميز الرجال في قرية باشا بطراز شعرهم، حيث يلبسون كعكة شعر وسط الرأس، ويحلقون الشعر حولها. ويقال إن كعكة الشعر هذه ترمز الى أشجار الجبال التي تحمي الرجال وتعطيهم قوة وصحة لحماية القرية.
ويحب أهل القرية الأشجار ويحترمونها. وترتبط كل الأعياد المحلية الهامة بالأشجار، وتقام جميع أنشطة الاحتفالات في الغابة. ويرى أبناء باشا أن حياتهم السلمية والهادئة يرجع فضلها الى الحماية التي توفرها لهم الأشجار العالية والكثيفة. وعندما توفيّ ابن باشا يدفنونه في الغابة دون بناء قبر ولا شاهدة بل يزرعون شجرة عليه. ويعتقدون أن الأشجار تحتاج الى التربية والحماية من قبل الانسان، ستردّ الأشجار لهم هذه الجميل في شكل توفير بحياة أفضل لهم.
وعندما يسافر رجل من قرية باشا الى بعيد، يختار بيت أسرة في القرية ويقف أمام بابها ويغني. ويستمع اليه صاحب البيت ثم يهديه بضع كرّات من الأرز اللزج ويودعه ويتمنى له سفرا سعيدا وعودة بسلام.
ويحتفل أبناء قرية باشا بأعيادهم التقليدية العديدة، بما فيها عيد "وانغ شين" معناه "عيد الأحباب"، حيث يصعد الأحباب الشباب من القرية الى الجبال ويتأرجحون تحت الأشجار ويتغنون بحبهم الجميل.
ويقول بعض السياح إن زيارة قرية باشا مثل القيام برحلة زمنية تعود بهم الى الزمن القديم، وإنه مكان ساحر عجيب يجب عليك أن تراها بعينيك.