عيد منتصف الخريف

عيد منتصف الخريق عيد لتجمع العائلة

صادف الثامن من سبتمبر الحالي عيد منتصف الخريف، وهو الخامس عشر من الشهر الثامن حسب التقويم القمري الصيني، ويُقال إن البدر في ليلة العيد أكثر استدارة في العام كله.

وقال المثل الصيني إنه مهما نكن في مختلف أنحاء العالم، نعيش تحت قمر واحد. ومن المعروف أن عيد الربيع هو عيد تقليدي للم الشمل في رأس السنة القمرية الصينية، وكذلك يعتبر عيد منتصف الخريف عيدا مهما للم الشمل في النصف الثاني من السنة القمرية الصينية. فكتب الشعراء الصينيون العديد من الأشعار حول البدر للتعبير عن شوقهم إلى موطنهم وأهلهم.

ويقال إن عيد منتصف الخريف يعود تاريخُه إلى عهد أسرة تشو (من عام 1046 ق م إلى عام 771ق م)، وبدأ الصينيون الاحتفال به في أوائل عهد أسرة تانغ الملكية (من عام 618 إلى عام 907).

ويرتبط العيد بطقوس عبادة القمر. ويوجد في العاصمة بكين معبد القمر الذي أنشأه أباطرة أسرة مينغ (368- 1644 م) وأسرة تشينغ (1644- 1912 م) لعبادة القمر.

يرتبط العيد بطقوس عبادة القمر

ويوافق عيد منتصف الخريف موسم الحصاد في معظم أنحاء البلاد بما حمله من عطاء وفير وخير عميم، فبهذه المناسبة، يعبر الناس عن شكرهم لنعمة الإمبراطور اليشمي في السماء خوفا من أن يمنعهم إياها إن لم يشكروا له، وآملا في تحقيق حصاد أكبر في العام المقبل.

ولأساطير الأولين والمعتقدات التي كانت سائدة في العصور الغابرة، دور كبير في نشأة العادات والأعياد التقليدية فأصولها كانت تتشكل قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وبالتحديد في عهد أسرة شانغ (من القرن السابع عشر ق م – القرن الحادي عشر ق م).

وفي الصين، يعتبر القمر رمزا للحب، وأصبح أثيرا لنقل عواطف الحب في العديد من الأشعار والأغاني.

تدافعت حول نشأته العديد من الأساطير وأبرزها قصةُ "تشانغ أه"، وهي فتاة جميلة في الأساطير الصينية القديمة.

 قصةُ "تشانغ أه"

ويُقال إنه في بداية التاريخ الأقدم، كانت في السماء عشر شموس، فتذبل المزروعات وعانى الشعب من الكوارث الطبيعية. وكان يعيش من بينهم بطل يسمى "هو يي"، لديه قوة جبارة وماهر في الرماية، فأسقط تسعة شموس بقوسه السحري. ثم كان الشعب يعيش في سلامة وسعادة.

وفي يوم من الأيام، زار "هو يي" زوجة الإمبراطور اليشمي، وحصل على إكسير سحري يمكن أن يجعل متناوله لن يموت ويتعلى إلى الجنة. ولكن "هو يي" يصعب عليه أن يترك زوجته "تشانغ أه" الجميلة وحدها في الأرض، فأعطى الإكسير إياها لحفظه في مكان آمن. وبعد ثلاثة أيام، سافر "هو يي" مع أتباعه للصيد. ولكن، يوجد من بين أتباعه شخص سيء، وتظاهر أنه مريض، ولم يسافر. وبعد ذهاب "هو يي"، اقتحم هذا الشرّير بيته حاملا سيفا، وأجبر "تشانغ أه" على إعطاء الإكسير السحري له. فاُضطرت "تشانغ أه" لتبتلعه خوفا من أن يسطوه الشرير. ثم تتعلى وتطير إلى السماء حتى تصل إلى القمر.

وبعد عودة "هو يي" إلى البيت، عرف ما حدث لزوجته، فأصبح في غاية الحزن والألم. وينادي إسم زوجته في اتجاه القمر كل ليلة. وكان يعلق في السماء بدر لامع، ورأى فيه شبح إنسان مثل زوجته. فأشعل "هو يي" البخور ووضع الحلويات والفواكه المفضلة لزوجته على الطاولة للتعبير عن شوقه الشديد لها. بينما تشتاق "تشانغ أه" إلى زوجها وحياتهما السعيدة بين الحين والآخر، فأصبح القمر بدرا مكتملا كل شهر. وعندما عرف عامة الناس قصة "تشانغ أه"، فأقبلوا على تقديم القرابين لها في ليالي البدر متمنيين سلامة وسعادة في الحياة. ثم عمت بين الناس طقوس عبادة القمر بمناسبة عيد منتصف الخريف.

كعك القمر أي "يويه بينغ"

ويعتبر كعك القمر أي "يويه بينغ" باللغة الصينية طعاما لا غنى عنه بالنسبة للناس عند تمتعهم بالبدر خلال ليلة عيد منتصف الخريف. وإن كعك القمر معجونة محشوة لذيذة بشكل البدر. واختلافا عن الخبز العادي، يزخرف عموما بصور مثل الحورية تشانغ آه التى حكى زميلي هارون عن قصتها قبل قليل أو الأزهار المتفتحة تحت ضوء البدر أو الحصاد الوافر أو إله العمر المديد وغيرها.

وعند بدء طلوع البدر في ليلة عيد منتصف الخريف، يعرض الناس كعك القمر ومختلف الفواكه كنذور تحت ضوء البدر لتقديم القرابين له. وبعد ذلك، يأكل جميع أفراد الأسرة كعك القمر بعد تقسيمه متمنيين دوام لم الشمل.

ويختلف مذاق كعك القمر باختلاف مناطق الصين. وأشهر أنواعه مصنوعة في بكين ومدينة سو تشو في شرق الصين ومدينتي قوانغ تشو وتشاو تشو في جنوبها.

وتمشيا مع ارتفاع مستوى معيشة الشعب، طرأت تغيرات جديدة على حشوة كعك القمر. بالإضافة الى السكر ومربي التمر الصيني والفول الأحمر وبذور اللوتس، يصنع كعك القمر أيضا بصفار بيض البط الملوح والفواكه وزبدة الكاكاو وغيرها.

ويعتبر كعك القمر هدية للأقرباء والأصدقاء. وكلما أقبل عيد منتصف الخريف، يعرض كعك القمر بمختلف العبوات الرائعة في كل المراكز التجارية كأنه ينبه الناس الى أن ليلة لم الشمل ستجيء، وحان الوقت للشوق الى الأقرباء وزيارة الأصدقاء.