CRI Online

الحديث عن هايتاو

cri       (GMT+08:00) 2014-05-06 09:56:53

كما نعرف أن الأعمال التجارية عبر الانترنت تشهد تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة في مختلف دول العالم، وبما فيها الصين التي أصبح فيها هذا العمل التجاري الجديد من الأساليب الاستهلاكية المرغوبة فيه للأبناء الصينيين. وفضلا عن شراء البضائع عبر الانترنت من أنحاء البلاد، يشرع المزيد من الناس وخاصة الشباب الصينيين للشراء من المواقع الإلكترونية الأجنبية ويسمى هذا العمل ب"هاي تاو".

"هايتاو"، أي الشراء في الخارج، مصطلح جديد دخل حياة الصينيين في الفترة الأخيرة. فمع التطور السريع الذي تشهده التجارة الإلكترونية في الصين، لم يعد عدد متزايد من المستهلكين الصينيين يكتفون بالشراء من خلال شبكة تاوباو، التي تعد أشهر موقع للتسوق الإلكتروني في البلاد، أو من خلال وكلاء في الخارج. لقد بات "هايتاو" موضوعا ساخنا في منتديات الأمهات والأطفال على الشبكة، حيث يحرص أعضاء المنتديات وزوار المواقع الإلكترونية على تبادل خبراتهم في التسوق عبر مواقع إلكترونية غير صينية والتعريف بالبضائع الأجنبية المميزة والمقارنة بينها وبين البضائع الصينية من نفس النوع.

"هايتاو" عملية بسيطة، حيث يختار المشتري الصيني من خلال موقع إلكتروني غير صيني السلعة التي يرغبها ويدفع ثمنها ببطاقة اعتماد دولية، فيرسل موقع التسويق الإلكتروني المعني البضاعة له مباشرة. وإذا كان من المتعذر على موقع التسويق الإلكتروني غير الصيني إرسال البضاعة مبشارة إلى الصين، يمكن أن يطلب المشتري من إحدى شركات نقل البضائع أن تتسلم البضاعة في الخارج ثم ترسلها له.

رحلة "هايتاو" بدأت في عام 2008، عندما انفجرت فضيحة تلوث الحليب المجفف بماركة سانلو الصينية، وواجه قطاع منتجات الألبان الصيني أزمة ثقة عميقة. في ذلك الوقت، طفقت الأمهات الصينيات يبحثن عن حليب آمن لأطفالهن في كل مكان. بعضهن كلف الأقرباء الذين يقيمون خارج الصين بشراء الحليب، ثم إرساله إليهن وبعضهن سافرن إلى خارج البلاد لشراء الحليب بأنفسهن والعودة به. ولكن، بالتأكيد، لم يكن الوقت أو المال متوفر للجميع للسفر إلى الخارج من أجل شراء حليب الأطفال، فأصبح "هايتاو" طريقا أيسر للحصول على حليب الأطفال. رويدا رويدا، توسعت مشتريات الصينيين من الخارج عبر المواقع الإلكترونية من حليب الأطفال إلى الملابس ومستحضرات التجميل وألعاب الأطفال والمنتجات الإلكترونية وغيرها.

بعض النصائح للنجاح في عملية هايتاو، فينبغي أن يجيد المتسوق اللغة الإنجليزية وأن يمتلك القدرة على انتقاء مواقع التسويق المناسبة ويكون لديه بطاقة اعتماد دولية، ويختار شركة نقل البضائع خارج الصين ويتحمل تكلفة الشحن الدولي، ثم قد يدفع ضرائب على البضاعة التي يشتريها، والأكثر أن الجمارك قد ترفض دخول البضاعة، لسبب أو لآخر. ومع كل ذلك، يقبل عدد متزايد من الصينيين على "هايتاو"، لماذا؟

قه شان شان، وهي موظفة في شركة للتجارة الخارجية في مدينة ووهان، وتبلغ من العمر ثلاثين عاما، وقعت في حب هايتاو منذ تجربتها الأولى في شراء حذاء طويل الساق بماركة "يو جي جي" الأسترالية، على موقع أمريكي. فقد دفعت ثمانمائة يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر6 يوانات صينية) ، في حين يباع نفس الحذاء في الصين بألفي يوان. بعد نجاحها في المرة الأولى، انخرطت قه شان شان في هايتاو، فراحت تشتري مستحضرات التجميل والأحذية وحقائب اليد الجلدية ومسحوق الحليب وأغذية للرعاية الصحية من خلال مواقع التسوق الإلكتروني غير الصينية. مزايا كثيرة في "هايتاو" تجذب السيدة قه التي قالت: "ثمة نوع من ماكينات حلاقة الشعر الكهربائية بماركة هولندية يباع في المتاجر بالصين بألفين وثلاثمائة وتسعين يوانا، ويباع في مواقع التسوق الإلكتروني الصينية بألف وأربعمائة وتسعة وتسعين يوانا، ولكن سعره في موقع Amazon)) الأمريكي 99ر54 دولار أمريكي، أي أنه يمكن الحصول عليه بأربعمائة يوان، شاملا تكلفة الشحن".

ويرى مو داي تشينغ، المحلل في مركز أبحاث التجارة الإلكترونية بالصين أن إزدهار سوق هايتاو يرتبط بارتفاع الرسوم الجمركية على الواردات، ولهذا فإن أسعار البضائع التي يتم تسويقها عن طريق هايتاو أقل، مقارنة مع أسعار البضائع التي تباع داخل الصين. وفي نظرية علم اقتصاد الاستهلاك، يختار المستهلك البضائع الأرخص سعرا والأكبر منفعة، باستخدام دخله المحدود. فمنفعة المنتج وسعره هما العنصران الأكثر تأثيرا في عملية الاستهلاك. وبالنسبة للبضائع من نفس النوع، نجد أن الفرق بين المنتجات التي تباع داخل الصين أو خارجها محدود ولا يؤثر كثيرا على اختيارات المستهلك، ومن ثم بات السعر العنصر الرئيسي المؤثر في قرار الشراء. في الوقت نفسه، نجد أن المستهلك يتخذ السعر معيارا هاما في تقدير الجودة، فعندما يشتري سلعة ذات ماركة مشهورة تباع بسعر مرتفع في الصين لكنه يدفع فيها ثمنا أقل عبر هايتاو، فيشعر برضا أكبر.

وقالت خه لي، التي بدأت تتسوق من الخارج منذ أن أنجبت طفلها قبل ثلاث سنوات قالت إنها تحب هايتاو لأن سعر نفس المنتج في الخارج أقل من سعره داخل الصين، بينما تكون جودته أعلى. في البداية، كانت هي تشتري مستلزمات طفلها فقط، ثم بدأت تشتري الملابس والأحذية واللوازم اليومية. وإذا كانت محظوظة وصادفت موسم الخصم، يكون سعر البضائع أقل. على سبيل المثال، اشترت حقيبة جلدية خلال فترة عيد الميلاد، وكان سعرها بعد الخصم خمسة وتسعين جنيها أسترلينيا، فأنفقت ألفا ومائتي يوان، بما في ذلك تكلفة الشحن والرسوم الجمركية، في حين كان سعر نفس الحقيبة، بعد الخصم أيضا، على موقع تاوباو الصيني ألفا وأربعمائة يوان.

يزدهر هايتاو بفضل قنوات التسوق الإلكتروني التي تصبح أسهل فأسهل يوميا، حيث يمكن للمستهلك الصيني أن يتسوق بضاعته في أي مكان وفي أي وقت، ويحصل على معلومات كافية حول البضائع، خاصة البضائع التي لا يمكن شراؤها داخل الصين. قالت ون نوان، وهي أم لطفلة عمرها خمس سنوات إنها تحب ملابس الأطفال بماركة بريطانية، غير أن منافذ بيعها في بكين قليلة والأشكال محدودة والسعر مرتفع. سعر القطعة من هذه الملابس مئات اليوانات. عندما أرادت شراء بعض الفساتين في موسم الخصم عن طريق هايتاو، وجدت أن سعر الواحد عشرات اليوانات فقط، بل إن السعر قبل الخصم يساوي نصف السعر داخل الصين.

كانت اللغة عتبة عالية لدخول عالم هايتاو. ولكن، مع زيادة عدد جمهور هايتاو، يبدو أن هذه العتبة تنخفض شيئا فشيئا. قالت السيدة لين وهي ربة منزل إنها بدأت هايتاو في موقع الحاجات اليومية الأمريكية في عام 2007. وكانت عملية التسوق الأولى مرهقة لأنها لا تجيد اللغة الإنجليزية فخشيت أن تخطأ في ملأ البيانات. بعد أشهر، قامت بتحميل برنامج التصفح "جوجل كروم" الذي يمكن من خلاله ترجمة كل المواقع الأجنبية إلى اللغة الصينية. وقرأت كثيرا من تجارب هايتاو في منتديات الإنترنت.

حاليا، هناك عدد غير قليل من مواقع التسوق الإلكتروني الأجنبية لها طبعات صينية، مثل موقع (Shopbop.com) الأمريكي و(www.paymate.com) الأسترالي و(Luisaviaroma.com) الإيطالي للكماليات وموقع (www.buy-j.com) الياباني. وعلى الصفحة الرئيسية لموقع (iHerb)(www.iherb.cn) الذي يعتبر أكبر شركة تجارة إلكترونية متخصصة في بيع الأغذية في العالم، ظهر شعار "مرحبا بالزبائن من بر الصين الرئيسي" باللغة الصينية. فمن التوقع أن يشهد عدد الزوار الصينيين للمواقع الإلكترونية التجارية إزديادا متواصلا.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي