7.4% حجم النمو الحقيقي للاقتصاد الإماراتي العام الماضي:دبي تنمي اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على القطاع النفطي
تحقق دول الخليج ازدهارا بفضل اسعار النفط القياسية، حيث اتخذت هذه الدول مسارا اقتصاديا حددت سماتها وخلقت لها شخصيات قوية في المجالات التي برعت فيها، حيث بات العمل المصرفي والمالي في البحرين سمة من السمات التي ميزتها كمركز مالي عالمي لهذا القطاع، بعد أن باتت ملاذا إقليميا جيدا للمؤسسات المالية والمصرفية الإقليمية والعالمية والمؤسسات المساندة لها. على الرغم مما أنجزته الكثير من الدول من نتائج جيدة وملموسة كل بحسب المسار الذي اتجهت إليه، إلا أن النجم الاقتصادي الساطع في سماء المنطقة هو إمارة دبي التي تتراجع فعليا احتياطياتها النفط، بعد أن اعادت رسم صورتها كمركز للتجارة والتمويل والسياحة وفي غمار ذلك اضحت تجسيدا لآمال الخليج في مستقبل مشرق حتى ان جفت ابار نفطه، وتحولت دولة الامارات العربية المتحدة ودبي احدى إماراتها من واحدة من اكثر الاقتصادات اعتمادا على النفط في عام 1980 إلى احد اقل الاقتصادات تعويلا عليه.
ويقول من يعودون لدبي بعد غياب بضع سنوات انهم يتعرفون عليها بالكاد اذ غطت اراضيها الصحراوية مبان ادارية شاهقة ومشروعات سكنية عملاقة ومراكز تسوق ومناطق صناعية، حيث يلوح في الافق عند شاطئ الجميرة اربعون برجا سكنيا لم ينته تشييدها بعد وهو اكبر مشروع سكني في العالم يقام على مرحلة واحدة في نفس المكان الذي كان يشاهد فيه قبل عقدين فقط بدو يقودون جمالهم. وتكشف الحملات الاعلانية عن اوجه التفوق التي تجذب انظار العالم إلى دبي حيث يوجد أعلى برج وأكبر جزيرة صناعية واغنى سباق خيول والفندق الوحيد تحت سطح الماء والفندق الوحيد المصنف بسبعة نجوم في العالم إلى جانب منحدر تزحلق على الجليد في الصحراء. وحتى مع اسعار النفط القياسية فان ثقل قطاع النفط في الامارات يتراجع. وحقق اقتصاد الامارات وهي عضو اوبك نموا حقيقيا بنسبة 7.4% في العام الماضي، بينما نما قطاع النفط بنسبة 2.9% بحسب ما جاء في الاحصاءات الحكومية، كما تسجل سوق رأس المال في دبي نموا ملحوظا، فيما ينفق مستثمرون اموالا على صناعات يأملون ان تنافس عالميا بفضل رخص تكلفة العمالة والطاقة ومناطق التجارة الحرة منخفضة الضرائب والموقع المثالي عند مفترق الطرق بين آسيا واوروبا. وقال رئيس الابحاث في أتش.بي.اس.سي في دبي زاهد تشودري: يتوسعون في قطاعات يتمتعون فيها بميزة تنافسية، تجري تجارب مماثلة بطول الخليج وعرضه. وتحاول ابوظبي التي لا زالت تتمتع باحتياطي نفطي وفير استخلاص قيمة اكبر من احتياطياتها بالاستثمار في البتروكيماويات والسماد. اما امارة رأس الخيمة الأقل ثراء فوجدت ضالتها في الاسمنت والادوية، وعمان في السياحة. وبدأ تحول المسار في اوائل التسعينيات حين كشف ضعف أسعار النفط عن اعتماد مثير للقلق على ايرادات النفط الخام فيما بدأت الحكومات تكافح لتلبية احتياجات العدد المتزايد من السكان. وقررت حينئذ ان التوسع في القطاع الخاص التنافسي هو السبيل الوحيد لتفادي ازمة بطالة على المدى الاطول. وقال دانييل هانا الاقتصادي المتخصص في شئون الشرق الاوسط في ستاندرد شارترد بنك انه في الطفرة النفطية السابقة كانت الحكومات تميل لبدء مشروعات بنية تحتية ضخمة اتضح انها غير منتجة. اعتقد ان من الجلي ان هذا لم يحدث هذه المرة. وتوقع هانا ان تنمو ايرادات الخليج النفطية إلى 230 مليار دولار هذا العام من 180 مليارا في عام 2004 مع بقاء حجم الاموال المستثمرة في الاسواق خارج المنطقة عند نفس المستوى تقريبا. ويعزو السبب لاستثمار الاموال الإضافية في الاقتصادات المحلية عن طريق استثمارات خاصة او اسواق المال المحلية. وارتفعت القيمة المجمعة للتعاملات في بورصات الاسهم في منطقة الخليج 400% منذ عام .2001 وزادت قيمة التداولات في سوق دبي المالية إلى 204 مليارات درهم اماراتي (55.5 مليار دولار) في الفترة من بداية العام الجاري حتى الاسبوع الماضي مقابل 51 مليار درهم في عام 2004 كاملا. ونمت القيمة السوقية للاسهم 87% في ثمانية أشهر، غير ان الشكوك مستمرة بشأن ما إذا كانت الاستثمارات النشطة ستخلف اقتصادا قادرا على النمو اذا ما بدات صادرات النفط تتراجع. ويقول بعض المحللين انه ينبغي على الحكومات ان تتحرك بسرعة أكبر لتعزيز شفافية الشركات والاسواق لمنح اسواق المال النامية اساسا اكثر صلابة. وقال تشودري: اذا فشلتم في ذلك فان السيولة في القطاع الخاص التي وقفت إلى جانبكم في بداية الطريق ستخرج من الباب على الفور. ويبدو دور دبي كمركز تجاري مهيمن في المنطقة مضمونا غير ان وضعها الجديد كملاذ لزائرين اجانب يعتمد على ما تتيحه من بيئة متحررة وسط منطقة تعتنق قيما اجتماعية محافظة. وتهدف دبي لزيادة عدد السائحين الى ثلاثة امثاله ليصل إلى 15 مليون سائح سنويا بحلول عام 2010 غير ان تحقيق هذا الهدف قد يكون مستحيلا اذا سقطت الامارة ضحية هجمات جماعات اسلامية متشددة كما حدث في السعودية والكويت. ولا تزال التوترات في سوق العمل قائمة إذ اخفقت الحكومات في دمج مواطنيها في القطاع الخاص سواء لضعف المهارات او الحافز. وفي تقرير صدر الاسبوع الماضي قال صندوق النقد الدولي انه يحتمل ان تشكل زيادة نسبة البطالة بين مواطني الامارات مشكلة خطيرة للبلاد وان هناك حاجة إلى مزيد من فرص العمل لعدد متزايد من الايدي العاملة الوطنية. ورفعت الحكومة مستوى التدريب ومنحت حوافز لتشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص ولكن حتى نهاية العام الماضي كان الاجانب لا زالوا يمثلون 91.5% من اجمالي عدد العاملين في البلاد. ويقول مراقبون غربيون إن الاسواق الحرة في الخليج لن يمكنها البقاء طويلا بلا حريات سياسية ويطالبون بمزيد من الديمقراطية وحرية التعبير. ولا يستقر ملايين من العمال الآسيويين الذين يمارسون اعمالا يدوية في الخليج لان الدول المضيفة تعتبرهم مصدرا لعمالة رخيصة فحسب وتحرمهم من حق التصويت او حتى تغيير مكان عملهم بلا موافقة الكفيل. وقال تشودري: ستصبح أمورا مثل قانون العمل وحرية التعبير جزءا اكثر اهمية من المزيج الكلي الذي يحدد نوعية الحياة واسعار العقارات والشركات التي تريد الانتقال إلى هناك.
اخبار الخليج-البحرين
10-8-2005