فتح معرض عن الحضارة المصرية القديمة أبوابه أمام الجمهور يوم الجمعة في بلدية شانغهاي شرقي الصين في إطار الجهود المبذولة لتعزيز جسور التواصل الثقافي بين الشعبين الصيني والمصري.
ويضم المعرض، الذي يُقام في الفترة ما بين يوليو 2024 وأغسطس 2025، ما يقرب من 800 قطعة أثرية تعود لعصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، 95 في المائة منها يُعرض لأول مرة في آسيا، ما يسلط الضوء على الحضارة المصرية القديمة وأحدث الاكتشافات الأثرية في مصر، وكذلك يعزز التبادل بين الحضارتين الصينية والمصرية.
ويُبرز المعرض عظمة الحضارة المصرية القديمة منذ نشأتها من فترة نقادة وعصور بداية الأسرات وحتي الدولة الحديثة، من خلال ثلاث قاعات عرض وهي "مملكة الفراعنة" و"أسرار سقارة" و"عصر توت عنخ آمون". كما يعرض بعض أوجه التشابه بين الحضارتين المصرية والصينية.
وقد تم اختيار القطع الأثرية من عدة متاحف مصرية، من بينها المتحف المصري ومتحف الأقصر، ذلك بالإضافة إلى قطع تُعرض لأول مرة من أحدث الاكتشافات الأثرية في منطقة سقارة، ونُقلت من مصر إلى شانغهاي من خلال رحلات جوية خاصة.
وقد قال الدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) في شانغهاي، إن "هذا المعرض هو ثمار جهود استمرت لمدة عام كامل"، مشيرا إلى أنه أول تعاون مباشر بين متحف شانغهاي في الصين والمجلس الأعلى للآثار في مصر.
وأكد أن المعرض لا يقام بهدف الترويج لمصر فحسب، بل هو أيضا دعوة للصينيين لمعرفة نبذة بسيطة عن الحضارة المصرية العريقة، لافتا إلى أن القطع الأثرية المعروضة ليست سوى مجموعة صغيرة مما تحتويه المتاحف والمناطق الأثرية المصرية.
وفيما يتعلق باختيار شانغهاي لتكون محطة لهذا المعرض، ذكر إسماعيل أن هذه المدينة تعد سوقا مثالية لجذب المزيد من الناس وتعريفهم بالحضارة المصرية، ويرجع ذلك إلى كونها منطقة جاذبة للكثير من الزائرين من المناطق المحيطة. وأضاف أن متحف شانغهاي متحف كبير ولديه القدرة على استقبال هذا النوع من المعارض، ما يُحقق أحد أهداف إقامة هذا المعرض، وهو تنشيط السياحة الثقافية لزيارة مصر.
وفي حديثه عن الاعتبارات التي اتخذها المنظمون في اختيار القطع الأثرية المعروضة في هذا المعرض، قال إن اختيار القطع كان بناء على 3 موضوعات أساسية، وهي الملكية في مصر القديمة والحياة اليومية والمعتقدات الدينية، مشيرا إلى أن اختيار القطع الأثرية المعروضة في المعارض الخارجية يقوم على أساس موضوع المعرض "فعلى سبيل المثال، إذا كان الموضوع خاصا بالديانة المصرية القديمة، يتم اختيار مجموعة من المعبودات والتماثيل الخاصة بها من جميع المتاحف المصرية لعرضها كمجموعة متكاملة".
كانت إحدى هذه القطع عبارة عن تمثال لأخناتون مصنوع من الحجر الرملي ويبلغ ارتفاعه 239 سم، يعود تاريخه إلى الفترة من 1550 إلى 1295 قبل الميلاد. ويُعد هذا التمثال فريدا من نوعه.
وتتعاون الحكومتان المصرية والصينية منذ سنوات في مجال الثقافة والآثار، ما يعكس مدى العلاقة الوطيدة بين البلدين، حسبما ذكر إسماعيل. وأكد "في المستقبل، سنقوم بأكثر من بعثة أثرية بالتعاون مع الصين".
ومن جانبه، قال مدير المتحف المصري بالقاهرة الدكتور علي عبد الحليم لـ((شينخوا)) في شانغهاي إن هناك أوجه تشابه بين الحضارة المصرية والحضارة الصينية، مضيفا "كما نقول دائما إذا أهدت الحضارة المصرية العالم القديم البردي كوسيلة للكتابة، فإن الحضارة الصينية أهدت العالم كله الورق".
وأردف "لاحظت أنه تم عرض مجموعة من القطع الأثرية الصينية بجوار قطع أثرية مصرية شبيهة بها، على سبيل المثال المرآة".
وسلط الضوء على أن الصين ومصر تربطهما علاقات وثيقة ليس في المجال الثقافي فحسب، بل أيضا في المجال الاقتصادي والسياسي.
وأشاد عبد الحليم أيضا بالتقنيات المستخدمة في إحياء الحضارة المصرية، مشيرا إلى أنها تُقرب الفكرة للزائر.
وحول فكرة مقترحة لإقامة معرض للقطع الأثرية الصينية في مصر، قال إنها فكرة جيدة جدا، لافتا إلى أن هناك قاعات عرض مؤقتة في المتحف المصري، يمكن استخدامها لعرض مجموعة من الأثار الصينية.
واختتم قائلا "أتمني أن يكون هناك توجه لدراسة علم المصريات في الصين ما ينتج عنه أن يعمل الصينيون (على المزيد من) الحفريات في مصر".
ومن جهته، أكد مدير متحف شانغهاي تشو شياو بوه أن مؤسسات الآثار الثقافية الصينية والمصرية ستعمل معا لتعزيز وإصدار خطط ورؤى جديدة لعلم الآثار المشترك.
وقالت يان هاى ينغ، خبيرة علم المصريات في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إن التخطيط المستقل الذي قام به متحف شانغهاي والمجلس الأعلى للآثار بمصر هو أكبر ميزة لهذا المعرض، مضيفة "لدينا فكرة، وهي تقديم مقدمة منهجية وشاملة لأولئك الذين يحبون الثقافة المصرية. وبناء على هذه الفكرة، قمنا باختيار تلك القطع".
ومن ناحية أخرى، أشار شيويه جيانغ، الباحث في معهد تاريخ الفن العالمي بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إلى أن "مشاركة الصين العميقة في مشروع سقارة الأثري المشهور عالميا تحمل بلا شك أهمية كبيرة".
يلعب هذا المعرض دورا كبيرا في تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين ومصر، ويجسد صورة من صور التعاون الآخذ في الازدهار على جميع الأصعدة بين شعبي البلدين علاوة على الصداقة العريقة التي تجمع بينهما، ويمكن من خلاله رؤية كيف تعُزز كل من الحضارتين المصرية والصينية جمال الأخرى.