"لا يمكنك أن تتخيل ضغوط الحياة التي نواجهها الآن، إنها تشبه حبلا يضيق بشكل متزايد حول أعناقنا." هكذا قال الأمريكي كارل ويليت، معربا عن عدم رضاه بالظروف المعيشية التي عاشها في العام الماضي. فالارتفاع الحاد لكل من الديون الحكومية وأسعار السلع يحمل ويليت وغيره من الأمريكان العاديين أعباء اقتصادية ثقيلة.
فمباشرة بعد رأس السنة الجديدة، كانت البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية صادمة: حتى الثاني من يناير الحالي حسب التوقيت المحلي، تجاوز إجمالي الديون العامة للحكومة الفيدرالية الأمريكية 34 تريليون دولار للمرة الأولى. ولم تمض إلا ثلاثة أشهر والنصف بعد تجاوزه 33 تريليون دولار، وكان ذلك قبل الوقت الذي توقعه مكتب الميزانية في الكونغرس بخمس سنوات.
فماذا يعني هذا المبلغ المقدر 34 تريليون دولار؟ وفقا لإحصائيات الهيئات الأمريكية المعنية، إنه تجاوز 120% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، يعني أن كل أمريكي يتحمل ما لا يقل عن مائة ألف دولار من ديون حكومته. وإذا كان كل أسرة أمريكية تساهم ألف دولار شهريا، سيتم سداد هذه الديون بعد 22 عاما، الأمر الذي فرض ضغوطا هائلة لاقتصاد الولايات المتحدة ومجتمعها.
ومن وجهة نظر دولية، لكون أن الدولار يعتبر أهم عملة احتياطية وعملة تسوية في العالم، سيؤدي النمط الأمريكي المتمثل في "الإفراط في الاقتراض بدون قيود" إلى تقلبات في الأسواق المالية الدولية، وتأثيرات مضرة للاقتصاد العالمي. وقد حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قائلة إنه إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها، فهذا سيؤدي إلى عواقب فادحة، وستتعرض كل من الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي لصدمات شديدة.
وحسب استطلاع رأي أجرته قناة فوكس نيوز الأمريكية في نهاية عام 2023، يعتقد أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين المسجلين أن الاقتصاد الأمريكي ليس جيدا. ومن البديهي أن الكثير من التناقضات العميقة في الاقتصاد الأمريكي بعيدة عن الحل، مما أدى إلى تكرار أزمة الديون. هذا لا يجلب أخطارا كامنة واضطرابات للمجتمع الأمريكي فحسب، بل يجعل العالم يواجه المزيد من فترات عدم اليقين أيضا. من هو الأخطر للاقتصاد والأمن العالميين؟ يبدو أن الجواب واضح.