CRI Online

إلى أين يتجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم؟

cri       (GMT+08:00) 2014-04-22 10:39:15


المؤتمر السنوي لمنتدى بوأو الآسيوي عام 2014

اجتمع مؤخرا نحو 3 آلاف شخصية كبيرة من أنحاء العالم في مدينة بواو الساحلية الواقعة بجنوب الصين لحضور منتدى بواو من أجل آسيا، ويسعى العديد إلى الإجابة على سؤال: إلى أين يتجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم؟ وهناك أسباب تجعل المشاركين يشعرون بالحيرة.

فقد شهد الربع الماضي تراجعا في قيمة اليوان الصيني، والمزيد من التخلف فى سداد سندات الشركات وتباطؤ نشاط المصانع وكلها أسباب أدت إلى إثارة المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني. ولا شك أن الصين تعاني من آلام قصيرة المدى مع ظهور سلسلة من المؤشرات على أن نمو الربع الأول في البلاد ربما لا يصل للهدف السنوي البالغ 7.5 بالمئة. ولأن الحكومة الصينية تكبح جماح الاقتصاد فإن التحول يمثل نعمة للاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي أيضا. وما زال التوسع المزمع البالغ 7.5 بالمئة، رغم أنه أقل من السرعة السابقة البالغة أكثر من 10 بالمئة، كافيا لمحرك نمو رئيسى لضخ طلب على الاستهلاك والاستثمار في السوق العالمي.

وعلى المدى الطويل، تهدف الصين إلى تحويل نموذجها للنمو إلى آخر أكثر صحة وأقل اعتمادا على الاستثمارات والصادرات وأكثر اعتمادا على الاستهلاك. ومن المقدر أن يقدم التحول فرص أعمال ضخمة للشركات الخارجية. ومن بين كافة الاستراتيجيات، تعد الحضرنة المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة للصين في المستقبل. فتسريع وتيرة الحضرنة لا يعني فقط بناء ناطحات سحاب وانما يعنى أيضا ظهور أسرع الأسواق الاستهلاكية نموا في العالم، ورغبة جارفة من الطبقة المتوسطة النشطة والمزدهرة للمنتجات ذات العلامات التجارية والخدمات الدولية. وبالنسبة للدول النامية، فإن الإصلاح في الصين وخاصة إعادة الهيكلة الاقتصادية، يمثل إلهاما ودرسا حول كيفية المواءمة الدقيقة بين النمو والإصلاح.

وفي الوقت ذاته، فإن زيادة استثمارات البلاد بالخارج وفقا لاستراتيجية الخروج ستساعد في تعزيز فرص العمل المحلية وتيسر تنمية البنية الأساسية. ويدعو الإصلاح والانفتاح في الصين إلى تفاعل أكثر نشاطا مع الشركاء العالميين، حيث دفع انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في التسعينيات من القرن الماضي، إلى فتح أسواقها المحلية أمام منافسة أقوى كما أنها أدخلت مستويات الاستيراد الدولية فى نظامها القانوني. وبالطبع فإن امتداد آثار التحول والإصلاح في الصين قد لا يكون سارا كله على المدى القصير. فربما يعاني البعض من مشكلات تجارية بسبب تباطؤ نمو البلاد. لكنه قد يتحول ليصبح تاثيرا محفزا بما يدفع التنمية المتبادلة عن طريق تيسير الإصلاح فى تلك الدول ليتلاءم مع العولمة بشكل أفضل. وإن السهم المنطلق لا يمكن أن يعود إلى الوراء وكذلك الحال بالنسبة لعملية الإصلاح في الصين. فالصين منفتحة العقل بصورة أكبر على الإصلاح بمواجهتها المزيد من المنافسة وسعيها للشراكات الدولية. ولنتعاون فيما بيننا ونتشارك الأرباح.

وسيتجنب الاقتصاد الصيني انتهاج الطريق المألوف الذي يلجأ إلى التحفيز حينما تكون هنا إشارة على التباطؤ.

وانتشرت نظرية "التحفيز الصغير" بشكل واسع بعد إعلان مجلس الدولة مجموعة من السياسات مؤخرا والتي تضم تمديد الضرائب على الشركات الصغيرة ودعم الإجراءات للضواحي الحضرية الفقيرة.

وتبنى التوقعات مؤخرا على نوع ما من الإجراءات عقب سلسلة من المؤاشرات الاقتصادية الفاترة بما في ذلك حجم الشحن وتباطؤ استهلاك الكهرباء في أول شهرين من عام 2014. ولا مفر من أن ثاني أكبر الاقتصاد فى العالم سيمضي قدما ويواجه الضغوط لاسيما في الجزء الأول من 2014. بيد أن أي حديث حول حزمة تحفيز مقبلة يعد مضللا وهؤلاء الذين يتوقعون هذا النوع من التحفيز الذي أطلقت الصين العنان له بعد الأزمة المالية من المرجح أنهم سيصابوا بخيبة أمل. وساعدت الإجراءات الشاملة على تعافي الاقتصاد الصيني سريعا إلا أنها أدت أيضا إلى فائض كبير وارتفاع سريع في أسعار الإسكان وطفرة في الائتمان حيث تحاول السلطات الآن كبح جماح تلك الزيادة. ويحتاج الاقتصاد الصيني إلى تحفيز محدود وليس كاملا. وستضخ الضرائب والتسريع في الاستثمار بالسكك الجديدة وإعادة بناء الإسكان الاجتماعي بالتأكيد دماء جديدة في الاقتصاد غير المستقر ولكنها لا تنذر بإنفاق أو اقتراض كبير. لقد تركت الصين عادة اللجوء لما يسمى ب"التحفيز المميز"، الذي قد يصبح أمرا معهودا ومضرا بالاقتصاد الوطني كالمخدر الذي يصيب جسم الإنسان. ولم تأت الإجراءات الجديدة التي اتخذها الحكومة بجديد ففي الحقيقة إنها سياسات متابعة من تقرير عمل الحكومة في مارس الماضي وخطة الاصلاح التي كشف عنها القادة الكبار في نوفمبر الماضي. وليس هناك حاجة للذعر لأن معدلات النمو الصيني لا تزال مرتفعة مقارنة بالمعايير المتباطئة للدول الغربية مؤخرا. ومن ملائم بشكل أكبر هو ترجمة هذه الاجراءات و"التطلع للمستقبل مع أخذ الوضع الاقتصادي الحالي في الاعتبار"، بدلا من "إجراء جولة جديدة من التحفيز الاقتصادي الصغير." الأذكياء أدركوا الأمر، لا يوجد هناك أية إشارة إلى تحول في السياسة النقدية أو المالية، أو ما يشير إلى تخفيف القيود فى سوق الإسكان. وما يحتاجه الاقتصاد الصيني إصلاحات أكثر ثباتا وعمقا، وهو ما يعتزم صانعو القرار السياسي دفعه حتى لو كان على حساب التباطؤ الاقتصادي لأنهم يعتقدون أنه فقط من خلال الإصلاحات العميقة والشاملة يمكن للاقتصاد الصيني أن يسير في طريق مستقر وسليم.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي