شي جينبينغ يحضر القمة الصينية العربية الأولى ويلقي كلمة رئيسية

بعد ظهر يوم 9 ديسمبر بالتوقيت المحلي، عقدت القمة الصينية العربية الأولى في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض. صدر عن القمة "إعلان الرياض الصادر عن القمة الصينية العربية الأولى"، وتم الإعلان أن الجانبين الصيني والعربي اتفقا على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.

حضر القمة الرئيس الصيني شي جينبينغ وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وولي العهد الكويتي مشعل الأحمد الجابر الصباح والرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي والرئيس الفلسطيني محمود عباس وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس جزر القمر عثمان غزالي والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش والوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وغيرهم من قادة 21 دولة لجامعة الدول العربية ومسؤولي المنظمات الدولية بما فيهم أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

ألقى شي جينبينغ خلال القمة كلمة رئيسية بعنوان "تكريس روح الصداقة الصينية العربية والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد".

أشار شي جينبينغ إلى أن التواصل الودي بين الصين والدول العربية يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، حيث تلاقت وتعرفت بعضها على البعض عبر طريق الحرير القديم، وتقاسمت السراء والضراء في النضال من أجل التحرير الوطني، وحققت التعاون والكسب المشترك في تيار العولمة الاقتصادية، وظلت تتمسك بالحق والعدالة في العالم المتغير والمتقلب، وبلورت روح الصداقة الصينية العربية المتمثلة في "التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة". يعتبر التضامن والتآزر ميزة بارزة للصداقة الصينية العربية. تثق الصين والدول العربية بعضها بالبعض، حيث تتبادلان الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر، فأصبحت علاقات الشراكة الاستراتيجية قوية لا تنقطع. تعتبر المساواة والمنفعة المتبادلة قوة دافعة لا تنضب للصداقة الصينية العربية. يعد التعاون الصيني العربي القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك نموذجا يحتذى به لتعاون الجنوب الجنوب. يعتبر الشمول والاستفادة المتبادلة قيم الصداقة الصينية العربية. تتبادل الحضارتان الصينية والعربية الإعجاب ويستفيد بعضهما من البعض، حيث تدعوان سويا إلى الحوار بين الحضارات وتحافظان على  التنوع الحضاري في العالم.

أكد شي جينبينغ أنه في الوقت الراهن، دخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول، وتشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات جديدة وعميقة. باتت رغبة الشعوب العربية في السلام والتنمية أكثر إلحاحا، واشتدت نداءاتها الداعية إلى الإنصاف والعدالة. في هذا السياق، على الجانبين الصيني والعربي، باعتبارهما شريكين استراتيجيين، توارث وتطوير روح الصداقة الصينية العربية، وتعزيز التضامن والتعاون، وبناء مجتمع مستقبل مشترك أوثق بين الصين والدول العربية، بما يعود بمزيد من الفوائد على شعوب الجانبين ويساهم في قضية التقدم للبشرية.

-- علينا التمسك بالاستقلالية وصيانة المصالح المشتركة. يدعم الجانب الصيني جهود الدول العربية لاستكشاف الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية والتحكم في مستقبلها ومصيرها في أيديها. ويحرص الجانب الصيني على تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة مع الجانب العربي، وتبادل الدعم الثابت في مساعي الجانب الآخر إلى الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة الأراضي والكرامة الوطنية. وعلى الجانبين التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية والدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية.

-- علينا التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون القائم على الكسب المشترك. من الضروري تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية وبناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. ومن الضروري توطيد التعاون التقليدي في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية وغيرها، وتقوية أقطاب النمو الصاعدة مثل التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والصحة والاستثمار والمالية، وفتح آفاق جديدة في مجالات الطيران والفضاء والاقتصاد الرقمي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعامل الفعال مع التحديات الكبرى القائمة مثل أمن الغذاء والطاقة. يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وتدعيم تعاون الجنوب الجنوب لتحقيق التنمية المستدامة.

-- علينا الحفاظ على سلام المنطقة وتحقيق الأمن المشترك. يدعم الجانب الصيني الجانب العربي في إيجاد حلول سياسية للقضايا الساخنة والشائكة بالحكمة العربية، وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط. ونحث المجتمع الدولي على احترام شعوب الشرق الأوسط باعتبارها أسياد المنطقة، وإضفاء طاقة إيجابية تخدم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ويرحب الجانب الصيني بمشاركة الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي، كما أنه على استعداد لمواصلة المساهمة بالحكمة الصينية في تعزيز السلام والأمان للشرق الأوسط.

-- علينا تعزيز التبادل الحضاري وزيادة التفاهم والثقة المتبادلة. من الضروري توسيع نطاق تبادل الأفراد وتعميق التعاون الإنساني والثقافي وتبادل الخبرات في الحكم والإدارة. ومن الضروري رفض "الإسلاموفوبيا" بشكل مشترك وإجراء التعاون في نزع التطرف ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه. ومن الضروري تكريس قيم البشرية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ونصب قدوة للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات في العصر الجديد.

أشار شي جينبينغ إلى أنه كالخطوة الأولى لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك وتنفيذ "الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية"،  يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ "الأعمال الثمانية المشتركة" خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، التي تغطي المجالات الثمانية التالية، تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار، بغية تحقيق حصاد مبكر.

أكد شي جينبينغ أن القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، كما أن التطلعات لإقامة دولة مستقلة لا تقبل رفضا. يجب على المجتمع الدولي أن يرسخ الإيمان بـ"حل الدولتين" والتمسك بمبدأ "الأرض مقابل السلام" بحزم ويعمل بكل ثبات على بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام، ويدفع الحل العادل والعاجل للقضية الفلسطينية. سيواصل الجانب الصيني تقديم المساعدات الإنسانية إلى الجانب الفلسطيني لدعمه لتنفيذ المشاريع المعيشية.

أشار شي جينبينغ في الختام إلى أن الحزب الشيوعي الصيني عقد مؤخرا المؤتمر الوطني العشرين بنجاح، حيث تم تحديد المهام والطرق للدفع بالنهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط. سيلتزم الجانب الصيني بالحفاظ على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، بما يوفر فرصا جديدة لكافة الدول بما فيها الدول العربية من خلال التنمية الجديدة في الصين. خلال هذه القمة، اتفق الجانبان الصيني والعربي على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، الأمر الذي يعد معلما فارقا في تاريخ العلاقات الصينية العربية. يحرص الجانب الصيني على أخذ هذه القمة كنقطة الانطلاق الجديدة، للعمل مع الجانب العربي على تكريس روح الصداقة الصينية العربية وفتح آفاق أرحب للتعاون الصيني العربي وفتح مستقبل أكثر إشراقا للعلاقات الصينية العربية!

أعرب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي محمد بن سلمان نيابة عن الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز عن ترحيبه بقادة الدول لحضور القمة العربية الصينية الأولى، وعن تهانيه بالنجاح التام للقمة.

كان القادة المشاركون من الجانب العربي يتجاوبون بشكل إيجابي مع الكلمة المهمة التي أدلى بها شي جينبينغ و"الأعمال المشتركة الثمانية" التي أعلن عنها، مؤكدين أن علاقات الصداقة بين الدول العربية والصين تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المتساوي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. يولي الجانب العربي اهتماما بالغا للإنجازات التنموية العظيمة التي حققتها الصين والدور المهم الذي تلعبه على الساحة الدولية، ويثمن تثمينا عاليا لمبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي التي طرحها الجانب الصيني، ويقدر تقديرا عاليا للمبادرات المهمة التي طرحها الجانب الصيني من أجل الدفع بحل القضايا الإقليمية الساخنة سياسيا، ودعمه الدائم للحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني، ووقوفه إلى جانب العدالة والإنصاف في المحافل الدولية. في الوقت الراهن، يواجه العالم مخاطر الانقسام والمواجهة، وما زالت نزعة الأحادية والهيمنة قائمة. على هذه الخلفية، فإن تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية لأمر يسهم في تحقيق العدالة والإنصاف على نحو أفضل، وصيانة السلام والازدهار والتنمية في العالم. وإن عقد القمة العربية الصينية جاء في وقته، إذ أنها تجسد مدى عمق العلاقات العربية الصينية، وتعتبر امتدادا وتطويرا لمنتدى التعاون العربي الصيني. يأمل الجانب العربي من خلال هذه القمة في مواصلة توطيد الصداقة والثقة المتبادلة بين الدول العربية والصين، وتخطيط وتدعيم التعاون المتبادل المنفعة بينهما في كافة المجالات على نحو شامل، وبناء المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدول العربية والصين إلى مستوى جديد وأعلى، بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين العربي والصيني بصورة أفضل ويحقق المطالب المشتركة للأمتين العربية والصينية، ويثق بأن هذه القمة ستصبح معلما مهما في تاريخ العلاقات العربية الصينية بكل التأكيد. يتمسك الجانب العربي بالاستقلال، ويلتزم بثبات مبدأ الصين الواحدة، ويستعد لمواصلة تقديم الدعم الثابت للصين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الصيني، ويرفض أي عمل عدائي ضد الصين. يأمل الجانب العربي أن يعمل مع الجانب الصيني على تنفيذ نتائج هذه القمة بشكل جيد، وتنفيذ "الأعمال المشتركة الثمانية"، ومواصلة التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وتعزيز التواصل والتنسيق بشأن الشؤون الدولية والإقليمية، والتعاون في مواجهة تغير المناخ و?أمن الغذاء وأمن الطاقة وغيرها من التحديات المشتركة، وتنشيط التواصل الثقافي والشعبي، وتعزيز الحوار بين الحضارات، بما يقدم مساهمة إيجابية لتعزيز السلام والتنمية المشتركة للبشرية جمعاء.

صدرت عن القمة "الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية" ووثيقة حول "تعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية من أجل السلام والتنمية".

كما وقعت وتوصلت الجهات الصينية المعنية مع الجانب العربي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والهيئات التابعة لمجلس التعاون الخليجي، إلى عدة وثائق تعاون في مجالات التعاون في بناء "الحزام والطريق" والطاقة والغذاء والاستثمار والتنمية الخضراء والأمن والفضاء وغيرها.

حضر القمة دينغ شيويشيانغ ووانغ يي وخه ليفنغ وغيرهم.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق