فن خيال الظل الصيني

إن عرض فن خيال الظل يتم عرضه من خلال تحريك عرائس الظل بعصا وراء ستارة رقيقة بعد إطفاء النور في قاعة العرض وتسليطه على الدمى بحيث تبدو ظلالها على الستارة المواجهة للمتفرجين، وقد انتشر هذا الفن في جميع محافظات ومناطق البلاد، وبسبب وجود خلافات في الأنغام والألحان في مختلف المناطق، تشكلت أوبرا خيال الظل بشكل متنوع. ولم يتأكد من موعد ظهور أوبرا خيال الظل بعد، حيث أشارت "سجلات دونغجينغ" الذي ألفها منغ يوان لاو خلال عهد أسرة سونغ الجنوبية الملكية، إلى أن أوبرا خيال الظل أصبحت ناضجة وشائعة خلال عهد أسرة سونغ الملكية، حيث وصل عدد فنانيها إلى تسعة أشخاص في مدينة دونغجينغ، ومنهم دونغ شي وو وتشاو تشي وتساو باو يى. وأظهرت لوحة "فن خيال الظل" على جدران معبد يانشان ببلدة فانتشى بمقاطعة شنشي التي يعود تاريخها إلى عهد أسرة جين الملكية، أظهرت إقبال عروض خيال الظل في شنشي في ذلك الوقت.

وبعد مرحلة تطور في عهد أسر سونغ وجين ويوان ومينغ الملكية، شهدت أوبرا خيال الظل ازدهارا في كل أرجاء البلاد خلال عهد أسرة تشينغ الملكية. وتتنوع أوبرا خيال الظل، ويتجسد الفرق الرئيسي بينها في الأنغام والألحان والتمثيليات، أما صناعة عرائس الظل ومهارة الأداء، فتكون مماثلة. وصنع الحرفيون الشعبيون أدوات الديكور لمسرحية عرائس الظل بالنقش على جلود الأبقار والحمير والأغنام والرسم الملون عليها، لذلك يسمى هذا نوع من الفن فن الظل على الجلد. وتشمل عرائس خيال الظل الرأس والجسم والأطراف الأربعة، وترتدي العروس ملابس ملونة وجميلة. وخلال عروض عرائس خيال الظل، يوضع الرأس والأطراف الأربعة في جسمها، ويتم فيه تركيب العصا في الجسم واليدين لتحريكها. وبالإضافة إلى الشخصيات، من الضروري إعداد ونقش الأدوات المسرحية مثل الطاولة والكرسي والمناظر الاصطناعية.

وتعد نافذة خيال الظل أهم الأدوات المسرحية، وعلى العموم، يصل طولها إلى متر واحد وعرضها 1.7 مترا تقريبا، ولا يتجاوز طولها 1.3 مترا وعرضها مترين على الأكثر، وتتخذ الورقة البيضاء كشاشة، ومن السهل على شخص واحد تشغيلها. ومن الضروري أيضا إعداد مصباح الزيت لتسليط الأضواء على الستارة. ويعد فن خيال الظل من أهم الفنون التقليدية الشعبية في الصين، وبسبب تطور الفن السينمائي والتلفزيوني الحديث خلال السنوات الأخيرة، انخفض تدريجيا عدد المتفرجين لعرائس خيال الظل، وذلك ما يهدد تمثيليات خيال الظل بالاندثار، وهو ما يتطلب حاجة ملحة لإنقاذها وحمايتها.

إن فن خيال ظل تانغشان معروف أيضا بخيال ظل لوانتشو، ولهتينغ، وجلد الحمار، ويعد أكثر الأنواع تأثيرا في الصين. ويعتقد الناس أن فن خيال ظل لوانتشو ظهر في أواخر عهد أسرة مينغ الملكية، وشهد ازدهارا خلال أواخر فترة أسرة تشينغ الملكية إلى مطلع جمهورية الصين، ويرجع تاريخه إلى ما قبل 400 سنة. يقوم فنانان رئيسيان بتحريك عرائس خيال الظل في مدينة تانغشان، وهناك ثلاثة عصى لتحريك العرائس، وتسمى ب"العصا الرئيسي" والعصا اليدوي". وتحتاج عروض خيال الظل في مدينة تانغشان إلى التعاون الجيد بين المحترفين الحاملين بمهارات مختلفة.

تجدر الإشارة إلى أن تمثيليات خيال الظل في مدينة تانغشان وصلت إلى 500 على الأقل، وتجاوزت "مجموعة المسرحيات" 130، بالإضافة إلى الكثير من المسرحيات المنفردة. ويتم تأليف مسرحيات خيال الظل باستخدام قواعد النظم المختلفة والمتنوعة مثل "المقاطع الصينية السبع، والعشر والخمس" و"دا جين بيان" و"شياو جين بيان"، للحفاظ على التناظر بين كلمات الغناء.

والجدير بالذكر أن تمثيليات خيال ظل تانغشان تتخذ لهجة لهتينغ كأساس، وتتميز بمهارة رائعة في الغناء والأسلوب الفريد في الأداء. ويمكن أداء تمثيليات خيال الظل باستخدام الأنغام الهادئة أو الحزينة أو أنغام يانغيون أو خهدونغ وغيرها. ويحتاج صنع عرائس خيال الظل إلى عدة إجراءات، منها تنظيف الجلد وتجفيفه ليصبح شفافا، ثم ترسم عليه صور العرائس المختلفة الأشكال، ويتم تركيب الأجزاء المختلفة باستخدام المسامير. وتجدر الإشارة إلى أن النقش وطلاء العرائس عكسا مستوى الحرفيين بصورة واضحة.

وتتألف شخصيات مسرحيات خيال الظل من خمس فئات، وهم باللغه الصينية : شنغ ودان وجينغ وموه وتشو. تمثل مسرحيات خيال الظل أهم المعلومات حول العادات الاجتماعية المحلية والفلسفة الدينية. ولم يتوقف المحترفون عبر الأجيال عن تحسين وإبداع أساليب الغناء والأداء ومواد الأدوات المسرحية، وتعتبر الخبرات القديمة كنزا ثمينا للناس في الحاضر والمستقبل. وما زال فن خيال ظل تانغشان متوارث شفويا من جيل إلى آخر، مما يوفر وسيلة إبداعية للحفاظ على الثقافة التقليدية. وتتميز تمثيليات خيال ظل تانغشان بالخصائص المحلية الفريدة في الغناء والموسيقى والأداء، ولقيت ترحيبا حارا لدى المحترفيين الصينيين والأجانب والمتفرجين، وتتمتع بقيمة كبيرة للمشاهدة والدراسة والبحوث. لكن الذين يتمكنون حاليا من تأليف مسرحيات خيال الظل هذه، لا يتجاوز عددهم عشرة أشخاص، حيث أصبح المحترفون من المسنين، ولم يجدوا شخصا مناسبا لتوريث هذا الفن، وفي الوقت نفسه، أصبح عدد المتفرجين في تناقص تدريجي، ولذلك، يكون فن خيال ظل تانغشان مهددا بخطر الاندثار.