الولايات المتحدة تواجه التحديات نفسها فى عهد ما بعد بوش

^{امام الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما تحديات كثيرة}

رغم انه مازال امام الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما اكثر من 40 يوما قبل ان يضطلع بمهام منصبه، الا ان العالم قد بدأ بالفعل الحديث عن امريكا فيما بعد بوش.

وبينما ينحسر اسم الرئيس المنتهية ولايته جورج دبليو بوش من العناوين الرئيسية للاخبار، يراقب الناس الآن عن كثب من داخل الولايات المتحدة وخارجها ما يحدث في شيكاغو، مقر المكتب الانتقالي لاوباما.

وفى عديد من النواحى، فقد استقبل الناخبون الامريكيون اوباما باعتباره المرشح "النقيض لبوش"، وفي الحقيقة فان الكثير يتفقون على ان انتخابه يعود في الاساس للكثير من اخطاء بوش وفشله وفقدانه لشعبيته .

وبينما يتسلم اوباما البلاد، فانه يتسلم ايضا المشاكل المروعة التى خلفتها فترة ولاية بوش والتي استمرت ثماني سنوات، والمتمثلة في الازمة الاقتصادية والحرب فى العراق وافغانستان والارهاب والقائمة الطويلة من القضايا الاخرى التى لا توجد حلول سريعة لها.

-- الاقتصاد سيحدد معالم عهد اوباما

وتؤكد الأخبار الأخيرة على الساحة الاقتصادية ان التعامل مع الازمة الاقتصادية المتفاقمة سيكون على رأس اولويات اوباما.

ويكشف الحديث عن خطة انقاذ محتملة لصناعة السيارات واعلان الحكومة الامريكية مؤخرا عن فقد 533 الف وظيفة، عمق واتساع الازمة الاقتصادية.

وكما قالت صحيفة ((الواشنطن بوست )) فانه لم يحدث قط في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة ان بدأ رئيس ولايته في نقطة صعبة مثلما سيفعل اوباما الشهر المقبل.

وكان الرئيس السابق بيل كلينتون قد واجه اقتصادا واهنا عندما تولى الحكم فى عام 1992، ولكنه كان امرا هينا بالمقارنة مع ما يحدث الآن.

بالاضافة الى ذلك، فانه نظرا لأن اوباما قد فاز بالانتخابات تحت شعار "التغيير" ، فان هناك توقعات عالية جدا منه بان يقوم سريعا بوقع التدهور الاقتصادي.

وقال كارتر ايسكو الخبير في السياسة الاستراتيجية ان المشكلة ليست ما اذا كان بامكان اوباما ان يحدث تغييرا كبيرا بل ما هو هذا التغيير.

ذكر بوب كيرى العضو السابق في مجلس الشيوخ والاكاديمي الحالي ان الاقتراحات السياسية المحددة التي سيطرحها اوباما تعد اقل أهمية من اعادة الثقة بين الشعب الامريكى .

واضاف كيرى ان أهم ميزة يجب ان يبقيها اوباما في ذهنه هو الموقف المتجاوز للاحزاب الذى تبناه خلال نجاحه في السباقات الانتخابية التمهيدية والعامة .

والامر الذي يمكن ان يكون جيدا جدا بالنسبة لاوباما هو ان استطلاعات الرأى قد اظهرت ان الامريكيين يبدون على استعداد لمنح اوباما ثقتهم فيما يتعلق بالاقتصاد.

ووفقا لاستطلاع اجرته مؤسسة جالوب مؤخرا فقد قال 58 فى المائة من المستطلعين انهم يميلون الى دعم حزمة حفز اقتصادي يقترحها اوباما.

وقال المحللون ان الرئيس المنتخب قد يستفيد ايضا من الشعور العام بان الأزمة الاقتصادية الحالية هى نتيجة للسياسات السيئة التى تبنتها ادارة بوش لا نتيجة اى شىء سيفعله خلال السنوات الاولى من فترة ولايته الرئاسية.

وبينما يتدهور الوضع الاقتصادى يوما بعد يوم، فان معظم الناس تميل الى الاعتقاد بان كيفية رد اوباما على الأزمة الاقتصادية سيحدد معالم ولايته الرئاسية و"عهد اوباما" المقبل.

واشار محللون الى ان حدوث انتعاش سيعزز بالتأكيد آفاق اعادة انتخابه بينما زيادة فترة التباطؤ قد تؤدي في نهاية الامر الى تغيير الناخبين لرأيهم ازاء اختيارهم.

-- الارهاب ما زال على رأس التحديات الخارجية

وفى وقت سابق من الشهر الحالي اعترف اوباما بان تحدي الامن الوطنى الامريكى في مثل أهمية اللأزمة الاقتصادية.

واكدت سلسلة الهجمات التى وقعت مؤخرا فى مومباى وجهة النظر القائلة بان الارهاب ما زال على رأس التهديدات الخارجية للولايات المتحدة.

وقد تتمثل مكافحة الارهاب ، بالنسبة لاوباما، في انهاء الحرب فى العراق والتركيز على افغانستان.

كما ستتصدر ايران وشبه الجزيرة الكورية وعملية السلام فى الشرق الاوسط جدول اعمال اوباما رغم انها جميعا ليست بالمهام السهلة.

وبالاضافة الى ذلك وكما يظهر التاريخ فان كل رئيس جديد يواجه على الارجح قضية امنية غير متوقعة بعد فترة وجيزة من توليه المنصب .

وفي السنة الاولى من الرئاسة , شهد كلينتون قضية الصومال وواجه بوش الهجمات الارهابية في 11 سبتمبر .

ومرة بعد مرة , اعاد تحول غير متوقع في الاحداث العالمية ترتيب جدول اعمال الرئيس واختبر قدرته على التعامل مع الازمات . فهل سيكون اوباما استثناء لذلك ؟

واخيرا فقد يكون اهم التحديات هو كيفية تعامل الولايات المتحدة مع التغير السريع لخريطة الجغرافيا السياسية.

وافاد تقرير استخباري امريكي اخير بان تراجع النفوذ الامريكي وظهور عالم متعدد الاقطاب سيمثلان الاتجاه الاكيد في العقدين المقبلين .

وفي ظل مثل هذا السيناريو , سيصبح بلا شك من الاصعب "تعزيز القيادة الامريكية وتغيير العالم" .