كتبت - هيام المفلح
الأطفال الذين يعانون من كثرة النشاط الحركي ليسوا بأطفال مشاغبين، أو عديمي التربية لكن هم أطفال يعانون من مشكلة مرضية لها تأثير سيىء على التطور النفسي للطفل وتطور ذكائة وعلاقاته الاجتماعية.
ويواجه أهل هؤلاء الأطفال صعوبات كثيرة فبالإضافة إلى المجهود الكبير الذي يبذلونه في التعامل مع هذا الطفل، هم متهمون من قبل الجميع بعدم قدرتهم على التربية.. وهذا بحد ذاته ضغط نفسي إضافي. فينتج عن ذلك قسوة على الطفل ولكن لا فائدة. وكثير من المدارس أيضاً لديها أطفال يعانون من هذه المشكلة.. لكن المشكلة الأكبر هي أن قلة من المعلمين لديهم المعلومات الكافية عنها.. وعن كيفية التعامل مع الطفل.
تقول الدكتورة رابية حكيم أخصائية الطب النفسي للأطفال من جامعة لندن: أن المشاكل السلوكية تظهر عادة عند الأطفال قبل سن السابعة. ومن أعراضها أن كثير من الأطفال يكونون في فترة من فترات حياتهم مشاغبين ودرجة حركتهم زائدة بعض الشيء أو درجة انتباههم ضعيفة نوعاً ما. لكن ما نتحدث عنه هنا.. هو درجة غير طبيعية من النشاط الحركي الزائد وضعف التركيز تكون موجودة في أكثر من مكان مثلاً في البيت والمدرسة.. وليس فقط في موقع واحد..
وتعتبر هذه النقطة مهمة جداًفي التشخيص.. حيث تفرقها عن أمراض نفسية أخرى.
ومن الأعراض الرئيسية تذكر د. رابية:
? قلة الانتباه: يتصف هؤلاء الأطفال بأن المدة الزمنية لدرجة أنتباههم جد قصيرة لا يستطيعون أن يستمروا في إنهاء نشاط أو لعبة معينة، يبدون وكأنهم لا يسمعون عندما تتحدث إليهم عادة ما يفقدون أغراضهم أو ينسون أين وضعوا أقلامهم أو كتبهم.
? زيادة الحركة: لا يستطيعون أن يبقوا في مكانهم أو مقاعدهم فترة بسيطة. عادة ما يتسلقون ويجرون في كل مكان في البيت والسوق ويوصفون بأنهم لا يهدؤون أبداً.
? الاندفاع: يجاوبون على الأسئلة قبل الانتهاء من سماع السؤال. لا يستطيعون أن ينتظروا دورهم في أي نشاط ويقاطعون في الكلام.
وتضيف د. رابية: إن التشخيص في دول أوروبا وبريطانيا على حسب تقسيمة الأمراض النفسية يشترط وجود الأعراض الثلاثة.. لكن في الولايات المتحدة لا يشترط ذلك، لذا نرى أن نسبة الإصابة في أمريكا هي 10- 20 ? أكثر منها في بريطانيا حيث نسبته 5? فقط وذلك لاختلاف في شروط التشخيص كما ذكرنا من الواضح أن المشكلة موجودة فوق ما كنا نتوقع. أن نسبة الإصابة في الأولاد أكثر من البنات 1:4.
وكما ذكرنا فإن هذه المشكلة لها تأثير على تطور الطفل ودرجة تحصيله العلمي، فكثير من الأبحاث أثبت أن نسبة كبيرة منهم يعانون من صعوبات التعلم ( مثل الدسلكسيا).
وعن أسباب مرض كثرة الحركة وقلة التركيز والأنتباه تقول د. رابية: السبب الأساسي غير معروف.. الوراثة عامل جداً مهم.. حيث ما أظهرته الأبحاث الأخيرة على التوائم أن نسبة الوراثة تصل إلى 80? وهي نسبة تعتبر عالية جداً. ثم أن أي إصابة للجهاز العصبي قبل أو أثناء الولادة لها تأثير.. وكذلك نقص الأوكسجين.. والولادات المبكرة.. وإصابات المخ بسبب الألتهابات أو السموم.. تناول الأم أدوية معينة أثناء فترة الحمل.. وأيضاً التعرض لنسبة عالية من مادة الرصاص. ذلك بالإضافة إلى خلل في وظائف الدماغ الكيميائية. وأيضاً العوامل الأجتماعية لها تأثير مثل الأطفال المحرومين عاطفياً أو تحت تأثير مشاكل نفسية.
التشخيص
ويتم تشخيص المرض - والحديث للدكتورة رابية - عن طريق فحص الطبيب النفسي للطفل.. فأعراض هذا المرض تتداخل كما ذكرنا مع أعراض أمراض نفسية أخرى كالقلق.. التوحد وبعض أمراض سلوكية أخرى. أيضاً من المستلزمات ملء بعض الاستبيانات والمقياسات السلوكية من قبل أهل الطفل ومن قبل معلميه، حيث هذه تعتبر قاعدة مهمة لكل طفل لمعرفة درجة مقياس سلوكه ومدى تقدمه في العلاج. وكذلك الملاحظة الميدانية في المدرسة ومراقبة الطفل في الفصل وفي ساحة المدرسة. ومن خلال دراستنا في بريطانيا كنا نرى أن المعلمين والمشرفين على الطلاب هم الذين يقومون بتحويل التلاميذ إلى العيادات النفسية الإرشادية للأطفال، وذلك بعد تنفيذ الخطة الفردية للطفل والمسماة (IEP ).
العلاج
* أما كيف تعالج حالات هذا المرض؟ تقول د. رابية: يكون العلاج بعدة طرق منها:
1- المساعدة التعليمية: فبعض الأطفال يعانون من مشاكل صعوبات التعلم كما ذكرنا ( وهذه ليست لها علاقة بمستوى الذكاء). حيث يستفيدون من بعض الحصص الأسبوعية المخصصة لصعوبات التعلم.
2- العلاج السلوكي: وهو مهم جداً حيث يوضع برنامج خاص للطفل ينفذ في البيت بالتعاون مع الأهل، وفي المدرسة بالتعاون مع المعلم. ويعتمد على نظام التعزيز للتصرفات الجيدة وهو فعال جداً إذا نفذ بطريقة صحيحة.
3- الأدوية: هناك بعض الأدوية الفعالة ونذكر على سبيل المثال فقط المنشطات فبالإضافة إلى أنها تقلل من الحركة الزائدة فإنها ترفع الأداء العقلي وتزيد من قوة التركيز. بعض الأعراض الجانبية والتي نحب دائماً أن يكون الأهل على علم بها : كالأرق، فقدان الشهية، العصبية، وهناك أعراض لا تحدث باستمرار:
مثل صداع، دوخة، غثيان، أحمرار في الجلد، نقصان في الوزن، اختلاف في ضغط الدم.
وحول دور المدرسة تجاه هذه الحالات؟
تقول د. حكيم: المدرسة لها تأثير قوي وفعال في مساعدة الطفل، كما ذكرنا قد يكون المعلم أول من يحول الطفل إلى العيادة بعد موافقة الأهل في بعض الدول. دراية المعلم بهذا الموضوع جد مهمة حيث ردة فعله وتعامله مع الطفل يختلف عند معرفة سبب هذا السلوك.
وفي الختام توجه د. رابية كلمة إلى المعلم فتقول: عزيزي المعلم لا أحد ينكر المجهود الجبار الذي تقوم به.. فعملك شاق يستنفد كل الطاقات.. ولكن مهارتك وإبداعك وتميزك عن الآخرين تكمن هنا في تغير مسار هذا الطفل الذي يواجه صعوبات مختلفة.. فأنت تعتبر الأساس في خطة العلاج.. ففي بعض الأحيان وبسبب تعاون المعلم وتفهمه خطة العلاج السلوكي. نستغني عن العلاج بالأدوية.
الرياض-السعودية
11-8-2005