مقالة خاصة : قطاع التصنيع الصيني يبذل جهودا حثيثة للحفاظ على قدرته التنافسية وسط التحديات

في ظل التحديات الناجمة عن الجغرافيا السياسية والمنافسة العالمية، يقاوم قطاع التصنيع الصيني رياحا معاكسة من خلال إطار قوي لسلسلة التوريد وسياسات تحفز التقدم الصناعي.

وفي العام الفائت، أصبح تأثير الجغرافيا السياسية على سلسلة التوريد العالمية أكثر وضوحا بشكل متزايد. وأدت إعادة شركات التصنيع أعمالها إلى البلدان المتقدمة والتنمية الاقتصادية السريعة في بلدان ومناطق مثل المكسيك وجنوب شرقي آسيا، إلى تكثيف المنافسة بين مختلف الدول لجذب خطوط الإنتاج الصناعية إلى أراضيها.

ولا يمكن إنكار أن عمليات إنتاج بعض السلع كثيفة العمالة قد تحولت من الصين إلى دول أخرى. ومع ذلك، فإن اندماج الصين بعمق في سلسلة القيمة العالمية، جعل العديد من الشركات التي غادرت الصين ينتهي بها المطاف إلى العودة إليها، أو أنها لا تزال بحاجة إلى استيراد كمية كبيرة من المنتجات الوسيطة من الصين.

وفي هذا السياق، قال سونغ شي تشيوان، رئيس شركة يانتاي تايهو المحدودة للمواد المتقدمة، إنه لا يجب رؤية انتقال بعض الأجزاء من السلسلة الصناعية على أنه مؤشر لاتجاه عام، مشيرا إلى أن الصناعات في الصين تشهد حاليا تحولا وترقية وإعادة تشكيل لقدرتها التنافسية.

وأخذ سونغ صناعة النسيج الصينية مثلا، موضحا أنه مع مغادرة بعض الشركات العاملة البلاد، واصلت القيمة المضافة الإجمالية للصناعة نموها. وفي عام 2023، شكلت القدرة الإنتاجية للألياف العالية الأداء أكثر من ثلث الإجمالي العالمي، مع تسجيل زيادة بواقع 14.4 في المائة على أساس سنوي في حجم التصدير.

وفي الوقت نفسه، أنجز مصنع تسلا شانغهاي نسبة مكونات محلية الصنع بلغت أكثر من 95 في المائة، حيث أشاد سونغ قانغ، نائب مدير التصنيع في المصنع، بأن هذا وضع يتسم بالكسب المشترك لكل من تسلا ومورديها الصينيين.

وتمتلك الصين الآن جميع الفئات الصناعية في التصنيف الصناعي للأمم المتحدة، وقامت برعاية 12 ألف شركة "عملاقة صغيرة"، أكثر من 90 في المائة منها تقوم بالتوريد لشركات كبيرة مشهورة في الداخل والخارج. وفيما تمثل الشركات "العملاقة الصغيرة" النخب الجديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تتخصص في سوق متخصصة، وتضم أحدث التقنيات وتتمتع بإمكانات كبيرة.

وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن الصين تتصدر العالم من حيث إنتاج أكثر من 40 في المائة من 500 منتج صناعي رئيسي. وتمثل أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية والألواح الشمسية المصنعة في الصين أكثر من نصف الإنتاج العالمي.

وفي عام 2023، اقترب إجمالي الناتج الصناعي ذي القيمة المضافة للصين من 40 تريليون يوان (حوالي 5.57 تريليون دولار أمريكي)، وهو ما يمثل 31.7 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. واحتل حجم صناعتها التحويلية المرتبة الأولى في العالم لمدة 14 عاما متتاليا، وفقا لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية.

وأشار استطلاع ثقة الأعمال 2023/24 الذي نشرته "غرف التجارة الألمانية خارج جريتر تشاينا" إلى أن أكثر من نصف الشركات التي شملها الاستطلاع تخطط لزيادة استثمارها في الصين في العامين المقبلين، لافتا إلى أسباب مثل سلسلة التوريد السليمة والابتكار المعزز.

ويظهر تقرير عمل الحكومة لهذا العام، والذي تم تقديمه في الأسبوع الماضي إلى الدورة السنوية للهيئة التشريعية الوطنية للمداولة، أن صناع السياسة الصينيين ملتزمون بالحفاظ على الميزة التنافسية لنظام السلسلة الصناعية القوي في البلاد والصعود نحو التنمية المتوسطة إلى الراقية. فيما سلط التقرير الضوء على أهمية تحديث النظام الصناعي وتطوير القوى الإنتاجية الحديثة النوعية بوتيرة أسرع.

وقال التقرير إن الصين ستستفيد بشكل كامل من نقاط القوة في النظام الجديد لحشد الموارد على الصعيد الوطني لزيادة قدرة الابتكار في جميع المجالات.

وأشار التقرير إلى سلسلة من التدابير بما في ذلك "التخطيط للبحوث الأساسية بشكل منهجي" و "دعم الشركات ذات القوى المتميزة لريادة مشاريع البحث والتطوير الرئيسية"، لأجل المضي قدما بشكل أسرع تجاه تعزيز الاعتماد على الذات والقوة في العلوم والتكنولوجيا.

وقال مسؤول كبير من وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، إنه سيتم تسريع بذل الجهود لتوفير أحدث التقنيات وكذلك التقنيات شائعة الاستخدام ورعاية الشركات الرائدة وتعزيز النظام الإيكولوجي الصناعي. وبالنسبة للصناعات المستقبلية، سيكون التركيز على وضع أسس في مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي للاستخدام العام والروبوتات البشرية وواجهات الدماغ الحاسوبية. 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق