قام مسلحو حزب الله اللبنانى أمس الاربعاء(12 يوليو) بهجوم مفاجئ على الحدود الاسرائيلية الشمالية وأسروا جنديين اسرائيليين، مما جعل اسرائيل أمام خيارين صعبين بعد أن وقعت فى أزمة الرهينة بينها وبين الفلسطينيين من قبل، ويمكن القول إن حكومة أولمرت تواجه حاليا ضغوطا سياسية وعسكرية فى آن واحد .

أشار المحللون الى أن هذه الضغوط تأتى من النواحى التالية :

أولا: يعتبر حزب الله اللبنانى منافسا أصعب من حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية \حماس\ بالنسبة الى اسرائيل. ورغم أن القوة العسكرية لحركة حماس أضعف كثيرا من حزب الله اللبنانى، إلا أن إسرائيل لم تنجح حتى الان فى اجبار حماس على الاستسلام لها رغم العملية العسكرية المسماة " أمطار الصيف " التى شنتها اسرائيل على الفلسطينيين وقد مضت بضعة عشر يوما . لذلك نقول إنه من الصعب اكثر على اسرائيل أن تجبر حزب الله اللبنانى على إطلاق سراح الجنديين المختطفين بدون شروط بإتخاذ وسائل عسكرية، بل سيحمل ذلك مخاطر كبيرة فى الوقت نفسه.

ثانيا : إن لبنان دولة مستقلة ذات سيادة ، وإذا شنت اسرائيل هجوما عليها ، فستتحمل اكبر ضغوطا دولية أكبر ومزيد من المسؤولية السياسية مقارنة مع هجومها على قطاع غزة. وإن عملية اختطاف الجنديين الاسرائيليين عملية من جانب حزب الله وحده . وقد صرح رئيس الوزراء اللبنانى فوءاد السنيورة فى اليوم نفسه أنه لا يعرف شيئا عن عملية الاختطاف هذه . لذلك، فإن اتهام اسرائيل للحكومة اللبنانية بالمشاركة فى هذه العملية والقيام بغارات جوية على المنشآت الاساسية المدنية فى لبنان، لن يفيد فى حل الازمة .

ثالثا: مع تطورات الاوضاع المحلية، بدا إتجاه تجاوب من بعد بين حزب الله اللبنانى وحركة حماس تدريجيا. ووصف زعيم من حماس فى نفس اليوم عملية حزب الله المذكورة بانها " عملية بطولية" ستساعد على دفع اسرائيل على الموافقة على اطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، بينما عبر قائد حزب الله عن أنه يرغب فى المشاركة فى قضية حل أزمة الرهينة بين الفلسطينيين واسرائيل. وهذا يزيد بلا شك درجة صعوبة حل القضية ويضع تحديات أكثر صرامة أمام الجيش الاسرائيلى فى مواجهته على جبهتين.

رابعا : حدوث إختطاف الجنود الاسرائيليين واحدا تلو الاخر أمر يجعل قوة تحمل المجتمع الاسرائيلى منخفضة ويزيد عدم الثقة فى الحكومة والجيش. وأعلن حزب الله اللبنانى بوضوح أنه إذا أرادت اسرائيل إنقاذ الجنديين المختطفين، فليس أمامها سوى واحد هو " مفاوضات غير مباشرة وتبادل الاسرى" . فهل تقبل اسرائيل طريق تبادل الاسرى لحل هذه الازمة ؟ و بهذا الصدد ، تواجه الحكومة الاسرائيلية ضغطا كبيرا .

إزاء هذه الازمات المتواصلة كيف ستتصرف إسرائيل؟ يرى المحللون أن الحكومة الاسرائيلية لا تمتلك أوراقا كافية فى هذه اللعبة. وإن إتخاذ العمليات العسكرية الانتقامية لن يحل القضية من جذورها ، بل سيكون عقابا وتحذيرا فقط، وفى الحقيقة أن حل الازمة النهائى سيأتى فى نهاية الامر على مائدة المفاوضات .