وسط احتجاج عالمي من أجل السلام، وضعت الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى في مواجهة مع المجتمع الدولي من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة.
وفي اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، حظي القرار الذي قدمته الإمارات للمجلس يوم الجمعة، بتأييد ساحق من 13 من أعضاء المجلس الـ15، مع امتناع بريطانيا عن التصويت، لتكون الولايات المتحدة العضو الوحيد الذي صوت ضده.
وفي الواقع، كونها عضواً دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرارين للأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية-الإسرائيلية. ففي 27 أكتوبر، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة"، ويحث على الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث صوتت 120 دولة لصالحه، في حين أن الولايات المتحدة صوتت أيضا ضده.
ومع استمرار الصراع المحتدم، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 17 ألف مدني بريء وتسبب في وضع إنساني مزري في غزة، فإن أي موقف ضد السلام غير مقبول وغير مسؤول.
إن السماح باستمرار الصراع، مع الإعراب عن القلق بشأن السلامة والاحتياجات الإنسانية للمدنيين في غزة، والدعوة إلى حماية النساء والأطفال، يكشف "المعايير المزدوجة" للولايات المتحدة.
وفي الوقت الحاضر، إن الوقف الفوري لإطلاق النار هو الأولوية المطلقة. بدون وقف شامل لإطلاق النار، فإن جهود المساعدات الإنسانية ستكون عديمة الجدوى. إن السماح باستمرار الصراع قد يؤدي في نهاية المطاف إلى كارثة تجتاح المنطقة بأكملها، فضلا عن أنه يضعف الآمال في التوصل إلى "حل الدولتين"، مما يؤدي إلى إغراق الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في حلقة مفرغة من الكراهية والتصادم.
وقد أجبر الوضع الحالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لحث مجلس الأمن على الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 50 عاما التي يتم فيها تفعيل هذه المادة، التي تنص على أنه يجوز للأمين العام إبلاغ المجلس بالقضايا التي يعتقد أنها تهدد السلام والأمن الدوليين.
وكونها قوى عظمى عالمية، يجب على الولايات المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها الواجبة وتنضم إلى أعضاء مجلس الأمن الآخرين في حشد كل الجهود لتحقيق هدف مشترك يتمثل في إخماد الصراع في غزة لإعطاء الشعب الفلسطيني أمل في البقاء والشرق الأوسط في السلام.