نقلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) مؤخرا عن "مسؤولين أمريكيين مجهولين" زعمهم أن الصين كانت على علم بنوايا روسيا وخططها في أوكرانيا في وقت مبكر. كما ادعت صحيفة ((واشنطن بوست))، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن روسيا طلبت من الصين معدات عسكرية منذ بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وتبين لاحقا أن "المسؤولين المجهولين" الذين نقلت عنهم صحيفة ((نيويورك تايمز)) هم أعضاء في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.
وفي محاولات لإلقاء اللوم على الصين، سعت هذه التقارير إلى تصوير الصين على أنها موافقة على الحرب أو أنها دعمتها ضمنيا. وهي في جوهرها جزء من حملة التضليل المتعمدة التي تشنها الحكومة الأمريكية ضد الصين.
ولفضح المزاعم السخيفة والمعلومات المضللة ضد الصين، يحتاج المرء فقط إلى إمعان النظر في علاقات الصين مع كل من أوكرانيا وروسيا.
كان هناك أكثر من 6 آلاف مواطن صيني في أوكرانيا قبل الصراع، وكثير منهم كانوا طلابا شبابا. ولم تعلن السفارة الصينية في أوكرانيا عن إجلاء مواطنين صينيين حتى 25 فبراير. لو كانت الصين على علم مسبق بخطة روسيا، لبدأت عملية الإجلاء في وقت أبكر بدلا من الانتظار حتى يندلع الصراع وتعرض مواطنيها لخطر كبير. وبالمقارنة، فإن الولايات المتحدة هي من لعبت باستمرار على وتر تهديد الحرب وأعلنت سحبا مستعجلا لأفرادها من كييف في وقت مبكر من 14 فبراير.
ومن الناحية الاقتصادية، ظلت الصين أكبر شريك تجاري منفرد لأوكرانيا منذ عام 2019، وأوكرانيا هي واحدة من أهم مصادر واردات الصين من الحبوب. ونحو 30 في المائة من واردات الذرة الصينية في عام 2021 جاءت من أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، وكونها مركزا على خط السكك الحديدية السريعة بين الصين وأوروبا، تعتبر أوكرانيا أيضا جسرا يربط بين الصين وشركائها التجاريين الأوروبيين. وبصفتها مشاركا في مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، وقعت أوكرانيا اتفاقات للتعاون مع الصين في مجالات متعددة، بينها التمويل والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية. ومع وجود مصالح اقتصادية مهمة لها في أوكرانيا، لا رغبة للصين على الإطلاق في رؤية أي صراع في أوكرانيا.
وقفزت معظم تقارير وسائل الإعلام الغربية إلى استنتاج أن الصين وروسيا قد أقامتا تحالفا وثيقا يجعل شراكتهما الاستراتيجية "بلا حدود" كما هو معلن في بيانهما المشترك. غير أنها تجاهلت ببساطة الاعتبار الحقيقي وراء تلك الصياغة.
ووفقا للبيان المشترك، تركز هذه الشراكة بشكل رئيسي على قضايا التنمية والشواغل العالمية، دون أي ذكر للالتزامات العسكرية بأي شكل من الأشكال. في الواقع، "بلا حدود" لا تعني تحالفا عسكريا، بل تتعلق بثقة متبادلة رفيعة المستوى وتعاون متبادل المنفعة.
وعلى النقيض، من حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى التحالف الرباعي "كواد"، ومن شراكة "أوكوس" إلى التحالفات الثنائية، فإن الولايات المتحدة نفسها هي بطلة التحالفات أو التكتلات العسكرية. ويا لها من مفارقة عجيبة أن تتهم الولايات المتحدة الصين وروسيا بتشكيل تحالف عسكري، بالنظر إلى سجلها الحافل بالتوسع العسكري وتأجيج الصراعات في جميع أنحاء العالم!
تتمثل الأجندة الخفية وراء الدعاية الأمريكية الكاذبة في إثارة المشاعر المعادية للصين، وتشويه موقف الصين وجهودها المبذولة لتعزيز محادثات السلام، وتحويل انتباه العالم عن الدور الأمريكي القذر في الأزمة من خلال الضغط من أجل توسع "الناتو" المتهور والعنيد، والذي أدى في النهاية إلى الصراع الحالي. وحتى الآن، بذلت الولايات المتحدة كل ما في وسعها لتأجيج الصراع، من تقديم المساعدات العسكرية إلى استخدام عصا العقوبات، ولكن القليل جدا لتعزيز السلام.
بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون الأزمة الأوكرانية فرصة لتشويه سمعة الصين، لماذا لا يدخرون هذه الجهود لتهدئة الوضع وتعزيز السلام؟