التعددية أو الأحادية؟ ——اعتبارات بمناسبة الذكرى ال75 لتأسيس الأمم المتحدة

بقلم ياقوت داي

عندما أكدت الأمم المتحدة في أحدث إعلان لها صدر بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيسها، على مواجهة التحديات العالمية المتشابكة عبر إحياء وتجديد حيوية التعددية، أصرت الولايات المتحدة على خطوة تهدف إلى دعم آلية إعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران بعد رفض المجتمع الدولي مسعاها الأحادي، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين إنه أصدر أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات وقيود تصديرية على أكثر من 24 كيانا وشخصا "يدعمون الأنشطة المتعلقة بالبرامج النووية والصاروخية، وبرامج الأسلحة التقليدية في إيران".

على صعيد آخر، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته خلال اجتماع رفيع المستوى احتفالا بالذكرى الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة عبر رابط فيديو، أكد أن الصين ستمارس التعددية بشكل دائم، وتدعم بقوة النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة والقائم على القانون الدولي، وتدافع بقوة عن دور الأمم المتحدة المركزي في الشؤون الدولية.

يصادف عام 2020 الذكرى ال75 لتأسيس الأمم المتحدة، وباعتبارها المنظمة الدولية الأكثر عالمية وتمثيلا وموثوقية في العالم اليوم، فقد نشأت الأمم المتحدة عقب تلاشي دخان الحرب العالمية الثانية. على مدى السنوات الـ 75 الماضية، بغض النظر عن كيفية تغير الوضع العالمي، مارست الأمم المتحدة دائمًا التعددية من أجل رفاهية البشرية، ولعبت دورا هاما في الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين بشكل عام. مثل ما يذكر شعار هذا الاحتفال التذكاري ”المستقبل الذي نصبو إليه، الأمم المتحدة التي ننشدها: إعادة تأكيد التزامنا الجماعي بتعددية الأطراف"، سيغتنم المجتمع الدولي هذه الفرصة لمراجعة نواياه الأصلية، وبناء الأرضية المشتركة، واستكشاف كيفية تعزيز تطور النظام الدولي في اتجاه أكثر عدلا وعقلانية.

مع التعديل المتعمق لميزان القوى الدولي، دخل العالم في فترة ذات تغيير كبير لم نشهدها منذ قرن. وسرعت جائحة كوفيد-19 العالمية هذا العام من تطور هذا التغيير الكبير. في ظل الاضطرابات، تزداد الحمائية والأحادية والتنمر، وتسعى بعض الدول والقوى السياسية إلى "التخلص من المسؤولية" و"الانسحاب من الاتفاقيات الدولية" في محاولة لإثارة مواجهات جديدة.

التعددية أو الأحادية؟ ——اعتبارات بمناسبة الذكرى ال75 لتأسيس الأمم المتحدة

فيما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018 ولم تعد طرفا فيه، ولا يحق لها مطالبة مجلس الأمن بتفعيل آلية فرض جميع العقوبات على إيران. لذا فإن ممارسة الولايات المتحدة لم تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تهدد أيضًا بفرض عقوبات على دول أخرى وإجبارها على اتخاذ إجراءات أحادية غير مشروعة. في الواقع، يعارض المجتمع الدولي مثل هذه الإجراءات التعسفية على نطاق واسع. وخلص رئيس مجلس الأمن إلى أنه لن يتخذ أي إجراء آخر بشأن طلب الولايات المتحدة، وأن مجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء بشأن القضية.

وجدير بالذكر، إن الصين تتابع مع الدول المعنية الأوضاع في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، واقترحت أن تقيم الأطراف المعنية منصة حوار جديدة لدول المنطقة، شريطة حماية الاتفاق النووي، من أجل تعزيز توافق جديد يحمي السلام والاستقرار في المنطقة. من الواضح أن الصين مستعدة للعمل مع الأطراف المعنية للمضي قدما في تدعيم جهود التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للقضية النووية الإيرانية.

تضطلع الأمم المتحدة بمهمة تفادي تكرار المآسي، حيث تمت السيطرة على العديد من الصراعات الإقليمية خلال الـ 75 عاما الماضية وتم تجنب اندلاع حرب عالمية جديدة، ومن أسلحتها السحرية هي الالتزام بالتعددية والتأكيد على ضرورة تقييد جميع الأطراف في التعامل مع الشؤون الخارجية، وتنسيق المصالح من خلال التفاوض، والتعاون لحل القضايا ذات الصلة.

هناك الكثير من المشاكل والتحديات الكبيرة في العالم، ولا ينبغي تسويتها إلا من خلال الحوار والتعاون. فقد نستفيد مما قاله الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل ختام كلمته خلال هذا الاجتماع للاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، "دعونا نجدد التزامنا القوي بالتعددية، ونعمل على دعم مجتمع مصير مشترك للبشرية".


بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق