قال واكجيرا توتوفا، أحد السكان المحليين في مدينة أديس آبابا عاصمة إثيوبيا، وهو ينظر إلى برجين توأم أيقونيين تم بنائهما على أرض كانت ذات يوم مهجورة ومليئة بالقمامة في الضواحي الجنوبية للمدينة، إن "الأمر كحلم حقا".
وأضاف توتوفا، وهو موظف حكومي يعيش في حي المبنى الذي يستضيف مقر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، "لم نتخيل أبدا أننا نرى مثل هذا المبنى الرائع في فترة قصيرة".
وشهد توتوفا التغيير الدراماتيكي من "لا شيء إلى شيء" في تنقلاته اليومية. وتم يوم الأربعاء الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع، التي بدأت بها شركة الصين لإنشاءات الهندسة المدنية في ديسمبر 2020.
وقال قاو جيا جيا، مدير مشروع فريق البناء، إنه منذ بداية المشروع، لم يأخذ سوى عدد قليل من العمال الصينيين البالغ عددهم 330 عاملا في الموقع إجازة. لقد اختاروا السباق مع الزمن على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 والصراع في شمال إثيوبيا قد جلبا تحديات لا يمكن التنبؤ بها لأعمال بناء المشروع.
وأضاف قاو "أشعر بشرف كبير لأننا أوفينا بالتزام الصين الرسمي".
-- تحديث نظام الصحة العامة الأفريقي
بالنسبة إلى إيونتو فيريدي، وهو مهندس إنشائي كبير كان يعمل مع أقرانه الصينيين في مشاريع كبرى أخرى، فإن المقر الجديد للمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها له آثار إيجابية متعددة.
وأشار فريدي إلى أن المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لعبت دورا حيويا خلال الجائحة على الرغم من أنها لم يكن لديها سوى مكتب صغير، موضحا أن "قدرتها وحجمها زادا بشكل كبير، الأمر الذي يتطلب مرفقا كاملا".
وبيّن توتوفا أن أصدقاءه وعائلته شعروا بسعادة غامرة عندما سمعوا أن مقر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها قد تم بناؤه.
وقال "كإثيوبي وأفريقي، كنت أخاف من الأمراض منذ أن كنت طفلا، لأن الملاريا، على سبيل المثال، أودت بحياة بعض أقاربي. في كل مرة نصاب فيها بمرض معد، لم نستطع تلقي العلاج في وقت مبكر مثل بقية العالم؛ عندما حدث تفشي، لم نستطع الحصول على لقاح في المقام الأول".
وقال أشاليو ووركو، وهو خبير صحي في مستشفى تيكور أنبيسا التخصصي في أديس آبابا، إن قدرة النظام الصحي المرن في الحفاظ على خدمات الرعاية الصحية الروتينية أثناء حالات الطوارئ الصحية العامة هي درس مهم علمته الجائحة للعالم.
وتشكل أفريقيا، التي يوجد بها أعلى كثافة للبلدان النامية، حلقة ضعيفة في نظام الصحة العامة العالمي. وابتليت أفريقيا بانتشار الملاريا والكوليرا والحمى الصفراء وغيرها من الأمراض المعدية على مدار السنة، مما يهدد بشكل خطير حياة وصحة الناس.
وقال ووركو إن المقر الجديد لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا سيساعد جميع الدول الأفريقية على تبادل البيانات والمعرفة والموارد البشرية والمختبرات وتنسيق الاستجابة المحتملة للأمراض المعدية.
ويعتقد بنيامين جودالباي، رئيس السياسة والدبلوماسية الصحية في المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أن المنشأة ستقوم بتحديث وكالة الرعاية الصحية الأفريقية.
وأشار إلى أن "أفريقيا في حاجة ماسة إلى تحسين نظام مكافحة الأمراض، حيث من المتوقع أن يؤدي الانتهاء في الوقت المناسب من مشروع المقر الجديد إلى ضخ الزخم الذي تشتد الحاجة إليه".
وقالت مونيك نسانزاباغانوا، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المشروع سيمكن المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها من لعب دورها التنسيقي بشكل أفضل، فضلا عن التعبئة وإدارة الطوارئ في مجال الصحة العامة، مضيفة أنه "مشروع ضخم؛ وأنه لأمر جدير بالثناء حقا أن تدعم الصين وكالتنا بهذه الطريقة".
-- المزيد من التعاون الصحي
وفقا للعديد من الخبراء المحليين، فإن استكمال مقر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التعاون الصحي بين أفريقيا والصين.
وأفاد كوستانتينوس بي تي.كوستانتينوس، أستاذ للسياسة العامة بجامعة أديس آبابا، إن أفريقيا لديها تاريخ طويل من الظروف الصحية السيئة والأنظمة الطبية الضعيفة، وأن التعامل مع الأمراض وضع عبئا ثقيلا على الحكومات وقيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للقارة على المدى الطويل بشكل شديد.
وقال إنه "لحسن الحظ، تساعد الصين أفريقيا على تحسين نظام الصحة العامة من خلال معاونتها في بناء مقر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها".
ويعود تاريخ التعاون بين الصين وأفريقيا في مجال الصحة العامة إلى عام 1963 عندما أرسلت الصين أول فريق طبي لها إلى الجزائر. ومنذ ذلك الحين، أُوفدت الفرق الطبية الصينية إلى مناطق مختلفة من الأراضي الأفريقية الشاسعة، لمكافحة الملاريا والكوليرا والإيبولا وغيرها من الأمراض المعدية الرئيسية جنبا إلى جنب مع الطاقم الطبي المحلي.
وقال قاو لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن شكل برجي مقر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها يشبه زوجا من الأيدي، وهو ما يجسد تماما شعار الوكالة، والذي يرمز إلى الوحدة والأخوة والقوة.
ولدى إشارته إلى أن الصينيين يقفون دائما إلى جانب الأفارقة، قال تيرونه زينا، سفير إثيوبيا السابق لدى الأمم المتحدة، إن "المشروع يبشر بمستقبل وردي للعلاقة بين أفريقيا والصين. وأنا أتطلع إلى مزيد من التعاون بين أفريقيا والصين في مجال الصحة العامة".