"عند مفترق الطرق التاريخي، علينا توارث العلاقات الودية التقليدية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، واتخاذ تأسيس علاقات الشراكة الإستراتيجية كفرصة سانحة، بهدف إثراء المحتوى الإستراتيجي للعلاقات بين الجانبين."
في التاسع من ديسمبر الجاري، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية الخليجية الأولى التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، حيث ألقى كلمة رئيسية. وتعد هذه القمة هي الأولى من نوعها التي يجتمع فيها قادة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة القضايا الرئيسية للتعاون بينهما. وقرر الجانبان إقامة وتعزيز شراكة إستراتيجية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي تعد الإنجاز الأكبر لهذه القمة، ما فتح مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين.
إن العلاقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي قديمة جدًا، وقد أسس طريق الحرير القديم سجلًا تاريخيًا من التبادلات الودية بين الجانبين لما يقرب من ألفي عام. في الوقت نفسه، إن العلاقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي حديثة العهد، وقد أقام الجانب الصيني علاقات مع مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه في عام 1981. على مدار الـ41 عامًا الماضية، كانت الصين ودول المجلس في طليعة التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط بفضل الثقة السياسية المتبادلة والتكامل الاقتصادي والروابط الشعبية. وقد حقق التعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي نتائج مثمرة خاصة في السنوات العشر الماضية. حافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي منذ سنوات عديدة، ووقعت الصين ودول المجلس الست على وثائق تعاون بشأن البناء المشترك لـ"الحزام والطريق".
حول شكل علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، طرح الرئيس شي جين بينغ أربعة مقترحات، هي أن يكونا الجانبين شريكين في تعزيز الوحدة ، وتحقيق التنمية المشتركة، وتوطيد الأمن المشترك، وتطوير الحضارات. لا تركز هذه المقترحات الأربعة على الثقة السياسية المتبادلة فحسب، بل تتابع عن كثب قضايا التنمية والأمن، وتشير إلى اتجاه تنمية العلاقات بين الجانبين بهدف المساهمة في تقدم الحضارة الإنسانية.
وما سبل تعزيز التعاون الفعال بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي؟ اقترح الرئيس شي جين بينغ خلال القمة أنه في غضون 3 إلى 5 سنوات القادمة، ترغب الصين في بذل جهود مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات التعاون الرئيسية التالية: بناء نمط جديد من التعاون متعدد الأوجه في مجال الطاقة، وتعزيز التقدم الجديد في التعاون في مجال المال والاستثمار، وتوسيع مجالات جديدة للابتكار والتعاون العلمي والتكنولوجي، وتحقيق اختراقات جديدة في التعاون في مجال الطيران والفضاء، وتعزيز التعاون اللغوي والثقافي.
هذه النقاط الخمس "الجديدة" لا تغطي فقط مجالات التعاون التقليدية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، ولكنها تعكس أيضًا السمات الجديدة للتعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة ، وأضافت محتويات استراتيجية للعلاقة الصينية الخليجية. كما أن خطة العمل 2023-2027 للحوار الاستراتيجي الصيني الخليجي التي تم تبنيها في القمة وضعت ترتيبات مفصلة للتعاون بين الجانبين في شتى المجالات.
في السنوات الأخيرة ، شجعت دول مجلس التعاون الخليجي بقوة على تنويع الهيكل الاقتصادي والارتقاء بالصناعة، وأصبح التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة من أبرز ملامح التعاون الصيني الخليجي. على سبيل المثال ، في أكتوبر 2020 ، أنشأ المكتب السعودي للبيانات والذكاء الاصطناعي شراكة مع شركة هواوي الصينية لمساعدة المملكة العربية السعودية على تحقيق التحول الرقمي. نشر موقع منتدى شرق آسيا الأسترالي على الإنترنت مؤخرًا مقالًا يقول إن التعاون العلمي والتكنولوجي أصبح الآن حافزًا قويًا لتعزيز التبادلات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي.
في هذه القمة ، طرح الرئيس شي جين بينغ أن "الصين مستعدة لبناء مركز للبيانات الضخمة والحوسبة السحابية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التعاون الفني لشبكات الجيل الخامس والسادس" و "تنفيذ 10 مشاريع للاقتصاد الرقمي حول التعاون في التجارة الإلكترونية عبر الحدود وبناء شبكة اتصالات "و "الترحيب برواد الفضاء من دول مجلس التعاون الخليجي لدخول محطة الفضاء الصينية " وغيرها من الاجراءات التي يرفع التعاون التكنولوجي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى جديد، بما يجلب زخمًا جديدًا لاقتصاديات والمجتمعات الصينية والخليجية.
يقول الصينيون ، "من السهل السفر عندما يكون لديك العديد من الأصدقاء." وأبدت دول مجلس التعاون الخليجي استعدادها للعمل مع الصين لتنفيذ نتائج القمة، ومواصلة تعميق التعاون في المجالات الرئيسية، لما فيه الخير على الشعبين. فإن العلاقات الصينية العالمية "القديمة والشابة" ستطلق بالتأكيد حيوية أكبر عند نقطة الانطلاق التاريخية الجديدة.