وصل الرئيس الأمريكي جورج ووكر بوش مساء أمس الأربعاء ( 29 نوفمبر) إلى العاصمة الأردنية عمان فى زيارة تستغرق يومين.

ويلاحظ الرأى العام أن جولة بوش هذه فى الشرق الأوسط جاءت بعد أيام من فشل الحزب الجمهوري فى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي. وإن أهم أسباب فشل الحزب الجمهوري فى انتخابات التجديد النصفي هو أن المنتخبين يرون أن حكومة بوش تستهلك كميات كبيرة من الأموال التى دفعها دافعو الضرائب فى العراق، إلا أن أعمال العنف فى العراق تتفاقم أكثر فأكثر، وعدد الجنود الأمريكيين القتلى والجرحى يزداد يوما بعد يوم. وكل هذا أجبر حكومة بوش على التفكير فى تغيير سياستها فى العراق. ولكن لا يمكن إجراء تعديل فى السياسة إزاء العراق إلا بدعم دول الشرق الأوسط. لذلك و بعد مشاركته فى قمة حلف الناتو التى عقدت فى العاصمة اللاتفية ريجا، طار مباشرة إلى عمان لإجراء محادثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وتنتمى الأردن إلى الدولة المعتدلة من بين الدول العربية، لذلك كانت المحادثات بين بوش وعبد الله الثانى تهدف إلى كسب دعم الدول العربية المعتدلة.

ولكن بوش كشف فى عمان أن عبد الله الثانى لم يكن معتدلا كما كان يتصور. وأكد عبد الله الثاني خلال المحادثات بكل وضوح أن قضية فلسطين هى جوهر اضطرابات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط، وإذا لم تتم إقامة دولة فلسطينية، فلن تنتهه هذه الأوضاع المضطربة فى الشرق الأوسط. وأن الاضطهاد والظلم اللذين يعاني منهما الفلسطينيون هما مصدر لإثارة أعمال التطرف والعنف ومشاعر الحقد تجاه الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، أما مشكلة العراق فكانت نقطة ساخنة لانفجار مختلف التناقضات.وتعنى تصريحاته أنه لا يمكن حل مشكلة العراق دون حل قضية فلسطين، ويبدو أنه من الواضح أن حكومة بوش لن تقبل بهذا الموقف الأردني.

والهدف الثانى من زيارة بوش للأردن هو إجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نورى المالكي الذى جاء من بغداد خصيصا لهذا الغرض. ومن المعروف لدى الجميع أن تحركات كبيرة قد جرت على صعيد السياسة الخارجية العراقية، أولا، استقبل العراق زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، كما استنأف العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، وثانيا زار الرئيس العراقي جلال الطالباني إيران سعيا وراء دعم إيران فى تحقيق السلام والأمن فى العراق. ورغم أن الولايات المتحدة تعتبر إيران وسوريا شوكة فى عنينها، إلا أنها أدركت فى الأيام الأخيرة أنه لا يمكن حل مشكلة العراق بدون دعم هاتين الدولتين. لذلك قال بوش قبل زيارته للأردن بثلاثة أيام أن طلب دعم إيران وسوريا يتوقف على الحكومة العراقية. ومن المحتمل أن تشمل محادثاته مع نورى المالكى هذا الموضوع.

وأشار المحللون إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي ومن ضمنه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد تواصل لأمد طويل، ويتميز هذا الصراع بالتناقضات الدينية والقومية المعقدة، فمن الصعب أن يحل هذا الصراع فى وقت قريب. وأهم شيء هو أن السبب الذى يؤدى إلى عدم إقامة دولة فلسطينية منذ سنوات طويلة يرجع إلى السياسة الأمريكية غير العادلة فى الشرق الأوسط. وإذا لم تقم الولايات المتحدة بتعديل كبير لسياستها فى الشرق الأوسط، فمن الصعب أن يتحقق سلام شامل وعادل فى الشرق الأوسط، وأن تحل الأوضاع المضطربة فى العراق.