CRI Online

بناء حزام طريق الحرير الاقتصادي

cri       (GMT+08:00) 2014-03-11 10:20:21


طريق الحرير القديم كان ممرايربط بين الشرق والغرب

قبل حوالي 2100 سنة، سفر تشانغ تشيان مبعوث أسرة هان الملكية إلى آسيا الوسطى والغربية لمرتين، الأمر الذي شكّل طريق الحرير الذي يعتبر ممرا يربط بين الشرق والغرب وبدأ العالم من خلاله يتعرف على الصين أكثر فأكثر. ولكن، بعد القرن الـ16، أهدرت الدول الآسيوية والأوروبية كثيرا من فرص التعاون لتحقيق النهضة المشتركة، بسبب التنازع الثقافي والاختلاف الديني وتباين الأنظمة الاجتماعية بينها، الأمر الذي قلل من أهمية طريق الحرير القديم ودوره البارز على المسرح التاريخي الدولي.

والآن وفي ظل تيار التعددية والعولمة الاقتصادية، فمن المتوقع أن يصبح طريق الحرير الذي سبق وساهم في التبادلات الاقتصادية والثقافية بين الشرق والغرب مركز اهتمام العالم مرة أخرى، نظرا لفكرة مبدعة من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث ألقى خطابا في جامعة بكازاخستان خلال زيارته لآسيا الوسطى في سبتمبر عام 2013 وطرح فيه لأول مرة فكرة بناء "حزام طريق الحرير الاقتصادي" الذي يرتبط قارة آسيا بقارة أوروبا:

"من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول آسيا وأوروبا، وتعميق تعاونها، وتوسيع آفاق تنميتها، نتمكن من إبداع نمط تعاون من أجل بناء "حزام طريق الحرير الاقتصادي". وهذا سيكون مهمة كبرى يمكن أن تسعد شعوب الدول التي يمر بها طريق الحرير."

وكان طريق الحرير ينطلق من مدينة تشانغ آن، عاصمة أسرة هان، ويمر بآسيا الوسطى والغربية والمناطق حول البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ودول شرقي أوروبا، وينتهي بشبه الجزيرة الإيطالية بالإمبراطورية الرومانية. وحسب فكرة الرئيس شي، فسوف تتشكل منطقة للتعاون الاقتصادي بين الصين ودول آسيا الوسطى تمتد حتى غربي آسيا وشرقي أوروبا، حيث شرح الدكتور وانغ لي جيو باحث الأكاديمية الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة:

"أعتقد أن هذه الفكرة تتميز بالمضامين الوفيرة والامتداد الواسع، حيث ستحقق المناطق التي يحد بها الحزام مستقبلا تسهيلات من خمس نواحي، تشمل التبادلات السياسية، والنقل والمرور، والتجارة، وتداول العملات، وتبادلات الشعوب. والآن وفي ظل الوضع العالمي الحالي، يستعيد طريق الحرير كالربط بين دول المنطقة، من أجل إثراء مضامين الطريق العريق."

والآن، تواجه الصين ودول آسيا الوسطى حتى روسيا مهمة عاجلة لتطوير الاقتصاد من خلال تعزيز التعاون. أما بالنسبة لـ"حزام طريق الحرير الاقتصادي" وفق فكرة الرئيس شي جين بينغ، فيعتبر أطول ممرا اقتصاديا وأكثره من حيث إمكانية التنمية بين منطقة آسيا – الباسيفيك وأوروبا المتطورة اقتصاديا. وهو ليس خطا أو طريقا بريا فقط، بل يشمل الطرق الحديثة والسكك الحديدية والرحلات الجوية والأنابيب النفطية والغازية التي تمتد إلى مختلف مناطق آسيا الشرقية والوسطى والغربية والجنوبية حتى أوروبا. وبهذا الشأن، أكد الأستاذ وو دا هوي بقسم العلاقات الدولية لجامعة تسينغهوا:

"قبل حوالي 2100 سنة، شق تشانغ تشيان هذا الطريق الذي يربط بين الشرق والغرب، وكان هذا الطريق ليس من أجل نقل البضائع فحسب، بل كان أيضا من أجل التجارة والتبادلات الثقافية. والآن، تعتمد دول العالم على آلية الأطراف المتعددة للقيام بأنشطة التجارة، وإذا تمت استعادة طريق الحرير، فيمكن أن يربط بين دول أوراسيا وشعوبها، بغض النظر عن المناطق والأعراق ومساحة الدول."


بناء حزام الطريق الحرير الاقتصادي

ومن المتوقع أن يشمل حزام طريق الحرير الاقتصادي الدول الأعضاء لمنظمة شانغهاي للتعاون، ومنها الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان، إضافة إلى الدول المراقبة لها إيران وباكستان وأفغانستان ومنغوليا والهند. وفي عام 2012، تجاوز حجم التجارة بين الدول الأعضاء والدول المراقبة للمنظمة 310 مليار دولار أمريكي، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لروسيا وكازاخستان، وثاني أكبر شريك لقرغيزستان وأوزبكستان، والثالث لطاجكستان. ومن أجل تعزيز ازدهار هذه التجارة، توصلت الدول الأعضاء والمراقبة للمنظمة خلال قمتها في بيشكيك خلال سبتمبر عام 2013 إلى آراء مشتركة حول فكرة بناء "حزام طريق الحرير الاقتصادي". وبهذا الخصوص، قال الأستاذ وو دا هوي:

"أعتقد أن منظمة شانغهاي للتعاون لها روح ثقافية شأنها شأن روح طريق الحرير العريق، ألا وهي الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام الحضارات المختلفة والسعي للتنمية المشتركة، وهي ترمز إلى "روح شانغهاي". ويمكن أن ننطلق من المنظمة وننطلق من آسيا الوسطى، وصولا إلى قارة أوروبا غربا حتى سواحل بحر البلطيق، بينما يمكن أن يصل هذا الخط جنوبا إلى الشرق الأوسط وغربي آسيا، مرورا بالمحيط الهندي والخليج العربي."

ويمكن أن نقول إن فكرة بناء "حزام طريق الحرير الاقتصادي" تضخ حيوية جديدة لدفع تنمية منظمة شانغهاي للتعاون. والآن، تعمل المنظمة على مناقشة اتفاقية جديدة حول التسهيلات المرورية، من أجل تحقيق شق طريق نقل طويل من محيط الباسيفيك إلى بحر البلطيق. وفي هذا الصدد، أكد الأستاذ منغ شيانغ تشينغ بجامعة الدفاع الوطني الصينية:

"إذا لم يشق هذا الطريق المرتقب، فسوف تواجه دول حزام طريق الحرير الاقتصادي عنق الزجاجة أثناء مسيرة تنميتها. وبالإضافة إلى ذلك، تختلف أوضاع دول آسيا الوسطى عن بعضها البعض، مثل المستوى الاقتصادي والتحديات التي تواجهها. لذلك، إذا تم إنشاء هذا الحزام، فسوف يتم تضييق هذا التباين بشكل كبير، من خلال إنشاء آليات للتعاون. فأعتقد أن هذه ستكون من الصعوبات والتحديات التي ستواجهنا."

وبالإضافة إلى منظمة شانغهاي للتعاون، يعتبر منتدى أوراسيا الاقتصادي منصة أخرى بين الصين ودول المنطقة لتعزيز التبادل والتعاون المتعدد الأطراف. ويهدف هذا المنتدى الذي يضم أيضا الدول الأعضاء والمراقبة لمنظمة شانغهاي للتعاون إلى تعزيز التعارف وتوسيع التعاون بين دول أوراسيا، واستكشاف نمط حواري وتعاوني جديد بينها، ودفع تغيير الأنماط التنموية الاقتصادية، لمواجهة التحديات المختلفة بعد الأزمة المالية العالمية.

وانطلق منتدى أوراسيا الاقتصادي في عام 2005، ويقام كل سنتين. وفي عام 2013 الماضي، استضافت المنتدى مدينة شيآن غربي الصين التي كان اسمها تشانغ آن، باعتبارها نقطة انطلاقة لطريق الحرير العريق. وخلال المنتدى، كانت فكرة بناء "حزام طريق الحرير الاقتصادي" موضوعا ساخنا لدى المشاركين الذين تبنوا أخيرا "بيان شيآن لبناء حزام طريق الحرير الاقتصادي". كما طرح ممثلون من بعض المدن، ومنها ماري التركمانية وجيومري الأرمينية وساماركاند الأوزبكية ونيودلهي الهندية ولشبونة البرتغالية، مبادرة "الالتزام بمبدأ الصداقة المستمرة والازدهار المشترك، وإطلاق التبادل والتعاون الشامل، وتعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة والتكنولوجيا وحماية البيئة والتربية والتعليم والثقافة، لبناء حزام طريق الحرير الاقتصادي". وأكد نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانغ يانغ خلال المنتدى:

"المهمة المشتركة أمامنا هي أن نحمل عزما ثابتا وننفذ إجراءات أكثر فعالية لدفع التعاون الإقليمي نحو نطاق أوسع ومجالات أكثر ومستوى أعلى، لتحقيق نتائج مثمرة لفكرة بناء حزام طريق الحرير الاقتصادي. ومن أجل تحقيق هذه المهمة المشتركة، أقترح أولا التمسك بالثقة المتبادلة كأساس، وثانيا التنمية المشتركة كمحور، وثالثا توسيع الانفتاح كقوة دافعة، ورابعا تعزيز التبادلات الثقافية كربط."

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي