"سيارات اليوم  هي مثل أجهزة iPhone  على عجلات، تخيل سير ملايين السيارات صينية الصنع  على طرق الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم بجمع  بيانات ملايين الأمريكيين كل دقيقة وكل يوم ونقلها إلى بكين ......" من الصعب تصديق أن هذا الكلام المثير والسخيف قالته وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو.

التحقت ريموندو بجامعات مرموقة، وعملت في قطاع رأس المال المجازف، وشغلت منصب حاكم الولاية، فهل الإدلاء بمثل هذه التصريحات المثيرة يعد جهلا أو تجاهلا  لقواعد الاقتصاد والتجارة الدولية؟ 

الأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أن هذا الكلام السخيف ربما يمثل اعترافا بارتكاب واشنطن مخالفات أمنية بحق الدول الأخرى. وعلى ضوء هذا، تساءل متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "هل كلمات ريموندو تلمح إلى أن آيفون أو تسلا أو حتى بوينغ......ظلت تقوم بجمع البيانات السرية وإرسالها إلى الولايات المتحدة، وأنه يمكن إغلاقها أو إيقافها من قبل واشنطن في أي لحظة؟ "

كحدث مهم في صناعة السيارات الكهربائية، تجاوزت شركة السيارات الصينية BYD تسلا في الربع الرابع من العام الماضي في مبيعات السيارات الكهربائية الخالصة، محتلة المرتبة الأولى في العالم لأول مرةً، مما زاد من قلق و خوف ذوي المصالح في الولايات المتحدة، الذين رفعوا، بدلا من التركيز على تحسين التكنولوجيا وتعزيز القدرة التنافسية، عصا العقوبات والحواجز التجارية. ففي ديسمبر من العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أن السيارات الكهربائية المنتجة في الولايات المتحدة في عام 2024 لن تكون مؤهلة للحصول على إعفاء ضريبي إذا استخدمت وحدات بطاريات مصنعة ومجمعة في الصين وفي دول أخرى. وفي نهاية فبراير الماضي، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستجري ما يسمى ب "مراجعة مخاطر الأمن القومي" على السيارات المتصلة بالإنترنت والقادمة من الصين. ثم جاءت تصريحات ريموندو المثيرة والمضللة، في إطار محاولة الحكومة الأمريكية لتهيئة الرأي العام للمزيد من السياسات الحمائية.

كما جاءت إجراءات البيت الأبيض ضد السيارات الكهربائية الصينية وترويج ريموندو للتهديدات من السيارات الصينية، حسب بعض المختصين، للاستجابة لمطالب عمال هذا القطاع في بعض الولايات من أجل كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.

ورغم كل ما سبق، فإن الاقتصادات الوطنية اليوم مترابطة ومتداخلة، ومن المستحيل على الولايات المتحدة تطوير صناعة السيارات الكهربائية بمفردها وبمعزل عن الآخرين، تماما مثل أجهزة آيفون.