CRI Online

حنجرة هوغجيلتو تحيي هومي المنغولي

cri       (GMT+08:00) 2015-09-10 15:20:22


السيد هوغجيلتو، البالغ من العمر أربعة وخمسين عاما، مطرب من قومية منغوليا الصينية. شاءت الأقدار أن تتاح له فرصة تعلم أصول أسلوب الغناء المنغولي المعروف باسم "هومي"، ليصبح لاحقا داعيا وناشرا قويا لهذا التراث الثقافي الخاص بالقومية التي ينتمي إليها. شاركت فرقة الصوت الأزرق التي أسسها في الحفل الختامي للدورة الرابعة لمهرجان آسيا للفنون، والدورة الرابعة للمهرجان العالمي لغناء الكورال، وغيرهما من الحفلات الموسيقية العالمية. في عام 2009، شاركت فرقته أيضا في مهرجان ومسابقة غناء هومي في أولان باتور عاصمة جمهورية منغوليا، وفازت بالجائزة الثالثة. ونال هوغجيلتوتكريما خاصا من حكومة جمهورية منغوليا تقديرا لمساهماته في تطوير تراث وفنون وثقافة قوميته. في عام 2013، أدرجت السلطات الصينية هوغجيلتوكوريث لهذا التراث الثقافي في قائمة ورثة التراث الثقافي غير المادي بالصين.

هومي، وهو الغناء بصوت صادر من الحنجرة، فن صوتي يغني فيه المطرب من نغمتين إلى ست نغمات منفردة، في أداء يعتبر نادرا. هذا الفن يطلق عليه مجازا لقب "الأحفورة الحية للموسيقى الشعبية المنغولية"، ويحظى بالإشادة كونه واحدا من "الكنوز الثلاثة للمروج"، والآخران هما، الأغنية الطويلة "أورتين دوو" وكمان رأس الحصان "مورين خور". هوغجيلتو، رئيس جمعية فن هومي في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، واحد من أشهر مطربي هذا الفن التقليدي في الصين. قال إن هذا الصوت الغنائي المنطلق من الحنجرة، هو تكريم لأسلاف المنغوليين وتاريخهم. وأضاف بفخر: "نغمة هذا النوع من الغناء، يمكن أن تنطلق في جزء من الثانية، من أعلى قمة جبل إلى أسفل وادٍ، ثم ترتفع بنفس السرعة وبشكل قوي مرة أخرى". هوغجيلتو، كان في السابق يؤدي الصوت الجهير(العميق)، بطبقاته المرتفعة والمنخفضة، في فرقة منغوليا الداخلية للفنون. وقد عمل فيها لمدة ثمانية عشر عاما، قبل أن عرف موسيقى هومي. في عام 1996، توجه مع مجموعة من الفنانين المنغوليين الشبان ضمن جوقة موسيقية إلى مدينة سيدني الأسترالية، للمشاركة في الدورة الرابعة للمهرجان الموسيقي العالمي للفرق الموسيقية. وفي ندوة حول الموسيقى المنغولية، زعم أحد المتحدثين أن أيقونتي الموسيقى المنغولية هما، الأغنية الطويلة، وكذلك رأس الحصان. إلا أن أحد الحضور دحض ذلك الإدعاء فورا بقوله: "لا، هناك فن أكثر شهرة من ذلك، هو غناء هومي"، وقدم نبذة موجزة عنه على الفور. وقد أثرت هذه الحادثة على هوغجيلتو وأثارت إعجابه، وقال: "لم أكن أدرك حتى تلك اللحظة أن غناء هومي، هو كنز شعبي معروف في جميع أنحاء العالم. كم كان ذلك رائعا!".

بعد عودته للصين، طفق هوغجيلتو يجمع المواد والنصوص المتعلق بفن هومي، وأجرى بحوثا مطولة. حاول تعليم نفسه الجوانب الفنية لهذا النوع من الغناء، ولكن بعد بضع سنوات، لم يحقق التقدم الملموس الذي ينشده. يعود تاريخ غناء هومي إلى أكثر من ألفين وستمائة سنة، وهو أسلوب يشمل فنون أداء معقدة وصعبة، ينتج عنها نوعان مميزان من الصوت في آن واحد، عن طريق التنسيق بين الحبال الصوتية والأنف وتجاويف الفم، ولا توجد وسيلة لإتقان هذا النوع إلا بالتدريب الشاق. في عام 1999، أطلق المعلم الكبير لفن هومي المنغولي أودسورن باتار دورة تدريبة لمدة أربع سنوات في منغوليا الداخلية، انتظم فيها هوغجيلتو. وفي عامه التاسع والثلاثين، وهو السن الذي يعتبر أبعد ما يكون عن سن بداية تعلم الفن، كان هوغجيلتو، متعلما نموذجيا، وسرعان ما أثبت أنه الأكثر جدية وتميزا بين الدارسين. وقد توّجت جهوده بحصوله على أعلى الدرجات في نهاية الدورة، مما دفع المعلم أودسورين إلى الاعتراف بأنه كان الدارس الأفضل في منغوليا الداخلية، وأن مستقبلا واعدا ينتظره في هذا المجال.

صعود وهبوط!

تغلب هوغجيلتو على العديد من الصعاب والحوادث في سياق تعلمه لأصول غناء هومي. أولها، كان فقدانه لصوته، وحدثنا عن ذلك قائلا: "انتكس صوتي بعد بدء الدراسة بفترة بسيطة. كان السبب، حسب قول أستاذي، طريقتي الخاطئة في ممارسة الغناء." وكان هوغجيلتو قلقا حول هذا الموضوع، كما أنه سمع شائعات حول هومي بأنه مدمر للحبال الصوتية، وأن الجهود الفاشلة في تعلمه قد تؤدي إلى تدمير أي فرصة في تعلم وأداء أي نوع آخر من الغناء. وقضى هوغجيلتو فترة من الوقت في التفكير والمناقشة فيما إذا كان ينبغي له مواصلة تعلم هومي. وقال إنه قرر في نهاية المطاف عدم التخلي عن تعلم هذا الفن، واستأنف التدريب بعد أن استعاد صوته مجددا. أضاف: "أثبتت تجربتي أن المطربين يستطيعون السيطرة على نغمات هومي والتحكم فيها. في الحقيقة فإن لي مزيتين لمواصلة مشوار التعلم: تجربتي في الموسيقى الصوتية مكنتني من التحكم في أنفاسي بسهولة، وكمطرب، لدي صوت قوي عميق وشجي". قدم هوغجيلتو أول عرض غنائي له في فن هومي بعد أربع سنوات من دراسته، وكان ذلك خلال الاحتفال برأس السنة الصينية الجديدة عام 2002 في منغوليا الداخلية. وكان أول ظهور له حافلا بالأحداث والنجاح بحيث أنه لا يزال يتذكر كل تفاصيله.

في ذلك الوقت، وصلته دعوة مدير المهرجان قبل أسبوع فقط من الحفل. لذا، لم يكن هوغجيلتو مستعدا تماما للحاق بالمشاركة. ولكنه كان يدرك أنها الفرصة التي ستضعه على الطريق. كان يعي أنه يحتاج إلى أداء أغنية جديدة، فطلب المساعدة من سي انخبايار، وهو شاعر غنائي من منغوليا الداخلية درس في منغوليا ولديه بحوث في غناء هومي. وقد تحمس انخبايار لهذه الفكرة بشدة، وخلال ثلاثة أيام أصبحت أغنية "المُهر السماوي" جاهزة. يقال إن الأشياء الجيدة لا تأتي بسهولة، ربما ذلك القول صحيح، ولكن، بمجرد أن تُحل المشكلة الأولى، تنبثق أخرى. قال هوغجيلتو: "في يوم تسجيل الحفل، تحدد تقديم عرض لفرقتي الموسيقية على مسرح فندق في منغوليا الداخلية، وقد طلبت الإذن بالمغادرة، غير أن مدير الفرقة رفض السماح لي بذلك، قائلا، إنها حفلة هامة للغاية. لذلك، اضطررت للتوجه إلى موقع التسجيل بأسرع وقت ممكن بعد الانتهاء من حفل الفندق. كان الثلج يتساقط بغزارة في تلك الليلة، وبينما أنا أقود دراجتي للوصول إلى أستوديو التسجيل، سقطت من الدراجة فأصيب أنفي. وأخيرا وصلت للأستوديو قبل خمس دقائق من الموعد النهائي المسموح به للتسجيل. ومع انطلاق التصفيق الحاد في القاعة بعد الانتهاء من تسجيل أغنيتي، تملكتني عواطف ومشاعر جياشة أنستني كل الصعوبات، وشعرت أنني أقطف ثمار جهدي وتعبي وأنني حصلت على الاعتراف الرسمي بموهبتي وفني بعد سنين من الكفاح.

في عام 2002، تسلم هوغجيلتو شهادة رسمية باعتماده كمطرب محترف لفن غناء هومي، من قبل الجمعية المنغولية العالمية لفن هومي، وهو أول إنجاز من نوعه في الصين.


1 2
أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي