إعداد- عدنان عضيمة:
''الوقود الحيوي'' biofuel، اسم جديد في عالم صناعة الطاقة بدأ يتردد مؤخراً بقوة بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً• وفيما صرفت مراكز البحوث المهتمة بالطاقات البديلة اهتمامها عن السعي لإيجاد الحلول الممكنة لمشكلة الطاقة خلال السنوات العشرين الماضية بسبب الانخفاض النسبي في أسعار النفط، كتب لها أن تستفيق الآن من هذه الغفلة الطويلة لتبدأ في البحث عن كل ما يصلح للاشتعال وذلك في إطار حملة منظمة لحل مشكلة الارتفاع الاستثنائي في أسعار النفط الذي بلغ أثناء كتابة هذه السطور 63 دولاراً لبرميل الخام الأميركي الخفيف• وخصت مجلة ''نيوزويك'' هذا الموضوع المهم بموضوع خاص نشر في عددها الأخير أشار فيه الخبير ستيفن ثيل إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط يجعل ''الوقود الحيوي'' البديل الوحيد المتبقي للبنزين والمازوت في المستقبل القريب• ويقصد بمصطلح ''الوقود الحيوي'' أنواع الزيوت القابلة للاحتراق والمستخرجة من النباتات المزروعة أو الطبيعية بما فيها زيت الذرة أو بذرة القطن، أو المحضرة من معالجة المواد والعصائر الطبيعية خاصة الكحول المحضر من تخمير العصائر السكرية الطبيعية مثل قصب السكر• ويذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يسارع فيها خبراء الدول الشرهة لاستهلاك النفط للبحث عن بدائله، ففي الثمانينات من القرن الماضي، وعقب أزمة النفط الشهيرة التي واكبت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 تم تشكيل لجنة من كبار علماء الطاقة في الدول الصناعية أطلق عليها اسم ''لجنة دراسة الفحم الحجري'' World Coal Study تكفلت بدراسة مشروع طويل الأمد للاعتماد على الفحم كبديل للبترول وخرجت من دراساتها المفصلة بكتاب تحت عنوان: ''الفحم جسر إلى المستقبل'' Coal a bridge to the future تضمن نتائج الدراسة التي خلصت إلى أن الفحم لا بد أن يستبدل البترول خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب وفرته وسهولة شحنه وتناقله بالرغم مما يسببه من تلوث كبير للبيئة• ومضت السنون لتثبت عدم تطابق هذه التوجهات مع الواقع التقني والاقتصادي الذي يعيشه العالم وخاصة بسبب استحالة استخدام الفحم الحجري في تسيير الآلات المتحركة كالسيارات والسفن والطائرات والقطارات• فهل تواجه فكرة الوقود الحيوي المصير ذاته؟•
يبدأ ثيل في تقريره المثير شديد الحماس لهذه الفكرة بحيث استهلّه بضرب مثال حيّ استقاه من تجربة رجل الأعمال البرازيلي جويل روسادو الذي يمتلك شركة طيران خاصة به تضم أسطولاً يتألف من 12 طائرة• ولقد عمد روسادو قبل سنتين، عندما بدأت أسعار النفط في تحطيم حاجز الخمسين دولاراً للبرميل، إلى البحث عن طريقة مبتكرة لالتهام عوائد سوق الطيران وبسط سيطرته التنافسية فيه من خلال اكتشاف بديل رخيص لوقود الطائرات ''البنزين'' الذي يعد من أغلى المشتقات البترولية• وسارع إلى اقتطاع 20 بالمئة من دخله السنوي لتحضير وتخزين نحو 300 ألف لتر من الكحول الإيثيلي ''الإيثانول'' لغرض استخدامه كوقود لطائراته• وطلب من شركة إمبراير البرازيلية لبناء الطائرات تصميم محرك جديد لإحدى طائرات أسطوله من طراز ''إيبانيما'' بحيث يكون متخصصاً باستهلاك كحول الإيثانول بدلاً من البنزين• وبعد أن استلم المحرك الجديد وبدأ باستخدامه، ظهر له أن فاتورة الوقود انخفضت بنحو 40 بالمئة ومن دون تسجيل أي قصور في أداء الطائرة• ودفعته هذه النتائج المرضية إلى توجيه طلب إلى شركة إمبراير للعمل على تبديل محركات الطائرات الإحدى عشرة الباقية حتى تتمكن كلها من حرق الكحول بدلاً من البنزين•
وتكمن المشكلة الوحيدة التي تحول دون تعميم هذه التجربة على المستوى العالمي في أن شركة إمبراير هي الوحيدة في العالم المتخصصة بصناعة الطائرات المدفوعة بوقود الإيثانول مما يستوجب الانتظار سنتين للحصول على واحدة من هذه الطائرات نتيجة الطلب المتزايد على تحويل محركات البنزين إلى محركات مدفوعة بالإيثانول•
وتبحث الآن شركة إمبراير في جدوى مشروع لتعديل محرك طائرة التدريب العسكرية ''تي''25 حتى يعمل بحرق الإيثانول• ويعلق أكير باديلها المدير التنفيذي للشركة على هذه التطورات بالقول: ''هذا يعني لي شيئاً واحداً مفاده أن محركات البنزين في الطائرات تشرف الآن على الانقراض''•
وتتميز البرازيل عن غيرها من بلدان العالم بغناها بمصادر الإيثانول حيث تمتلك 320 مركباً لتحضيره من عصير قصب السكر فيما تعمل الآن على بناء 50 مركباً جديداً ينتظر أن تكتمل خلال السنوات الخمس المقبلة•
الاتحاد-الامارات
10-8-2005