شيكاغو- من ليندسي تانر: هناك بعض الأخبار الطبية التي يمكنك الركون إليها: تؤكد دراسة جديدة أن ما كان يقوله الأطباء أن شيئاً ما مفيد لك يتبين في غالب الأحيان أنه مضر- أو علي الأقل ليس عظيماً مثلما كان يعتقد في البداية.
وتستند الدراسة إلي مراجعة لعدد من الدراسات الكبري نشرت في ثلاث مجلات طبية محترمة بين العامين 1990 و،2003 وبينها 45 دراسة شهيرة زعمت في البداية أن عقاراً ما أو علاجاً ما نجح في تحقيق ما يرجي منه.
وناقضت أبحاث تالية نتائج سبع دراسات- 16%- واستنتجت أن النتائج التي أسفرت عنها سبع دراسات أخري- أي 16% أيضاً- هي أضعف مما زعم. ويعني ذلك أن حوالي ثلث النتائج الأولية الأصلية لم تكن بالمستوي الذي قيل.
وقد نشرت الدراسة المذكورة أعلاه في عدد 13 يوليو لمجلة جمعية الطب الأمريكية.
وقال كاتب التقرير الدكتور جون يوانيديس، الباحث في جامعة يوانينا في اليونان أن الاستنتاجات المتناقضة أو ربما المبالغ فيها ليست نادرة في الأبحاث السريرية الأصلية.
ويقول الخبراء إن الدراسة هي تذكير الأطباء والمرضي علي حد سواء بأنه ينبغي عدم الوثوق كثيراً بدراسة مفردة وفهم أساليب المعالجة والأدوية كثيراً ما تصبح بالية مع تحقيق تقدم في ميدان الطب.
وفي بيان عن الدراسة قال محررو مجلة نيو انغلند الطبية إن الدراسة المفردة ليست الكلمة الأخيرة، وهذه رسالة مهمة .
الدراسات المدحوضة تناولت مجموعة واسعة من الأدوية والمعالجات. وعلي سبيل المثال ثمة أقراص هرمونات كان يعتقد أنها تحمي النساء اللواتي بلغن سن اليأس من مرض القلب ولكن ثبت لاحقاً أنها تفعل العكس تماماً. وخلافاً للنتائج الأولية، لم يثبت أن أقراص الفيتامين E تقي من الأزمات القلبية.
وشملت التناقضات أيضاً دراسة اكتشفت أن أوكسيد النيتريك لا يحسن احتمال البقاء للمرضي المصابين بهبوط جهاز التنفس رغم الادعاءات الأولية. كذلك أوصت إحدي الدراسات أن مضاداً حيوياً لا يحسن احتمال البقاء عن بعض مرضي تسمم الدم، ثم جاءت دراسة سابقة أصغر حجماً لتكتشف العكس.
واعترف يوانيديس بوجود نقطة ضعف مهمة ولكن غير مطمئنة كثيراً، وهي أنه ليس هناك برهان علي الدراسات التالية كانت بالضرورة صحيحة . ولكن يشار إلي أنه في كافة الحالات الأربع عشرة التي تناقضت أو ضعفت فيها النتائج- كانت الدراسات التالية أوسع نطاقاً أو أفضل تصحيحاً. كما أن الإرشادات الطبية لا توصي حالياً بأي من الأدوية المدحوضة.
المراجعة- أو الدراسة- التي أجراها يوانيديس دققت بأبحاث سبق نشرها في مجلة نيوانغلند الطبية ومجلة لانسيت الطبية البريطانية ومجلة جمعية الطب الأمريكية- وكلها منشورات مرموقة تساعد دراساتها الأسبوعية علي تلبية شهية الناس المتزايدة للأخبار الطبية.
ولعله ليس من قبيل المصادفة أن مجلة جمعية الطب الأمريكية حملت في عددها الأخير دراسة تتعارض مع التفكير السابق أن النوم علي البطن يحسن تنفس الأطفال المنقولين إلي المستشفي إثر اصابتهم بأضرار بالغة في الرئتين. واكتشفت الدراسة أن تنفس هؤلاء ليس أفضل حالاً من الأطفال الموضوعين في السرير علي بطونهم.
وقالت الدكتورة كاترين دي انجيليس، رئيس تحرير مجلة جمعية الطب الأمريكية إنها ضمن الدراسة في تقريري يوانيديس بغية إبراز طبيعة الأبحاث الطبية، وأضافت: أن الجزء الأخرق في العلوم والجزء الأكثر إثارة في العلوم هو أنه علي الدوام تقريباً ليس لديك شيء بالأسود والأبيض .
وقال يوانيديس إنه ينبغي أن يتجنب العلماء ورؤساء التحرير إيلاء انتباه انتقائي بالنتائج الواعدة والأكثر إثارة فقط ، وعليهم أن يجعلوا عامة الناس أكثر دراية بحدود العلم .
وأضاف يوانيديس أن الدراسات المدحوضة لا ينبغي أن تخيف الناس، بل علينا جميعاً أن نبدأ التفكير بدقة أكثر .
وأشارت دي انجيليس أيضاً إلي أن الوسائل الإعلامية يمكن أن تعقد الأمور بعناوين مضللة ومضخمة عن الدراسات.
وقال يوانيديس إن الدراسات الأكثر احتمالاً بالدحض لاحقاً هي تلك التي يدعوها العلماء الدراسات غير العشوائية . وهذه الدراسات مبنية غالباً علي مراقبة نمط عيش المرضي بدلاً من الاستناد إلي نتائج تتعلق بعقار ما أو مداخلات يحددها الباحثون.
الراية-قطر
9-8-2005